عندما يكذب الكبير، يحتقره الصغير ومعه المجتمع، وعندما يصرّ على الكذب ثم يراوغ ويماطل ليجعل من كشفوه يدورون في حلقة مفرغة فإقرأ على الحلقة التي يديرها سواء كانت مؤسسة حكومية أو رياضية أو سياسية السلام، هذا ماوجدته عند أحد الذين أنعم الله عليهم حسب قولهم بعد العام (٢٠٠٣).. كوني وجدته إنسانا فارغ العقل والضمير بل وحتى الصبر، هو لا يعرف ماذا يريد وإلى أين يسير، لأنه مجرد آلة يحركّها أصحاب المصالح الخاصة الذين إستحوذوا على عقله قبل جيبه.. راح يستمع الى أحاديثهم المغرضة وأخذ يصدّقها بدون أن يفرز ويسأل أو حتى يناقش، تألمت كثيراً له لأنه بات عبارة عن جهاز (كاشير) يطبع الأرقام من دون نقاش!.. حقيقة تألمت ثم بصقت على هذا الزمن اللعين الذي لم يعد ليفرق بين الأسود والأبيض ولا يرتقي سوى بأصحاب العاهرات وقارعي الكؤوس التي فاضت بالنجاسة كيف لا وهم باتوا أصحاب القرار!..
في أحد لقاءاتي الصحفية، وجهت سوْالا إلى فرد من المسؤولين وكان مضمون السؤال هو: لماذا لا يكون لكم دور في مجال محاربة الفساد؟ فاجئني صراحة جوابه حين قال: خليني بعيد فأنا لا أستطيع أن أكون في المقدمة! وأرجوك أن لا تضعني في موقفٍ محرجٍ مع بعض الأطراف التي سألتني عنها!..
خرجت يومها وأنا ألعن (الزمن) الذي سرق الكثير من عمري وأنا أجاهد من أجل قول كلمة الحق التي يريدون وأدها.. فأنا البسيط الذي لا يملك سوى قلمه ليكتب ويعرّي ويفضح أفعال سراق المال العام ولن يحميني سوى الله وعشيرتي إن رغبت بتدخّلها حبّاً بها، فكيف بمسؤولٍ نعم (مسوؤل) يهرب من أول مواجهة؟!.
مرة أخرى عقدت العزم لأواصل البحث عن الحقيقة التي غابت عني طيلة هذه السنين العجاف وتوجهت إلى المراجع الكرام وسألتهم، هل هناك من أملٍ لهذا الشعب لتخليصه من حيتان الفساد؟ فكان جوابهم.. أن الفساد أصبح له جذورا ومن الصعب على أحد إقتلاعها، ولكن هناك منفذ واحد لإنهاء هذا (الجرب) المستشري في كل أركان الدولة والمجتمع.. سألت ماهو؟ أجابوا.. على الشعب أن يبقى صاحياً ويغادر النوم والسبات وأن يبقي صوته مرتفعاًعاليا ويستمر في التظاهرات لعل يوماً يصحى ضمير المسؤول!. نحن تعبنا من النصح والتوجيه في صلاة الجمعة وغيرها.. هذا حال الوضع العام أما في رياضتنا فحدّثوا بلا حرج، لأن جيوب وأكياس وخزائن بيت مال الرياضة باتت تملأها الثقوب التي لا يستقبل ما يسقط منها سوى أناس معيّنين الكل يعرفهم ويسكت عنهم ومن وضعوا كأمناء باتوا من أكبر عشاق السحت وأي نظرة للذي كانوا ثم أصبحوا عليه ستوضّح صدق كل حرفٍ كتبناه عنهم.. لم يشبعوا من الرحلات السياحية الترويحية والعائلية على حساب فقراء البيت الرياضي، بل زادوا في طغيانهم حين راحوا يستثمرون المال بطرق وضيعةٍ جعلتهم مرفهين وحين الحديث عنهم يخرج علينا من يجعلهم منزّهين.. تعساً لكل الفاسدين ومن لفّ لفّهم لأنّهم وغيرهم جعلوني أعترف الآن وأمام الله أولاً والشعب وقرائي ثانياً وثالثاً بأنني أخطأت بحقكم يا سراق المال العام ولم أعرف أنّكم أصبحتم أصحاب القرار الذي لا يكسر كما أعترف بأنني وطيلة السنوات الماضيات أتعبت القضاء العراقي حين وقفت بحضرته بسبب مشاكساتي الصحفية المهنية وأقول بأن الشريف في هذا البلد بات محارب في رزقه وحتى في (عياله) كون الحرامية إستحوذوا على كل خيرات ومقدّرات البلد، كما أن المعتوه منهم في وطني بات عالماً بفضل ورقاته الخضراء والحمراء وليتحوّل المشبوه إلى شريفٍ والقذر صار نظيفا والفاسد عنواناً للعفاف والنذل منهم إمتلك الحضوة والجاه عند كبار القوم.. هذا هو بلدي عندما أقتلعت ضلوعه بأيدي من كان تاريخهم لا يشرف حتى من أجبرته ظروف العيش ليكون منظفاً لمجاري مياه الصرف الصحي (الثقيلة).. لأن المعركة مع هؤلاء أصبحت صعبة جداً كون أدواتهم قذرة ودولاراتهم أقذر وفي النهاية الحيتان هي من تحكم..