23 ديسمبر، 2024 9:22 ص

بين ليلة وضحاها وبعد انتفاضة السوريين في 18 آذار 2011 على نظام الأسد أصبح أللون الاسود أبيض والابيض أسود لدى الساسة في العراق ــ بكل عناوينهم الطائفية التي يقدمونها فعلا وسلوكا وواقعا ملموسا ًعلى عنوان انتماءهم للوطن ـــ انطلاقا من دوافعَ تضيقُ أمام مصلحة الوطن،وتتسع امام مصلحة الطائفة..
ساسة ٌلاضمير يوخزهم عندما يُطعَنُ وطنهم من الخلف أكثر من مرةٍ طيلة الاعوام التي أعقبت العام  2003 مِن قِبلِ نظام شمولي يحكم سوريا طيلة 40 عاما،سبق للعراقيون أن عانوا من توأمِه ِ 35 عاما قبل أن يسقُط .
وأنسياقا ً مع فكرهم الطائفي لايتردد ساستنا في أن يمدّوا يدَهُم لمصافحة من طعَنَ أهلَهُم أكثر من مرة ٍ دون أن يُفرِّقَ ساعة الطَّعن بين طائفة وأخرى..
في حقيقة الأمر لن يكون محتوى وشكل هذا التفكير إلاّ لساسة مُنحرفين في ولاءاتهم وانتماءاتهم ، ساسة ليس لهم وطن واحد ينتمون له ويدافعون عنه ويبذلون كل مافي وسعهم لإعلاء شأنه بين الامم..إنما لهم وطن ٌ ثان ٍ،هو الأهمّ ُ والأجملْ، فيه يقضون أكثر أيامهم بذخا ًوترفا ً تعويضا عن الذي فاتهم أيام النضال بما ينهبونهُ من الوطن الأول هُمْ وعوائلهم.
عشرة أعوام تسيّد فيها هؤلاء الساسة،المشهد السياسي،فسحقوا دونما رحمة وطنهم الاول بكل اساليب النَّهب،والتدميروالقهر لن نشهد لها مثيلا في أي بلد آخر،وكأن َّلاصلة تربطهم به،وكأنَّهم جاءوا لينتقموا منه ومن أهلِه ِجزاءً وقصَاصَا ًللسنوات التي قضوها في منافيهم،مع أن أختيارهم لطريق المعارضة السياسية ماكان إلاّ بإرادتهم،وهذا مايفرض عليهم أن يتحملوا ثمن هذا الاختيار،لا أنْ يحمِّلو تبعاته لوطنَهم . . فأوغلوا كثيرا ً في تعميق الانقسام الطائفي بين ابناء البلد الواحد،وكلُّ واحد منهم إحتمى بما هو طارىء وشاذ على فكر طائفته،كماأرادات وخططت له القوى الكبرى سعيا ًمنها لتفتيت مجتمعات المنطقةالعربية إلى إثنيات وطوائف وأعراق منعزلة بعضها عن البعض الآخر،لتَسودَ بينها مشاعر كُره ٍوشكٍّ وتخوين ٍوتكفير،لأجل أن يتمَّ تشكيل شرق أوسطٍ جديد تُغيَّبُ فيه الهويّة الوطنية الواحدة،لتحلَّ بدلا عنها هويّات فرعية لدويلات صغيرة هشة يمكن السيطرة عليها.
هؤلاء الساسة حاولوا ونجحوا إلى حدٍ كبير في أن يُفرغوا وطنهم الأول من قواسم مُشتركة،تربط أبناءه،بمختلف مكوناتهم(عاطفية،إجتماعية،تاريخية،دينية،نضالية)واخذوا به الى ساحة مُلتبسةٍ هي ليست ساحته،ومعركةٍ ليست معركته،وسيكون بالتالي هو الخاسر الوحيد فيها،ولن يخسروا هُم فيها شيئا،مهما بدت النتائج إنتصارا لطائفة على حساب طائفة إخرى.