ليس بمقدور أحدٍ أنْ ينكر أهميّة الخدمات البريدية في البلد .
ومع تعاظم الحاجة الى تبادل الرسائل والوثائق والمستندات فضلاً عن العديد من الملفات الأخرى …
تتعاظم الحاجة الى تلك الخدمات ، والتي يعتبر توفرها من أبسط مستلزمات الحياة العصرية .
لقد عاش كاتب السطور ما يقارب عشرين عاماً في المملكة المتحدة وفيها نظام بريدي مذهل .
فهناك نوعان من الارسال :
الارسال بالبريد السريع ( first class ) وما يُرسل عبر هذا النوع يصل خلال 24 ساعة فقط .
والارسال بالبريد العادي وهذا ما يستغرق وصوله يومين فقط .
ولقد كانت الخدمات البريدية في العراق قبل 9/4/2003 مقبولة الأداء وإنْ لم تكن بمستوى الخدمات البريدية في البلدان المتقدمة حضارياً .
وأمّا الخدمات البريدية في العراق الجديد (اي بعد 9/4/2003 )
فانها أصبحت معدومة ..!!
وما هو موجود منها بالفعل رديء وبطيء للغاية .
وكأنَّ “الخدمات البريدية” تأبى إلاّ أنْ تكون كأخواتها من الخدمات الاخرى سوءً وتخلفا ، ابتداءً بالعجز عن استمرار التيار الكهربائي دون انقطاع ،مروراً بأزمة المياه عموماً ، والمياه الصالحة للشرب خصوصاً،
وانتهاءً بالخدمة التعليمية في مدارس الطين …
هذا والعراق من أعظم البلاد النفطية ، الأمر الذي يجعله من أكثر بلدان العام ثراءً .
لقد اضطر بعض العراقيين في غمرة القهر والعذابات الطويلة ان يقولوا:
انّ النفط أصبح علينا نقمة لا رحمة ..!!
أقول هذا وقلبي يعتصره الألم، لانّ الثروة الوطنية تسربت الى حسابات اللصوص والقراصنة، بدلاً من أنْ تُقيم على الأرض أكبر المشاريع في مضمار الاعمار والتنمية والبناء وتوفير كل ما تحتاجه البلاد من خدمات.
المثال العملي :
ولا أريد الاطالة في الحديث
فقد وصلني اليوم كتابٌ من احدى الوزارات الحكومية، رداً على كتابٌ كان قد أرسل من مكتبنا مؤرخ في 18/2/2015 ،والفاصل الزمني بين يوم الاصدار (18/2/2015) ويوم الوصول (5/4/2015) سته واربعون يوماً (فقط لاغير) ،في حين أنّ المسافة بين الوزارة والمكتب لا تزيد على بضع كيلومترات !!
فكيف اذا كان الكتاب مرسلاً الى محافظة بعيدة ؟!!
لقد بادرتُ الى كتابة هذه المقالة للمطالبة بتحسين الخدمات البريدية ، وايلائها العناية الكافية للنهوض بالمهمات التي لا يستغني عنها أحد ..
من غير المقبول على الإطلاق لانسان الألفية الثالثة وهو صاحب المرسلات الكثيرة :
أنْ يُمتحن بمثل هذه الحالة البائسة ، وكأنه يعيش في القرون الوسطى ..
فهل من أُذنٍ سامعة ؟
إنّ من حق الدوائر البريدية أنْ تزيد من الأجور ، ولكن ليس من حقها ان تكون في مَثل هذا الارتخاء والفتور ..!!