ادركت فور زيارة اردوغان للكرملين واعتذاره من بوتين واعلانه انه من الممكن الابقاء على بشار الاسد في المرحلة الانتقالية ان مسعود بارزاني سوف يعود الى بغداد.
ارسل الحزب الديمقراطي اثناء تعريج مسعود بارزاني على انقرة في طريقه الى اوربا وفدا باسم حكومة الاقليم الى بغداد، حيث عاد فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الاقليم الى كردستان, وبعدها بايام توجهة برفقة نيجيرفان بارزاني ووفد الحزب الى بغداد، بعدها بايام ظهر فؤاد حسين المقرب من مسعود بارزاني برفقة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لدى توجهه الى الولايات المتحدة. من خلال استغلال الحزب الديمقراطي الكردستاني للاتفاق الستراتيجي بينه وبين الاتحاد الوطني الكردستاني من اجل احكام السيطرة على مفاصل السلطة في الاقليم ووضع اليد على مواررده المالية من خلال الاستحواذ على الثروات الطبيعية وبقية الموارد وتعطيل البرلمان واحتكار القرار السياسي والتفرد به، وضع الحزب الديمقراطي الكردستاني كل بيضات الاقليم في سلة تركيا وادخل الاقليم في الصراعات التي تشهدها المنطقة لصالح تركيا دون مراعات لمصالح الاقليم.
شهد الاقليم والمواطن الكردي انتعاشا واضحا عبر حصوله على نسبة ال17% من ميزانية العراق بعد سقوط النظام السابق وحتى عام 2014, الا أن ابتعاد الاقليم عن بغداد والتوجه لانقرة جر الاقليم الى ازمة تلو الازمة حتى وصل الوضع فيه الى حد بات فيه اصحاب افران الخبز يشكون من كثرة ديونهم لدى المواطنين, بعد أن أصبح بيع الخبز بالدين، وكذلك يرفض معلموا كردستان قرع اجراس بداية العام الدراسي الجديد في المدارس, وجماهير كردستان نزلت الى الشوارع للمطالبة بالخبز.
نادينا كثيرا من اجل ان لا نصل الى هذا الوضع وسعينا الى ان لا تغلق الابواب مع بغداد، لان مواطني الاقليم وبحسب الدستور العراقي الذي صوتوا عليه هم جزء من الدولة العراقية, وبموجب ذلك فان حقوقهم وحقوق المناطق الكردستانية خارج الاقليم لدى بغداد وليس لدى انقرة، بما في ذلك حقهم في الاستقلال والانفصال واعلان الدولة الخاصة بهم.
الاسبوع الماضي قام عضو البرلمان العراقي هوشيار عبد الله بنجاح في دفع البرلمان لمناقشة قوت شعب كردستان وشارك في الحملة عدد لا يستهان به من اعضاء البرلمان، وفي الجلسة رقم 19 التي جرت يوم 24 من ايلول ناقش البرلمان هذه القضية, وجرى بلورة مقترحات مناسبة واتخذ قرارا بتشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس البرلمان الاول “د. همام حمودي” وبمشاركة اعضاء من لجنتي النفط والمالية البرلمانيتين لمناقشة هذه القضية خلال مدة شهر لتحديد الاطراف المقصرة, وتقديم مقترحات مناسبة للحل، وجرى الحديث عن استدعاء كلا من رئيس وزراء العراق واقليم كردستان الى البرلمان العراقي من اجل مناقشة القضية. بعد التراجع الكبير الذي اظهرته تركيا في سياستها على حساب الكرد ووضعهم, وتقديمها تنازلات كبيرة على حساب كافة اجزاء كردستان بما فيها اقليم كردستان, والانباء التي تواترت عن احتمال قيامها بوضع اليد على موارد نفط الاقليم لخدمة مصالحها السياسية, وتوظيفها لحرب الكرد ضد الكرد، وصل “مسعود بارزاني” بضعف واضح يوم الخميس الماضي التاسع والعشرين من ايلول وعلى راس وفد كردي الى بغداد,ووصوله جاء بعد اسبوع على سحب الثقة من خاله وزير المالية “هوشيار زيباري” بسبب سوء استخدامه لسلطاته, وكذلك بعد ان اصبحت موضوع رئاسته للاقليم”البارزاني” موضع تساؤل كبير, وفي ضوء ذلك فان قسما من المسؤولين العراقيين الكبار لم يحضروا مأدبة الغداء التي اقامها اكراما لحضور “البارزاني” رئيس الوزراء حيدر العبادي. “بارزاني” عطل البرلمان الكردستاني لانه شكل خطرا كبيرا على كرسيه, وفي بغداد قاطع البرلمان العراقي لانه سحب الكرسي من تحت خاله وزير المالية!, ولذا فانه بعد سحب الثقة من “زيباري” قام “د. فؤاد حسين” بالاتصال تلفونيا برئيس البرلمان العراقي وابلغه رسالة رئيسه “مسعود بارزاني” بانه قطع العلاقة معه, لهذا فالبارزاني لم يزور رئيس البرلمان خلال زيارته الى بغداد, فيما اصدرت رئاسة البرلمان ايضاحا بهذا الخصوص.
ازاء كل ذلك نأمل ان لا تكون هذه الزيارة مقتصرة على الاعلام والشعارات والتباهي, ونأمل ان تكون على العكس من ذلك, وتتناول بجدية كل المشاكل العالقة بين بغداد والاقليم, من قضية الاستفتاء على الاستقلال الى قوت الشعب، وآمل بكل صدق لهذا الوفد ان يوفق في زيارته, وان ينجح في تأمين رواتب موظفي الاقليم, لان شعب اقليم كردستان الان غير مهتم بكرسي بارزاني, ولا بالاستفتاء, ولا باي شعار من هذه الشعارات, بقدر اهتمامه بتوفير قوته وخبزه وحليب اطفاله وحفاظاتهم وادويتهم، ولان لدى كل أب وأم في كردستان “توفير وجبة طعام لاطفاله” هي أكبر من “الف كرسي رئاسة”, وان شعبا قدم من اجل حريته الاف الشهداء, يتعرض الان للاهمال ويحصل على خبزه بالدين, ويضع لاطفاله بدل الحليب اللبن في قناني الرضاعة, ويقوم بغسل وتجفيف حفاظات اطفاله لاعادة استخدامها اكثر مرة والى ان تهتريء. ولذا آمل ان تتضمن أجندة زيارة “بارزاني” قبل كل شيء “الخبز, والحليب, والحفاظات” من اجل ان تنال اهتمام مواطني الاقليم ويدعون له بالخير.