8 أبريل، 2024 2:40 ص
Search
Close this search box.

الحوار الاستراتيجي الامريكي العراقي؛ تحدي مصيري وتاريخي

Facebook
Twitter
LinkedIn

انتهت الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين امريكا والعراق في السابع من الشهر الجاري. هذه الجولة من الحوار، التي كانت بين وزيري خارجية البلدين؛ السيد فؤاد حسين، وزير خارجية العراق، وانتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية. البيان المشترك الذي صدر عنها، والذي نشرته الخارجية الامريكية، على صفحة المتحدث باسمها، وباللغتين العربية والانكليزية؛ اشار الى اهم النقاط التي تم الاتفاق عليها بين الجانبين، والتي تتلخص في الاتي؛ قضايا الأمن ومكافحة الارهاب والاقتصاد والطاقة والبيئة والمسائل السياسية والعلاقات الثقافية. كما ان البيان وفي مكان اخر منه، نص على اتفاق الجانبين وبوضوح كامل الى التالي؛ انضمام العراق الى اتفاقية نيو يورك للاعتراف بقرارات التحكيم الاجنبية وادخال نظام التأشيرات عند الوصول لتعزيز التجارة الدولية والاستثمار الاجنبي. وفي مكان اخر من البيان وبالمعنى، اوضح الاتي؛ تشجيع الاستثمار والخصخصة، واعادة هيكلة الاقتصاد العراقي. وفتح ابواب الاستثمار للشركات الامريكية في البنى التحتية وفي الطاقة، النفط والغاز والكهرباء، وربط العراق مع الاردن ودول الخليج العربي في الكهرباء وفي غيرها؛ لتقليل ساعات القطع في التيار الكهربائي، واستثمار الغاز المشتعل. أما اعادة جدولة انتشار القوات الامريكية، فتم ترحيلها الى الجولة القادمة، مبينا ان تواجد القوات الامريكية في العراق جاء بناءا على طلب الحكومة العراقية، ولم يشر بوضوح الى جدولة الانسحاب، او تحديد زمني لإعادة انتشارها، وتركها غامضة، ومفتوحة على التأويل والاجتهاد والتوصيف. كما ان البيان ركز على ان تلك القوات ليست قوات قتالية، بل هي قوات للتدريب والاستشارة، وهي متواجدة في قواعد عراقية كضيوف( عديدها 2500عسكري؟!..). في الجانب الثاني اشار البيان العراقي على ان العراق وامريكا اتفقا على جدولة انسحاب القوات الامريكية، على خلاف ما جاء في بيان الخارجية الامريكية في اعلاه. السفير الامريكي في بغداد، قال؛ بان الحوار بين الامريكيين والعراقيين لم يتطرق الى انسحاب القوات الامريكية من العراق. كما ان بيان الخارجية الامريكية؛ اشار الى قوات التحالف سوف تزيد من تواجدها، اي قوات الناتو، والذي كان قد اعلن في وقت سابق من هذا العام؛ بأن الناتو سوف يزيد عديد قواته، وايضا لغرض التدريب والاستشارة الى اكثر من 3000عنصر؟!.. وهي في حقيقتها، كضباط، اضافة الى حصة الاسد لعديد الجنود الامريكيين، المشاركين فيها، هي امريكية بالكامل من حيث الهدف والقيادة. السيد كاطع الركابي، عضو لجنة الامن والدفاع، وجه نقدا لاذعا الى البيان المشترك وقال؛ انه لم يشر بوضوح الى الانسحاب الكامل للقوات الامريكية. ان الولايات المتحدة ليس في خططها الانسحاب الكامل من العراق، لا الآن، و لا، في المستقبل؛ وهي تراهن على تغييرات الزمن اي ما سوف يأتي به الزمن القادم من تحولات في المشهد السياسي العراقي، وهي في هذا تتبع ذات النهج في التعامل مع ملف ايران النووي، اي المراهنة على تحولات ومتغيرات الزمن. وعلينا ان نعرف ان لأمريكا في العراق الكثير من المؤيدين لها ولسياستها في البلد؟!.. ان نتائج ومخرجات هذه الجولة من الحوار الامريكي العراقي، والجولات القادمة وحتى الجوالات السابقة؛ لا يمكن باي حال من الاحوال، فصلها عن العلاقات او الصراع الامريكي الايراني، سواء في الصفقة النووية الايرانية مع المجتمع الدولي، او في موضوعات اخرى ذات صلة. كما ان الوجود الامريكي العسكري في العراق، لا يمكن فصله عن القاعدة الامريكية في صحراء الاردن وعلى مقربة من الحدود العراقية الاردنية والسورية، بل ان وجودها لهذا الغرض. الاردن وكما يقول الدكتور عبد الله النفيسي مؤخرا؛ الاردن شركة امريكية للخدمات الأمنية.. وفي ذات السياق لا يمكن عزله كهدف ووسيلة عن ما سمي بمحور الشام، العراق والاردن ومصر. السيد الكاظمي، قبل جولة الحوار الامريكي العراقي بأيام