23 ديسمبر، 2024 9:22 ص

الخارطة الجيوبوليتيكية لسوريا والعراق .. . والسيناريوهات المحتمل

الخارطة الجيوبوليتيكية لسوريا والعراق .. . والسيناريوهات المحتمل

الجيوبوليتيك  هو علم  دراسة التأثير السياسي على الابعاد الجغرافية لأي منطقة في العالم ، او مجموعة دول .  ومن هذا المفهوم نرى ان العراق وسوريا يمثلان بعدا ستراتيجيا مهما للدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص ..     .. حيث ان اسرائيل التي تقع في الجناح الغربي لسوريا تعتبر من المجال الحيوي المهم للأمن القومي الامريكي الذي لا يمكن التفريط به في اي حال من الاحوال .  ولذلك نرى ان الولايات المتحدة تحاول افشال اي مسعى للتقارب بين سوريا والعراق لأن احدهما يمثل البعد الاستراتيجي للأخر  ويشكل خطرا كبيرا ليس على الوجود الاسرائيلي فقط بل وحتى على  المصالح الامريكية في المنطقة والخليج العربي بالذات باعتبارها المورد الاساسي المهم للطاقة في العالم ،  ،   اضافة الى موقعها  الاستراتيجي المهم .      .ولذلك نرى ان الولايات المتحدة تعزز وجودها وقواتها في هذه المنطقة حتى بلغ بها الحال الى احتلال العراق   بحجة تملكه لاسلحة الدمار الشامل .     . ثم توالت بعد ذلك الاحداث حيث ادى هذا الاحتلال الى تحرك الرمال العربية الهشة المتمثلة بالانظمة الدكتاتورية في العالم العربي والتي انطلقت منها الثورات العربية او ما يسمى بالربيع العربي الذي بدء في تونس و امتد الى مصر وليبيا ،    ثم سوريا التي اشتعلت فيها النيران نتيجة حركات مختلفة ، ديمقراطية واسلامية واصولية  . وفتحت شهية الدول الاقليمية للتدخل بهذه الحركات لتنفيذ اجنداتها المشبوهة على حساب مصلحة الشعب السوري  ،  وزاد الصراع حدة الى حد تدخل الدول العظمى فيه مثل الولايات المتحدة وروسيا .
   وسنطلع في ادناه على الخارطة الجيوبوليتيكية  والسيناريوهات المحتملة في كل من سوريا والعراق
    
 واقع الحال
     
:  تتواجد على الاراضي السورية والعراقية  مراكز قوى مختلفة تتفاوت في قوتها وحدتها حسب المصالح التي تدفعها للتدخل في هذه الدولة او تلك ولعل اهمها :-
     اولا .   اسرائيل .  التي لها مصالح مباشرة واكيدة. من خلال تشجيعها للانقسامات والانشقاقات  في المجتمعات العربية السورية والعراقية . والتي تؤدي الى تفتيت وحدة الموقف من القضية الفلسطينية واضعاف حركات التحرر المعادية لها .
    ثانيا .  داعش او ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية .  التي توسعت بفترة قياسية نتيجة تبنيها للفكر الطائفي المتطرف بأسم الاسلام حتى امتدت من مدينة الرقة في سوريا الى الموصل في العراق .  ثم تمددت جنوبا وغربا في العراق نتيجة ممارسات سياسية خاطئة من جهة ومساعدات مادية ومعنوية من اطراف عديدة  لها مصالح واهداف مشبوهة من جهة اخرى . وتمكن هذا التنظيم من ازالة الحدود الدولية المعترف بها بين سوريا والعراق والتي تقدر  بستمائة وخمسة وثلاثون كيلومترا .
     ثالثا .   السعودية – قطر- تركيا .. كل واحدة من هذه الدول لها فصيل مقاتل او اكثر تمده بالمال والسلاح لتحقيق اهداف مختلفة حسب اختلاف الفصائل والدول المساندة لها .
   رابعا .     ايران وحزب الله اللبناني ..  ان لايران مصارح مهمة دينية وسياسية في كل من العراق وسوريا حيث يعتبران امتدادا   ستراتيجيا لها للسيطرة على مناطق مختلفة في الشرق الاوسط مما يجعل منها اللاعب الاساسي والمهم فيها .
  خامسا .   روسيا . . ان سوريا تمثل المعقل الاخير لها بعد استبعاد كل من مصر وليبيا ثم العراق عنها .  حيث ان لها مصالح حيوية في الحفاظ على قواعدها في اللاذقية وطرطوس المطلة على البحر المتوسط .  وقد اخذ وجودها بالتزايد في الاونة الاخيرة بعد اسقاط طائرة السوخوي من قبل تركيا 
   سادسا.    الولايات المتحدة الامريكية .  التي لها مصالح مهمة واساسية في العراق  التي دفعتها لاحتلاله لما يمثله من موقع ستراتيجي اولا والاحتياطي النفطي الكبير الذي يتمتع به ثانيا . وقد اشتد التنافس بينها وبين ايران مما دفعها الى ان تزج بالاف العسكريين في اقليم كردستان والانبار وكذلك في صلاح الدين .  كما ارسلت الى سوريا فرق كوماندوز للقيام بمهمات قتالية في الشمال الشرقي منها اي في المتاطق التي يسيطر عليها الاكراد .
   سابعا .    فرنسا – بريطانيا .. ان لفرنسا مصالحها التقليدية في سوريا ولبنان كما ان لبريطانيا مصالحها الدائمة في العراق ، وهما يحاولان التواجد بشتى الوسائل في كلا البلدين لمشاركة الولايات المتحدة في الفوائد المتحققة في المنطقة .  ولتعزيز حلف شمال الاطلسي فيها .
  
