23 ديسمبر، 2024 9:57 ص

الخدمات الصحية.. حاجة بايلوجية واجبة على الدولة

الخدمات الصحية.. حاجة بايلوجية واجبة على الدولة

“الغذاء” و”السكن” والعلاج” ثلاثة أقانيم مكفولة دستوريا للمواطن.. واجبة على الدولة، فلا كرامة للفرد ولا للمجتمع، ما لم تؤمن الدولة، تلك الحاجات “البايلوجية – الحيوية” الثلاث.
ربما للسكن قصص تتعذر الإحاطة بها، في هذا الحيز، وللطعام بطاقة تموينية، تلكأت وزارة التجارة، عن تأمين مفرداتها، معلنة عجزا إفلاسيا كالتجار الخاسرين، على موائد القمار، و… “ماعلينا”.
السكن والغذاء شأنان لهما ناسهما، ما يعنينا هو “الصحة” فلنبق فيها.. ما المضمون من صحة المواطن وحقوق الطبيب وواجبات الدولة؟… لا شيء، فالعقد منفرط، منذ شح الدواء، أثناء “الحصار – العقوبات الدولية” وعندما يتكاسل المسئول  عن إنقاذ حياة مريض؛ فيظل يتألم، او يقضي نحبه.. ولا يعاقب بموجب القانون الجنائي.
المصورون الصحفيون الذين إلتقطوا صورا أثناء اللحظات الأولى لحادث إنقلاب سيارة الليدي ديانا ودودي الفايد، عوقبوا بالسجن عاما، لكل واحد منهم، وفق القانون الفرنسي؛ لإنشغالهم بالتصوير عن تقديم المساعدة، لشخصين يحتاجانها.
فكم عاما يجب ان تسجن الدولة العراقية؛ لإحجامها عن مد يد العون لأفراد وفئات إجتماعية تعيش تحت وهن العوز والفاقة وشحة العلاج! لأن واقع الخدمات الصحية في العراق، مضطرب، والوحدات الطبية.. كبراها وصغراها.. تفتقر للأجهزة الحديثة، والمتوفر عاطل ولا أحد يعنى بتصليحه أو تغييره؛ كي لا يكشف كسل الملاكات العاملة، التي تدع المراجع يرتطم بحائط يغلق بوابة الأمل: “عاطل”.
حتى بات العراق وطنا عاطلا عن لذة تقديم الرعاية لأبنائه؛ فليس أجمل من الأبوة قيمة تسعد الوالد!… أما الملاكات الطبية، فعقد ثانٍ إنفرط.. هو الآخر، وخسرنا خيرة الخبرات، وأنشط الطاقات الـ “أكتف – حيوية” سلحهم العراق، فإخضرت بهم دول أخرى.. إقليمية وعالمية.. قريبة حذونا وبعيدة قصية و… نظل نقطة طرد ويظل الآخرون فضاءً جاذباً، يذلل الصعاب، أمام تطلعات الفرد، بينما نحن نفتعل المعوقات؛ كي نحبط التفاؤل.. يستفزنا المتفائل، ويغيظنا الطموح!
ومع ذلك ثمة هدر بالخدمات، وتفريط بالمستلزمات، المفقودة أصلا، نبدد النزر المتاح منها… أرأيتم أمة تسحق نفسها بهذه “المازوشية – تعذيب الذات”.
شحة المستلزمات والادوية وهجرة العقول الطبية الخبيرة والطاقات الشابة، التي تغادر العراق الى الخارج، خراب يتضافر مع الفساد الذي دمر النوايا والهمم وجعل الموجود مفقوداً.. فهل يد أبي لهب وحدها التي “تتب”؟ أم أيد آثمة أخرى، أشد تباباً؟ لكننا ما زلنا متفائلين، نعمل على تحويل بارقة الأمل، شمسا ساطعة، تطهر الارواح وتنضج ثمار الارض وتخصب الثرى، وفق مناهج عمل جدية، توقظ جناح “العنقاء” كي يضرب الريح مستجمعا رماده ويحلق طائرا.