23 ديسمبر، 2024 11:45 ص

الخدمة الإلزامية وآخر الإبتكارات في تسويق الأزمات‎

الخدمة الإلزامية وآخر الإبتكارات في تسويق الأزمات‎

يمكن تصنيف الحكومات الى نوعين إما حكومات وطنية أو حكومات بلا وطنية فالأولى تعمل على رفاهية شعبها والأخذ بيده نحو الإرتقاء التكاملي في جميع مجالات الحياة البشرية وتضع ستراتيجة مستقبلية لتطوره وتقدمه وسعادة أجياله وتهيء لجان تخصصية لتقويض وإحتواء الأزمات قبل حدوثها والإسراع في تذويبها والقضاء عليها عند التعرض لها . أما الحكومات اللاوطنية فهي تعمل جاهدة على خلق الأزمات لشعبها وتحاول التنقل به من أزمة الى أخرى ليصبح في دوامة مستمرة ولا يستفيق منها وينشد الخلاص من أزمة ليجد نفسه وسط أزمة أشد سطوة من الأولى وتلاحقه في ليله ونهاره وفي صبحه ومساءه وفي سكونه وتجواله وفي سره وجهاره وفي يقظته ومنامه حتى يصل به الحال الى الرضوخ والقبول والإنصياع للوضع السيء خوفآ من الأسوء ولربما يقبل بالأسوء لكي لا يصل لحد الكارثة. التخبط العشوائي وغياب التخطيط وعدم وجود ستراتيجية عمل وقصور البصر وعمى البصيرة في إدارة البلد تؤدي حتمآ الى ضياعه في متاهات الحاضر وشل حركته نحو المستقبل . الأزمة هي اللغة الوحيدة التي تعرفها وتمارسها ونجحت فيها الطبقة السياسية العراقية بكل مسمياتها والعمل الوحيد الذي إمتهنته منذ أول سنين تواجدها في الحكم ولحد الآن والبضاعة الوحيدة الذي إستطاعت أن تروجها للشعب والميراث الثمين الذي حافظت على إستمراريته من العهد البائد والمكسب الوحيد الذي حصله الشعب من هذه الفئة المنحرفة وطنيآ وأخلاقيآ ودينيآ . إستطاعت هذه الزمرة أن تحافظ على الأزمات وتخلق العديد منها كلما إقتضت الضرورة ذلك لتتمكن من إستحكام قبضتها على البلاد وتعبث بمقدراته وتنهب خيراته وتستبيح أرواح أبناءه بفقدان أمنه وأمانه فجدولة الأزمات واحدة من أهم متبنيات الكتل السياسية الحاكمة فهناك أزمات مستدامة وأزمات موسمية وأزمات طارئة وأزمات إعلامية لجس نبض الشارع وأزمات وقتية وتسويقية في إطار الإشاعات وأزمات متبادلة خاصة لذات الكتل وأزمات تحت اليد حين الطلب وربما هناك أزمات ظاهرية وأزمات مبطنة لا يعلمها إلا الخونة القابعون في كهوف المنطقة الخضراء ومستشاريهم في القلعة ( السفارة) الأمريكية فيها ، والشعب هو الجهة الوحيدة صاحبة الإمتياز بتجربة كل هذه الأزمات وتحمل وزرها ونتائجها بإعتباره الكائن المتبرع داخل مختبرات التقييس والسيطرة النوعية للأزمات ، وآخر الإبتكارات في تسويق الأزمات هو قانون الخدمة الإلزامية بسقف فئات عمرية محددة والتي يتواجد أغلب هذه الأعمار في صفوف الحشد الشعبي الدرع الأول في حماية البلد ضد داعش وقوى الظلام ومن يقف خلفها ، في ظل ظرف إستثنائي معقد للغاية مع وجود الأزمة المالية التي تعصف بالبلد والإقتصاد المتهالك بعد أن فرغت خزينة الدولة بسبب سرقات الأحزاب بقادتها والطبقة السياسية برمتها وفي أجواء الفساد المهيمنة على كل مفاصل الدولة وحصة الأسد تتربع عليها الوزارات الأمنية والدفاع في مقدمتها الوزارة المتبنية لهذا القانون ، وبالتأكيد هذا القانون لو شاءت الأقدار أن يطبق فسيكون تطبيقه على فقراء الوطن بالتحديد ولن يتجاوز هذا الحد ولن يمس أبناء المسؤولين والأحزاب وقادتهم ومن أثرى على حساب المال العام على الإطلاق . الضغط الجماهيري المرافق لنداءات المرجعية والمطالبة الحثيثة والمستمرة بضرورة تبني مشروع إصلاحي يبدأ بتغيير الوجوه الكالحة للكابينة الحكومية ووضع قادة الكتل السياسية على المحك جعل أصحاب القرار يبحثون عن مطب آخر من مطبات الأزمات فبادروا الى تسويق قانون الخدمة الإلزامية ليضعوه على طاولة ( مجلس شورى ـ الأحزاب ـ أو مايسمى مجلس شورى الدولة ولا أحد يعرف بهذا المجلس ومن هم الشورى فلم يسمع به أغلب الشعب ) لتعصف هذه الأزمة الجديدة بالشعب وتجعله في دوامة من أمره ويعيش حالة نفسية محبطة لا يعرف كيفية الخلاص منها ولحين إقرار القانون أو عدم إقراره سيموج الشعب في هذه المتاهات  .