  السيناريوهات المحتملة.

في سوريا
 
١-;–      ان شدة الصراع في سوريا وقيام تركيا بأسقاط  الطائرة الروسية فيها قد زاد الامور تعقيدا مما قد يدفع باللاعبين الكبار (   روسيا وامريكا. )  لايقاف هذه اللعبة  والجلوس على طاولة المفاوضات لفرض حل سياسي شبيه بالحل اليمني .   بمعنى استلام نائب الرئيس السوري للسلطة فيها والاتفاق مع اجنحة المعارضة التي توصف بالمعتدلة لاجراء انتخابات ديموقراطية والبدء بحكم مدني جديد .  والعقبة الوحيدة امام هذا الحل هو بقاء الرئيس السوري من عدمه .
٢-;–       الاحتمال الثاني .   عدم موافقة الروس على ازاحة بشار الاسد والاستمرار بالحرب . وهذا الاحتمال سيدفع بالولايات المتحدة لزيادة تواجدها العسكري في شمال وشرق سوريا .  وهذا الوضع سيؤدي بالتأكيد الى تقسيم سوريا الى ثلاثة اقسام .  القسم الساحلي ويمتد من اللاذقية وطرطوس الى دمشق . والقسم الشرقي في المناطق التي سيطر عليه داعش والقسم الشمالي الشرقي الذي يسيطر عليه الاكراد وستتحول هذه الاقسام الى دول ثلاث.   ان هذا المخطط يخدم المصالح الروسية والامريكية كما انه يحقق نصرا ستراتيجيا لاسرائيل طالما كانت تسعى اليه .

     في العراق

:   لا يختلف الوضع الجيوبوليتيكي في العراق عن سوريا وسنرى الاحتمالات التالية
١-;– ان ضعف وتردد رئيس الوزراء العراقي قد دفع الاطراف المشاركة في العملية السياسية للصراع والتعنت فيما بينها اكثر فاكثر . كما ان وجود العراق رسميا مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وعمليا مع التحالف الروسي الايراني قد خلق نوعا من التناقض لايمكن ان يستمر طويلا مما سيدفع الولايات المتحدة للتدخل الفاعل باتجاه ايجاد نظام حكم مدني بعيد عن المحاصصات الطائفية والفئوية ويعمل على تسوية النزاعات والمشاكل المعقدة ويحقق الاستقرار والتوازن في المنطقة
٢-;– او في حالة اصرار القيادات السياسية الفاعلة في العملية السياسية على رفض مشاركة ابناء المحافظات المغتصبة في عمليات التحرير ورفض اعادة المهجرين مع نقص الموارد المالية للدولة اضافة الى الوضع المعقد والطريق المسدود مع اقليم كردستان سيدفع باتجاه تقسيم العراق الى ثلاث اتحادات كونفدرالية وهي اقليم كوردستان بحدوده الجديدة . والاقليم الغربي والشمال الغربي او مايعرف بالمناطق السنية . واقليم الوسط والجنوب .ان هذا الوضع سوف يخلص الولايات المتحدة من مسؤولياتها تجاه العراق على اعتبار ليس في الامكان افضل مما كان . كما انه يخدم اسرائيل ايضا التي سيزاح عنها هاجس القوة العراقية الذي كان يهددها لسنين طويلة . وبالمقابل فان هذا الحل سوف لا يحقق المصالح الستراتيجية الايرانية لانه سيخلق حاجزا جغرافيا وبشريا يحد من نفوذها في سوريا او ماتبقى منها  .