17 نوفمبر، 2024 5:30 م
Search
Close this search box.

الحنين الى الماضي

مازال الحنين الى الماضي يعيش في داخلنا وكانه طفل مدلل يلازمنا في كل الاوقات. الحنين الى الماضي يعني الحنين الى كل شيء من الذكريات قسم منها مؤلم ونسيانه مطلوب والقسم الاخر كان متعب جدا ولكنه يحمل معه نكهة الزمان القديم.. نكهة اللبن الزبادي الطبيعي وانت تاخذه مباشرة من المصنع اليدوي البسيط المصنوع من جلد طبيعي مدبوغ يسمى في المصطلح القروي ﴿الشچوة)) هذه النكهة الجميلة التي لم نعرف في وقتها نكهة الفانيلا باطعامها المختلفة… كنا نشم رائحة الخبز قبل ان يستوي في التنور الطيني وكانت رائحته تفوح في كل مكان وكان الجار يعرف ان جاره اليوم لديه خبز حار مصنوع من اجود انواع الحنطة المسماة صابربيگ او مكسي بيگ. كانت الحنطة تسقى مطرا وبدون مواد كيمياوية كل شيء كان مستمد من الطبيعة عكس عالمنا اليوم حتى المخلوقات البشرية تغيرت اشكالها والوانها بفعل المواد الكيميائية او مايسمونها مواد التجميل والمكياج..فذات البشرة السمراء اليوم تجدها بعد ايام قد تغيرت واصبحت ناصعة البياض ولم تسلم حتى النباتات من عالمنا الكيمياوي فالطماطة التي كنا ناكلها في السابق نجد داخلها الحموضة والملوحة تحولت اليوم الى مادة اشبه بالمواد البلاستيكية ورگي الموصل الذي كنا نجد في داخله الحلاوة والطعم وكان يزرع في الصيف فقط وما ان تضع يدك على منطقة تسمى الوردة حتى تنفتح الرگية بالكامل نتيجة شبعها من ماء دجلة العذب. كان لها طعم مميز وخاصة بعد وجبة العشاء وتكون العائلة مجتمعة على ضوء القمر يفترشون منطقة مرتفعة داخل منزلهم يسمى الدچة وبعد تناولهم وجبة العشاء التي غالبا ماتكون اكثر الوجبات دسومة من الباميا الحسناوية التي تحمل داخلها دهون وطعم مميز لتضيف الى الطبيخ مع اللحم البقري او لحم الغنم وكما يسمى لحم ضان نكهة يجتمع فيها خبز الحنطة مع مرقة الباميا والطماطة مع اللحم ليولد اكلة عراقية لايمكن الملل او الشبع منها.. وخاصة ان هذه الاكلة لم تكن متوفرة طوال الوقت في ماضينا الذي نحن اليه… تجتمع العائلة على محبة الله وتاكل من بركات الرحمن.. لم تكن في حينها المشروبات الغازية متوفره مثل يومنا هذا ولم تكن الفواكه بهذه الكثرة وكل مانعرفه منها التفاح والبرتقال والذي كان يمر علينا مرة واحدة اومرتان في السنة وعن طريق حادور المدينة وهذا المصطلح يطلق على من لديه عمل او يذهب الى المدينة للتسوق اولبيع احد اغنامه كي يجلب لعائلتة التمن والسكر والتمر وبعض متطلبات المنزل الضرورية كالقماش وغيرها من الحاجات المنزليه… كانت الماركات ومصانع المواد الغذائية ثابته وقليلة وتجد نفس العلامة بالنسبة لمعجون الطماطم ابو الديك ودهن الطعام علامة زبيدة والراعي وصابون الحلبي ولكن قلة المبالغ النقدية سبب رئيسي من عدم تحسن الوضع الاقتصادي للعائلة ومعيشته في الحرمان….
اما بالنسبة للملابس فكان ابناء الموظفين في الدولة يستطيعون شراءها وهي ايضا مودة وحسب موديلات وقتها وفي زماننا اشتهر لبس البنطلون العريض جدا من الاسفل ويسمى چارلستن اما نحن ابناء الطبقات الفقيرة فنلبس من معونات مدرسية توزع علينا في المدارس وهي عبارة عن ملابس بالة قديمة ولكنها كانت في نظرنا آخر الموديلات…
كان في زماننا التغذية المدرسية وبصراحة بهذا الجانب فضل محسوب للدولة في حينها فابناء القرية وصل الى ابناءهم اول مرة جبنة المثلثات والحليب السائل ومعه ربما تفاحة وقطعة من الكيك وكانت فرحة ولذة لاتوصف عندما يحين توزيع مواد التغذيه المدرسية….
كان الاساتذة المعلمون قدوتنا في كل شيء ونكن لهم الاحترام ونخافهم فالمعلم بمقام الاب وكلامه مطاع وغير قابل للنقاش واتذكر جيدا كل من درسني واذكر منهم معلم الرياضة الذي كان يهيئنا للمشاركة في استعراض كبير يقام سنويا في ناحية حمام العليل لالعاب الساحة والميدان ويشارك فيه كل المدارس تقريبا في جنوب الموصل وتوزع فيه المداليات والكؤوس للفائزين…. وللحديث بقية وشكراً لكل من يتابع مقالاتي…….

أحدث المقالات