بناءً على دعوة من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في السابع من نيسان المنصرم /2020 للبدء بحوار ستراتيجي بين العراق وأمريكا على شكل سلسلة من اللقاءات والمباحثات للنظر في مصير التواجد الامريكي ومستقبل العلاقة وآفاق العمل والتعاون بين الطرفين على كافة الأصعدة .
لكن الذي يثير حيرة وقلق الكثير من المحللين والمتابعين والسياسين في الداخل والخارج وعموم الناس البسطاء من أمثالي هو عدم وضوح الرؤيا والضبابية التي تحيط وتغلف الأجواء في عموم العالم ناجمة عن سياسة لي الأذرع بين الصين وأمريكا من جهة وأيران وأمريكا من جهة ثانية وعلى الصعيد المحلي النتائج المروعة لأنتشار فايروس كورونا وأرتفاع أعداد المصابين في عموم المحافظات وبغداد بشكل خاص مما يربك الحالة الأجتماعية ويثير الذعر والهلع في حالة عدم الوقوف جدياً بوجه المرض وللوقوف على حقيقة الأمر لابد من الأجابة على مجموعة تساؤلات تشكل عبء ثقيل على كاهل الناس و ألقاء الضوء عليها وتوضيح الأمور بشكل جلي :
1ـ السؤال الأول المطروح والذي يبدو للوهلة الأولى ساذجاً وسطحياً هو هل لا زالت أمريكا القوة الأولى المهيمنة في العالم بعد التصدع والأنحسار الكبير لنفوذها وفقدان الهيبة عسكرياً وسياسياً أمام دول أخرى تتنامى قوتها سريعاً معلنة عن نهاية القرن الأمريكي مثل الصين وتحركاتها الماكرة والمحسوبة بدقة متناهية تماشياً مع تألقها العلمي والتقني على الصعيد العالمي وأيران وتحدياتها الفتية والعقائدية الصلبة وعودة الحياة للدب الروسي وعربدته الواضحة في المحيط الأقليمي وخصوصاً الشرق الأوسط الذي يعد نقطة أرتكاز لصراع المصالح الدولية والخصوصية المتعلقة بمصادر الطاقة والخيرات المادية الأخرى التي أنعم بها الله على هذه المنطقة وبطبيعة الحال وجود (أسرائيل) وما تعنيه لأمريكا والحكومة التي تدير العالم من وراء الكواليس .
2ـ الواقع على الأرض والأضطرابات التي يشهدها الداخل الأمريكي تؤشر الى نتائج نوعية مهمة في طبيعة السياسة الأمريكية المستقبلية بالرغم من عدم خروج هذه الأحتجاجات والتظاهرات عن الطابع الوطني والمفاهيم القومية للحياة الأمريكية ومحاولة أحتوائها وتسييرها ضمن الأطر الستراتيجية العامة لدولة عظمى بحجم وقوة أمريكا غير أن بات شبه واضح رفض عموم شرائح المجتمع لسياسة التمييز والقهر والأضطهاد العرقي والعنصري وأستخدام القوة المفرطة في فرض القانون ضد الملونين والمواطنين من أصول أسيوية وافريقية ومثل هذه الوضعية تشكل فرصة كبيرة ومساحة مريحة لتحرك التيارات والمنظمات ذات الطابع اليساري المعارض وأن كانت شبه معدومة نتيجة الأسس والقواعد التي عمل النظام الرأسمالي على ترسيخها لقرون عديدة.
3ـ حجم وتأثير الضربة التي وجهتها جائحة فيروس كورونا لبنية النظام الأقتصادية والأجتماعية والذي أوشك أن يتهاوى أمامها وحجم الخسائر الهائلة التي تعرض لها الأقتصاد نتيجة الركود والتوقف التام ومن جهة ثانية أنكشاف عورة النظام الصحي وأنهياره وعجزه أمام جائحة الفيروس والأعداد الكبيرة من الوفيات نتيجة لذلك مما أجبر الجبروت الأمريكي من أستجداء المعونة والدعم الخارجي وقيام الحكومة بالأستيلاء على مواد وتجهيزات طبية تعود لدول أخرى في مطارات العالم بوسائل اغراء مالية ضخمة.
بعد هذا الأستعراض السريع يبقى السؤال هل أمريكا بوضعها الراهن تعتبر حليف ستراتيجي قوي يمكن الركون أليه .
أما أذا أنتقلنا الى الجانب العراقي فالمشكلة الأولى تكمن في عدم وضوح الرؤيا والخطوط والأهداف التي تشكل أرضية يستند ويقف عليها المفاوض العراقي في حال الشروع بالمفاوضات التي سمتها الأبرز عدم تساوي الكفتين …هذا الحال المزري والبائس نتيجة طبيعية لصراع الأرادات والمصالح الطائفية والحزبية الضيقة وغياب وحدة القرار وعمل جميع الأطراف على أبقاء الوضع كما هو عليه خدمة لمصالحهم الشخصية ورضوخاً لأوامر زعامات أقليمية ليس من مصلحتها أستقرار العراق .