23 ديسمبر، 2024 12:02 م

الخدمة الالزامية تهيئ رجال الصبر وتقضي على الطائفية 

الخدمة الالزامية تهيئ رجال الصبر وتقضي على الطائفية 

منذ تأسيس الجيش العراقي عام 1921 وتشكيل أول فوج هو (فوج موسى الكاظم ) كان لهذا الجيش دوراً بارزاً في الحفاظ على الروح الوطنية المستمدة من أصالة تاريخ العراق العظيم وحضارته ولقد أثبت هذا الجيش الشجاع انه أصيلاً في هذه التربة المباركة وأستمد من هذا الشعب العظيم أسباب الديمومة والنماء وارتوت أرضه بدماء الشهداء الطاهرة حتى استوى صلب العود صادق العزيمة ,وقد كان وفياً لشعبه وأمته كل الوفاء . فلم يبخل بدمه الزكي ولم يتردد بالتضحية والفداء حين هتف به الواجب المقدس.واليوم ونحن نمر بأصعب الظروف التي مرت بهذا الجيش الذي كان له مواقف بطولية
 شجاعة شهد بها الأعداء قبل الأصدقاء , لذلك فمن واجبنا الأخلاقي والمهني أن نسلط الضوء على كل الجوانب المحيطة بهذا الجيش لأننا بأمس الحاجة له في هذا الوقت العصيب لكي نعبر المحنة ونتجاوز الصعاب لما يمر به العراق من تحولات ومؤامرات تحاك له من قبل أبشع هجمة عصفت به منذ احتلال العراق وحتى الآن . فما الذي حدث  وما الذي أصاب هذه المؤسسة العظيمة من تصدع وانهيار وما الذي أدى بها إلى هذا الحال , ونحن نرى سقوط العديد من مدن ومحافظات العراق العزيز واحدة تلو الأخرى . هل كانت خيانة  أم إن الجيش الذي بني تحت ظرف الاحتلال الأمريكي لم يكن جيشاً
 عقائدياً بسبب إلغاء خدمة العلم التي كانت في السابق واجب وطني لكل شخص مهما كانت قوميته أو انتمائه العقائدي . لذا كان للجيش العراقي دور بارز على مستوى الوطن العربي أو حتى على مستوى العالم فقد صنف هذا الجيش بعد حرب ألثمان سنوات على انه الرابع عالمياً لما يمتلكه من خبرة وانضباط مكنته الى الارتقاء بهذا المستوى الرفيع من جيوش العالم . لكن قرار الحاكم المدني الأمريكي للعراق ( بول بريمر ) بحل الجيش العراقي السابق وتشكيل جيش جديد وإلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية كان له الأثر السلبي في أمن واستقرار العراق وهذا ما نلاحظه اليوم . نحن لا نريد
 أن نزايد على حساب هذا أو ذاك ولكن مصلحة العراق فوق كل الاعتبارات لذا أصبح من الضروري أن نجد الحلول كل حسب دوره فمن واجبنا الوطني وشعورنا بالمسؤولية تجاه وطننا العزيز أن نبحث عن الحلول ومناقشة النتائج لان اغلب دول العالم ان لم يكن لها جيش قوي وفعال ستكون لقمة سائغة بيد الأعداء . فلا هيبة للأمة إلا بالقوة ولا مجال للضعيف في المجتمع الحالي الذي نعيشه اليوم . لذا سنتحدث بهذا التحقيق عن الجانب العقائدي  والنفسي والديني والاجتماعي  وحتى التربوي للخدمة العسكرية الإلزامية والتي أصبحت الحاجة ملحة لها أكثر من أي وقت مضى . فقد بدأنا الحديث
 مع العميد الركن المتقاعد (علي حسين سهيل ) حول انطباعه عن الخدمة الإلزامية للجيش فأجاب : أن الخدمة العسكرية تصنع الرجال كما إنها تعلم الصبر والاعتماد على النفس وتنمي روح التضحية والفداء والتفاني من اجل تربة ارض الوطن وهي حقاً تصنع رجال يحتاجهم البلد في وقت الحرب فأنا أرى من الضرورة النظر في إعادة هذا القانون . أما الدكتور (فؤاد فريح ) أستاذ علم النفس فقد أدلى بدلوه حول هذا الموضوع حيث قال : إن النفس البشرية لابد أن تمر بعدة مراحل وخصوصاً الرجال ومن هذه المراحل الشعور بالمسؤولية فالفرد لايشعر بالمسؤولية إلا إذا انيطت له وظيفة معينة
