23 ديسمبر، 2024 5:50 ص

الحياة المفترضة ما بعد الحياة والعدل والجزاء

الحياة المفترضة ما بعد الحياة والعدل والجزاء

حسب عقيدة التنزيه أو اللاهوت العقلي (اللاديني)، إذا ما سلمنا بوجود الله، فإن الجزاء لازم من لوازم العدل الإلهي المطلق الواجب عقلا، المتكون من ثواب جزاءً أو تعويضا، وربما عقاب، مع الفارق في أن الثواب لا يحده كرمه عند حد من جهة، بينما ومن جهة أخرى العقاب تحد منه رحمته، مع رفض قاطع للصور التي تعرضها الأديان أو جلها عن العقاب، التي تسلخ بها عن الله رحمته بل وعدله كليا. والذي يدعو عقيدة التنزيه إلى ترجيح الإيمان بثمة حياة بعد هذه الحياة، يجري فيها الجزاء، ويقام فيها العدل المفتقد في هذه الحياة، إن هذه العقيدة عندما لا تملك وفق منهجها العقلي إلا أن تؤمن بمصمم خالق أزلي كامل كمالا مطلقا، مما يترتب عليه بالضرورة أن يكون عادلا عدلا مطلقا، ولكوننا نفتقد العدل في هذه الحياة افتقادا لا يمكن لأي موضوعي أن ينكره، مما يعني إذا ما رضي الخالق بهذا الواقع، أنه خالق ظالم، وحيث أن الظلم نقص، والنقص من صفات الكائنات الحادثة الممكنة، مما يقودنا إلى افتراض التسلسل اللانهائي أو الأصح اللابدائي للعلل، مما يعني ألا يكون هناك وجود، مما هو خلاف الحقيقة الملموسة التي نعيشها، لذا لم تر عقيدة التنزيه مخرجا من هذا المأزق إلا بالإيمان بحياة أخرى وبتحقق العدل المطلق فيها، نائية بنفسها عما عرضته الأديان من صور يمتنع نسبتها إلى الكائن الكامل كمالا نسبيا، ناهيك عن نسبتها إلى من يفترض به الكمال المطلق، مع علمها بعدم إمكان اقتناع الجميع بهذه الفلسفة، واحترامها وتفهمهما لغير المقتنعين بها، والتي تحتمل ولو احتمالا ضعيفا جدا عندها صوابهم وخطأها.