18 ديسمبر، 2024 5:42 م

الحيتان والفسادفي العراق

الحيتان والفسادفي العراق

زلزال عظيم كان قرار حكومتنا العراقية بمحاربة الفساد هز أركان العالم بأسره، فقد كان الرأي العالمي يقر بأن العراق أبعد ما يكون عن ذلك، وأن الفساد فيها كان من الكم والنوع والقبح بما لا يمكن مواجهته.
لقد كان المفهوم حينها بأن المناصب العالية والحساسة تعطي لمن يحتلها تنوعاً عجيباً في مصادر الدخل بشكل يجعل المرتب الرتيب شأناً منسياً! .

وعلى ذكر حيتان المعروف بخبثه ولؤمه وخيانته فكم من المسؤولين كانوا يطربون أن يطلق عليهم مسمى حوت، خصوصاً عندما يُعَشُون خَويَهُم بتعيين أقاربهم، وجماعتهم في القطاع، الذي يرأسونه، دون وجه حق، وكان الأغلبية يعتقدون أن ذلك فوزًا عظيماً وكان الشائع بأن من لا خير فيه لجماعته، فلا خير فيه يرجى للوطن ولا للدين!

الفساد كان مفهوماً وظيفياً وإن لم يكن مكتوباً في عقود التوظيف وكم من قصص سمعناها وتندرنا بها، وكان من ينبه إليها يخشى عقوبة إثبات التهمة!

لكل ذلك فقد كان العالم بأجمعه يعتبر مجرد البدء في مكافحة الفساد في العراق من سابع المستحيلات.

وبعد الحملة الشجاعة وإعلان قائمة الفسادة واصدار أمرالقبض على متمتهمين بلفساد والتحقيق معهم رغم علو مناصبهم ، عمت الفرحة في قلوب البياض الأعظم، وعلى الجانب الآخر كثر الجدل والاتهامات في القلوب السوداء بعدم منطقية ما يحدث ووجود مؤامرة، وتأكيدات بأن الفساد سيحارب ظاهرياً لفترة، مع الإبقاء على المحسوبين دون أن يطالهم أي مساءلة أو عقاب!

هيئة النزاهة المشكلة وقيادةرئاسة الوزراء د.حيدر العبادي تشعر بقمة التحدي، وهي تدرك كيف يفكر الجميع، ولا بد أنها قد حددت قانونية ما تفعله، وشموليته واستمراريته.

ولا شك أن جميع المسؤولين من جميع الدرجات يعون ذلك ويدركون أن الحوت حيوان لا عقل له ولا ذمة ولا منطق، وأن القادم في هذا البلد الجديد أطهر وأكثر إخلاصاً، وأن الرؤوس سواسية لا تخرج من حدود العقل والعدالة بمجرد حصولها على منصب.

كلنا فخر بما حدث وما يستمر في الحدوث ويكفينا فخراً أن دول العالم حتى الديمقراطي منها أصبحت بعد العراق مثلاً أعلى، يحتذى في محاربة الفساد، وكشف خيانات حيتان الفاسدة.