الحوار لغة لا يفهمها الا المتعقلون والمتبصرون حتى وان لم تفضي الى حلول ، والحوار مطلب انساني لاشباع حاجة الانسان للاندماج مع الجماعة والتواصل مع الاخرين المختلف معهم ، وعند حدوث تعارض في المصالح او التباس في المواقف يتحتم اللجوء الى الحوار . والحوار الموعود الذي نترقبه بين الحكومة والمتظاهرين خطوة على الطريق الصحيح للتعرف مباشرة عن مطاليبهم والتي اضحت مثل ( قميص عثمان ) كثيرة في نقاطها يرفعها من هب ودب وهم منها بريئون . الحوار ينبغي ان يحقق التوازن بين حاجتهم كمواطنين غير تابعين وبين حاجتهم للمشاركة والتفاعل مع ابناء الشعب للتعبير عن مطاليب حان الوقت لتلبيتها ، فضلاً عن جعل هذا الحوار يعكس الواقع الحضاري والثقافي الانساني والعشائري الذي يتمتعون به وليس ردة الى الوراء مثلما حدث مع شيوخ عشائر الجنوب والذي علا فيه صوت الباطل ورمي الاحذية وعلب الماء من قبل حفنة ارادت ان تعكس صورة لم تألفها عشائر العراق من كرم الضيافة وحسن الاستقبال .المتابع يرى في نجاح الحوار المرتقب ينبغي توفر النية الصادقة وليست المخادعة والاخلاص لتمثيل المتظاهرين وتوفر العلم والمنطق في طرح المطالب وصدق المحاور والصبر والحلم اضافة الى اضفاء الاحترام والتواضع مع من تتحاور ، تلك اهم اسس نجاحه والا سوف لن يكتب له القبول اذا لازمت نوازع الشر والمكيدة جلسات الحوار سواء كانت من الحكومة او من ممثلي المتظاهرين . والشعب يترقب وهو صاحب الحكم على كل من يُخلف ما وعد به مما يتطلب الاستماع جيداً للمطالب ويقول امير المؤمنين علي (ع) ( من احسن الاستماع تعجل الانتفاع ) والتعرف على وجهات نظر الاطراف و البحث والاستقصاء والاستقراء في تنوع الرؤى والافكار ووضع التصورات المتاحة ، وان ترافق ذلك الاداب العامة والاحترام المتبادل ، وعندما يتطلب الامر التوقف في نقطة ما ، وعند الرجوع اليها ينبغي البدء بها حيثما انتهت وليس بداية جديدة . وعلى المتحاورين وضع الحلول الوسط وتجنب التفسير والتعميم في ابداء الرأي و عدم ابداء النصح والارشاد لان الحوار هو تمييز بين ما هو جوهري وثانوي وتقديم الاهم على المهم بغية ايجاد قاعدة للانطلاق الجدي في الحوار ، تلك من مسلمات نجاح الحوارسواءاً كان وسيلة ام غاية ، اما اذا اردنا فقط الذهاب الى الحوار وليس لدينا القدرة على تفكيك اقفال الازمة فالافضل عدم الذهاب لانها ستزيد الطين بله وتعمق الخلاف ، وليس من خاسرٍ الا شعب العراق عندما يفشل الحوار يرجع المتحاورون بخفي حُنين لا سامح الله .
[email protected]