 فخدمة العلم مثلاً شعور كاف لأي فرد. كما وتعلمه أيضا مواجه الحياة الصعبة في المستقبل . أما من الجانب الديني فكان رأي أغلب رجال الدين واضح وصريح حول هذا الموضوع حيث قالوا إن الدين الإسلامي يأمرنا أن نكون مستعدين للدفاع عن ديننا من أي خطر وهذا لا يكون إلا بتحشيد طاقات الشباب وتضافر جهود الخيرين من اجل الحد من خطر المؤامرات فالقران الكريم يقول ( وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة ) أي الإعداد لأي خطر يتربص بأمتنا الإسلامية كما إن نظام الجند منذ التاريخ الإسلامي القديم موجود عبر الكثير من الفتوحات الإسلامية . أما من الجانب الاجتماعي فتقول
 الدكتورة ميادة أستاذة علم الاجتماع إن الخدمة العسكرية لو أعيد النظر بها جيداً ستكون لها دور فعال ليس فقط في حماية العراق وحسب وإنما تنمي روح التآخي بين أفراد الشعب كما ويمكن أن تساهم في القضاء على البطالة والطائفية في نفس الوقت لان الكل سيكون تحت علم واحد وشعور واحد تربطهم روابط اجتماعية ومصيرية واحدة إلا وهي حب الوطن والتضحية من اجله . أما على الصعيد التربوي فكان لأهل الاختصاص رأي حول هذا الموضوع من بينهم المشرف التربوي الأستاذ ( صادق عبد الله ) حيث قال : الخدمة العسكرية تصنع الرجال وتقضي على حالة الميوعة المنتشرة في بعض شباب
 هذا اليوم لأنها تعلمهم معنى الرجولة الحقيقية من خلال التدريب والاستيقاظ المبكر والصبر وحمل السلاح كما وإنها ستكون حافز اكبر لدى الطلاب كي يهتموا بدراستهم وعدم إهمالها لأنه وكما نعرف في السابق أن الخدمة العسكرية تكون مدتها لخريج الدراسة سنة ونصف وثلاث سنوات لمن لم يكمل الدراسة فكان هذا يعطي دافعاً لكي يكمل الطالب مسيرته الدراسية  وعدم التسيب من المدرسة . فبالرغم من كل هذا ولكي نكون منصفين لابد من تسليط الضوء أكثر عن هذا الموضوع كي نبصر بالحلول المنطقية و الواقعية على الكثير من الجوانب من خلال الرأي والرأي الآخر, فكان رأي بعض
 طلبة الجامعات بخصوص هذا الموضوع إن الخدمة العسكرية غير منطقية حسب قولهم لان ليس كل الشباب لهم الرغبة في العمل العسكري وإنها شيء يفرض عليهم بالإكراه وهذا ليس إنصافا فنحن نحلم بيوم التخرج والعمل بوظائف ضمن اختصاصاتنا لا أن نساق إلى مراكز التدريب العسكري الشاق كما في السابق , أما أصحاب المهن الخاصة الذين لم يحالفهم الحظ في إكمال مشوارهم الدراسي كان لهم وجهة نظر أخرى حول هذا الموضوع فيقول بعض الشباب العاملين في ورش مختلفة إن الخدمة العسكرية إجحاف بحق الشباب وخصوصاً الغير متعلم فمن يرضى أن يترك عمله مدة الخدمة بعد أن هجرنا الدراسة
 كي نكون معيلين لعوائلنا في توفير لقمة العيش ومن سيوفرها لهم أثناء هذه الخدمة إن أقرت كما في السابق ثلاث سنوات لذلك نحن نرى إن هذا ليس عدلاً وإنصافا بحقنا , كما وكان لبعض السياسيين وأعضاء البرلمان رأي حول هذا الموضوع فمنهم من يعارض ومنهم من يؤيد ونذكر على سبيل المثال الدكتور ( علي الأديب ) حين طلب بإحدى جلسات البرلمان المنعقدة قبل فترة إعادة النظر بقانون الخدمة الإلزامية حيث لقي هذا الطلب تأييداً وترحيباً فمنهم من قال ان هذا القانون يحتاج الى تعديل جديد من ناحية الفترة للخدمة ووضع ضوابط جديدة تختلف عما كانت عليه في السابق فمن
 جمله هذه الحلول حسب رأي البعض هو تقليص مدة الخدمة وإعطاء رواتب مجزية أثناء تأديتها ..الخ , كما وتكون هناك ضوابط أخرى حول المتخلفين عن خدمة العلم كأن تكون مثلاً عدم منح المتخلف جواز سفر أو عدم السماح له بدخول الجامعة أو عدم تعيينه بدوائر الدولة ..الخ, فبين مؤيد ومعارض لهذا الموضوع نحن نضع من بيده زمام الأمور التطلع إلى مستقبل العراق الذي تتقاذفه سهام الباطل من كل مكان أن نعود عراقيين تجمعنا خيمة واحدة وفصيل واحد وحظيرة واحدة فيها فسيفساء النسيج العراقي بألوانه الزاهية , عاش الجيش وعاش العراق والرحمة والغفران للشهداء الذين خصبوا
 بدمائهم الزكية ارض العراق من شماله إلى جنوبه . اللهم إني بلغت اللهم فاشهد .
*[email protected]