20 مايو، 2024 9:30 ص
Search
Close this search box.

الحوارات النادرة

Facebook
Twitter
LinkedIn

-1-
الحوارات التي تجري بين الناس في أيامنا ، قلَّ مَنْ يتصدى لتسجيل الغريب منها ، فضلاً عن الحوار الخالي من الإثارة …
ليس هناك من يدّون …

وليس ثمة من يُولي أمثال هذه الحوارات عنايتَهُ فيتتبعُها ويرصدها ، ثم يحللها وينتزع منها الدروس …!!!

لماذا ؟

لانّ انسان الألفية الثالثة مشغول بهواياته، وهو يسمع الكثير، ولكنه لا يكتب الاّ القليل ..!!

-2-

بينما كان تدوين المُلح والطرائف منحى معروفا لدى الكثير من الأدباء والندماء ، يكتبونها ويحفظونها ويزينون بها المجالس والمحافل …

وهكذا اجتمعت في كتب الادب والتراث أخبارٌ وحكايات ، وشكلّتْ كمّاً لايستهان به من التجارب البشرية التي يمكن ان تُثري الانسان المعاصر بالكثير من الفوائد الاجتماعية والاخلاقية …

-3-

ومن تلك الحوارات :

حوار خالد بن صفوان – الذي قرّبه الامراء ، واصطفاه الأعيان واعجبوا بفصاحته ، وسرعة بديهيته ، وقدراته البيانية والادبية والتاريخية … (ت135 هجرية )

” قالت له زوجتُه :

إنك لجميل يا ابا صفوان

قال :

وكيف تقولين هذا ، وما فيّ عمودُ الجمال ،

ولا رداؤه ،

ولا برنسُه …

فقيل له :

ما عمود الجمال ؟

قال :

الطُول ، ولستُ بطويل ،

وردؤاه البياض ، ولستُ بأبيض ،

وبرنسُه سواد الشعر ، وأنا أشمط ،

ولكنْ قُولي : إنّك لمليح ظريف )

العقد الفريد / 6 / 116

أقول :

ليتَ المعنيين بالشؤون العامة في العراق الجديد ينحون منحى (خالد بن صفوان) الذي لم يقبل من زوجته ما أطلقتهُ عليه من وصف الجمال – ولكنه قبل بانه :

( مليح ظريف )

ان الجمال عند خالد بن صفوان يرتكز على ركائز هي :

الطُول : وهو منتفٍ فيه ، لانه لم يكن بالطويل ،

اللون : وهو البياض ، ولم يكن بالابيض ،

والشعر : ولم يكن شَعْرُه أسود ..!!

انّ المواصفات الجمالية قد تختلف فيها الانظار ، وليس هذا هو المهم في المسألة ، وانما المهم هي عملية الرفض لِمَا وصُفَ به، مع انه لم يكن كذلك ..

إنّ الذي يمتدحه الآخرون فيرّد عليهم ويناقشهم ، يمتلك من الإنصاف والواقعية ، ما يقفز به الى مصاف الرجال البعيدين عن شرنقة الذاتية المقيتة ، ومتى ما حطمّ الانسان حواجز الذات استطاع أنْ يلج دنيا المروءة والانسانية والاحساس بآلام وآمال الآخرين …

اننا في (العراق الجديد) ابتلينا بمن أراد تحويل الاعلام السميّ الى بُوقٍ يضخّ مناقبه وانجازاته ومآثره …

وهناك من يقول :

بانَّ أعداداً من الاعلاميين قد جُنِدوا للعمل في مختلف المواقع الاعلامية ، – بما فيها المواقع الالكترونية المستحدثة خصيصاً للتسويق الشخصي – ومنحوا أموالاً طائلة وصولاً الى التبشير بانَّ الغارق حتى شحمه أذنيه هو رجل المرحلة دون منازع .

ولقد صدرت أوامر بالقاء القبض على جملة من الاعلاميين الأحرار لأنهم رفضوا ان يسبّحوا بحمد الرجل … واضطر بعضُهم للتواري عن الأنظار..

وهذا يعني ان العراق الجديد ، الذي تنفس الصعداء بعد سقوط الدكتاتور المقبور في 9 نيسان /2003 الذي اختصر العراق بذاته ، عاد يعاني من جديد ما كان يعانيه في تلك السنوات العجاف …!!

-4-

وجاءت النتائج على عكس ما أراده الغارق بالأوهام والأحلام .

لن يُفلح المفتون بذاته وملكاته وقدراته لا في الدنيا ولا في الآخرة .

ذلك ان القضية المركزية التي يوّظف من أجلها كل ما يملك، هي قضية شخصية بعيدة كل البعد عن قضايا الوطن والمواطنين ، وكيف يفلح من لا يُحسن إلاّ فنّ إثارة الأزمات والاحتقانات ، ولا يُصغي لا لنداء العقل، ولا لنداء المصالح العليا للبلاد ؟!!

*[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب