22 ديسمبر، 2024 3:41 م

الخدمة الالزامية نسف للديمقراطية

الخدمة الالزامية نسف للديمقراطية

إستأثروا بفيئنا وجعلوه دولة بين الأغنياءصدرت مكرمة من رئاسة الوزراء، بتشكيل لجنة، خاصة.. تعنى بتسهيل الإجراءات، على المواطن، عند مراجعته دائرة، لترويج معاملة بسيطة!
أي إنهيار مريع، هذا، في بنية الدولة، أن تتحكم إرادات شخصية، بمجريات العمل، في الدوائر، بقصد تعقيدها على المواطن؛ كي يلجأ للرشوى والدفع للمعقبين التابعين لمدير عام الدائرة، وبالتالي تصب تلك الاموال في حساب شخصي لوزير تعهد بتمويل نشاطات حزبه من الوزارة، و… ما يعكر صفنة الهدوء في ظل الدولة (!؟)
الاحزاب تمول برامجها، من ضلع المواطن، كل يحلب الوزارات الممنوحة له، بموجب المحاصصة، ويوقع مشاريع لصرف الميزانيات من دون تنفيذ؛ بغية الاستحواذ على تخصيصاتها، على شكل مبالغ ترصد للحزب! فضلا عما تتقاضاه الوزارة من مراجعي دوائرها؛ بإفتعال زحام يرعب المراجع ويجعله يدفع للمعقب او الموظف ما يدعم انشطة الحزب!
طيب.. هذا يعد فسادا، لكن ثمة احزاب تذهب ابعد من ذلك، لاوية ذراع الدولة، بأحد أمرين، اما إستفزاز دولة.. إقليمية غالبا، ووضعها على حافة الحرب! او إثارة إحتقان طائفي، ممكن ان يتسبب بنزاع داخلي، يتحول الى قتال أهلي..
إذن ثمة اساليب متعددة، لدى الاحزاب في إستلاب الدولة، مالا لأعضائها، ولخزينة الحزب المركزية.. معا، وكلها تستنزف الميزانية، حائلة دون إستقرار الموازنة! مشتغلين لأنفسهم، ضد مصلحة الشعب، ولا يكتفون بذلك، إنما يسرقون ما في جيبه، ويصادروا ماله وحريته وإنسانيته، ويطبقون الخناق حول عنقه.
وهذا هو خطأ تشكيلة السلطة القائمة حاليا، تجرد المواطن من الامال المستقبلية؛ بعد ان إنهار حاضره؛ ما يجعله على أهبة الانقضاض عليها، تحت هاجس الحكمة الهتلرية: “لا تستفز رجلا ليس لديه ما يخسره” بينما يرى توينبي، في كتابه دراسة التاريخ.. او فلسفة التاريخ او تاريخ العالم.. لا اتذكر ايهم؛ لأنني قرأتهم بالتوالي، في وجبة واحدة وزمن قياسي: “تضعف الحضارة وتتفسخ وتنحل؛ نتيجة تغير فلسفة الفئة الحاكمة، من خدمة المصلحة العامة الى الخاصة”.
على الحكومة ان تحذر مما جرت يداها التي اوصلت الشعب الى يأس مطبق، يسفر عن هستيريا في التظاهر واعتصام من شأنه ان يتحول الى انتفاضة تقتحم الاسوار وتسحل ما تطاله الحبال، ممن يتموضعون خلف متاريس، تتقشر، مثل بيضة لن تحمي هشاشتها، بعد ان وقف الجيش على الحياد، في نوع من تطهر؛ تكفيرا عن خطاياه الآثمة.. التي سبق ان دنس تاريخه بها، ومنها قتاله ضد الكرد، في الشمال، وثورته على الملكية في 14 تموز 1958، وحربه غير المبررة ضد ايران، وغزوه الكويت، وقمعه إنتفاضة آذار 1991 بأبشع طرق الفظاعة غير اللائقة برجولة فرسان.
لذا يعد موقف الجيش، المتعاون مع الانتفاضة، بارقة تفاؤل، اتمنى على قياداته تكرسيها، وعلى قيادات التظاهرة توظيفها للإقتراب من خلق جيش وطني، ذي تقاليد لائقة بأخلاق العسكر، لا يتبع أفراد، كما كان عليه سابقا، بل يتعاون مع الشعب في لملمة العملية السياسية، التي تشظت، بحاجة لبطل قومي.. نظيف اليد والعقل والنوايا، ينظم التظاهرات، ويسير بالاعتصامات الى فعل ناجز، حتى لو استوجب “سلت” المسؤولين من كراسيهم.. واحدا واحدا.. واستبدال الفاسد بنزيه، والامي بمتعلم، والمشكوك بولائه بمحسوم الولاء.. صافي النية والفعل.
لم يبقَ في القوس منزع؛ عندما بت تسهيل ترويج المعاملات في الدوائر، مكرمة من رئاسة الوزراء، على طريقة صدام حسين، الذي شعرنا بوجوده ان تنفس الهواء مكرمة، وانه قد يطلب “ضريبة نفس” على كل مواطن تستنشق رئتاه هواء الوطن، ومن شاء عدم الدفع، يمكنه الا يتنفس.. إنه حر غير مجبور مخير لا مسير، وفق نظام البعث الصدامي، وهؤلاء الان في المنطقة الخضراء، سيقدمون على ما هو اشد ابتزازا للفرد والمجتمع، وقد بانت ملامح نسفهم الديمقراطية، بإقرار قانون الخدمة الالزامية، الذي يعد حركة هوجاء من جاهل لايعرف ما يقدم عليه، او عقوبة للجيل الذي اعترض على فسادهم!
فلا تصح ديمقراطية مع إلزام، ولا إلزام ديمقراطي، إنه نسف لما تحقق في 9 نيسان 2003.