قليلة، وبحسب تسريبات الصحافة الامريكية؛ وجه رسالة شديدة اللهجة الى الحكومة الايرانية؛ طالبا منها العمل على الحد من تصرفات البعض من فصائل من الحشد الشعبي، الموالية لها، على حد توصيف تلك الصحافة. لاحقا، قبل ايام قليلة جدا، من بداية الحوار الامريكي العراقي، قآاني زار العراق والتقى بعدد من المسؤولين العراقيين. ان هذه الخبطة من الزيارات والرسائل وجولات النقاش والحوار بين الايرانيين والعراقيين، تؤكد بما لا غموضا فيه، ولا التباسا؛ ان الفاعل الايراني في المشهد العراقي بصورة عامة، وفي علاقة العراق مع امريكا؛ له موقف ورأي في الحوار الامريكي العراقي في الذي يخص (العلاقة الاستراتيجية؟!…) بين الدولتين، ودور ايران الاقليمي في المنطقة. الولايات المتحدة تدرك هذا الامر بصورة جيدة، وهي تعرف ومطلعة تماما على قوة ودرجة التأثير الايراني على علاقتها بالعراق، وحتى وجودها ليس العسكري فقط بل وجودها الاقتصادي والتجاري والمالي والاستثماري والثقافي، وبالذات وجود شركاتها العاملة في حقول النفط والكهرباء، وبقية الحقول، ولو انها تخطط وتطمح، ليكون هذا الوجود موجودا وجودا راسخا، في المستقبل المنظور، او ابعد قليلا منه، اي من المستقبل المنظور. ان العراق يشكل ثقلا مركزيا في الاستراتيجية الامريكية في المنطقة العربية، وحتى في جوارها القريب. عليه؛ فأن امريكا لم ولن تترك العراق لحاله ابدا، وهنا نقصد وجودها الاستعماري والاستغلالي فيه؛ خدمة لمداخيل استراتيجيتها تلك، الا بموقف عراقي واحد وموحد، وبموقف سياسي صلب، يستند على بنية اقتصادية وتجارية وصناعية وزراعية ومالية، وفي الطاقة.. قوية ومنتجة،( عوامل انتاج اقتصاد قوي، موجودة ومتوفرة بكثرة في العراق، ان صحت النية عند خط عند خط الشروع؛ لبلوغ اهداف نهاية الشوط. وما يساعد في هذا، ويفتح الطريق واسعا له؛ التغييرات والتحولات الدولية المتسارعة؛ صراعا وتنافسا، على مناطق النفوذ، اضافة الى الاهتزاز العميق في المجتمع الامريكي، وما سوف ينتج مستقبلا عنه، من تحول عميق وشديد التحول في سياسة الدولة العميقة في امريكا؛ استجابة لتحول الداخل الامريكي، وتصعيد مستوى الاستعداد والتصدي للمتغير الدولي.)والمؤسف جدا؛ ان هذا الموقف سواء قَبِل من قَبل او رفض من رفض؛ غير موجود في وضع العراق الحالي؛ لأن الموقف العراقي موزعة بين دول الجوار العربي والاقليمي والدولي( الامريكي والغربي وغيرهما…) بالفعل والتأثير الوجوديين في السياسة وصناعة الموقف والرأي. ان الولايات المتحدة تعول كثيرا على نتائج الانتخابات العراقية القادمة في نهاية هذه السنة؛ في احداث تغيير جدي وحاسم، بتبديل عدد حاسم من لاعبي فرق الملعب العراقي المفتوح من جميع الجهات ولجميع الفرق، وان كان اللاعبون عراقيين. في هذا السياق؛ نعتقد ان جولة الحوار العراقي الامريكي القادمة، محكومة بمفاوضات الصفقة النووية الايرانية مع الدول الكبرى، وتحديدا؛ حين يصل التفاوض الايراني الامريكي سواء المباشر او غير المباشر، اي بالوسطاء الاوربيون والروس والصينيون؛ الى منطقة التوافق والاتفاق وهما سوف يصلان الى هذه المنطقة. في ذات الصدد؛ ان الحوار السعودي الايراني في بغداد، والذي كشفته الصحافة الامريكية، يقع في عين الخانة، وهو بدفع امريكي، والادق والاصح، هو بتوجيه امريكي؛ لإيجاد قاعدة عملية، توفر الحماية للوجود الامريكي في العراق، بتلاقي وتوافق الفواعل السياسية والاقتصادية وما اليهما في المشهد السياسي العراقي. ان جولة الحوار الامريكي العراقي القادمة، سوف تكون حاسمة، وتضع الشكل النهائي او القريب من النهائي؛ (للعلاقة الاستراتيجية؟!..) بين البلدين، والدور الايراني في العراق، وفي المنطقة العربية. في الختام هنا، نقول؛ ان على العراقيين والعرب ( النظام الرسمي العربي) ان يصحوا ويقرأوا المخرجات الاستراتيجية ببعدها التاريخي على اوطانهم، قراءة عميقة، اولا، وثانيا؛ توفير مستلزمات الاستعداد الكفؤ، لهذا التحدي المصيري والتاريخي. اخيرا؛ لا يسعنا الا نذكَر بالقول القديم المأثور: ان حصاد الحقل يختلف عن حصاد البيدر..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب