22 نوفمبر، 2024 11:45 م
Search
Close this search box.

الحملة لانقاذ الدينار

الحملة لانقاذ الدينار

بودي أن أضع أمام الاعلاميين والسياسيين العراقيين رؤيتي لمستقبل الاقتصاد العراقي في ضوء السياسات غير المدروسة التي اتخذها رئيس الوزراء مؤخرا , مدفوعا من جهتين تمليان عليه سياساته . واحدة خارجية تمثل ايران وسوريا . والاخرى داخلية تمثل مجموعة من المستشارين المرضى والقياديين المعوقين في حزبه ممن ينقادون عميانا للحقد الطائفي البغيض ضد الآخرين , دولا وشعوبا .
فبعد خروج الولايات المتحدة شكليا من العراق , وخوضها لحربها على مدى ثماني سنوات فوق أرضنا في العراق , كان لا بد لدولة أخرى أن تتكفل قتال القاعدة بالنيابة عنها في المنطقة . ومن البديهي ان تكون هذه الدولة ليست العراق بالطبع , لأنها ببساطة حتى هذه اللحظة ليست بدولة تستطيع الدفاع عن نفسها , انما هي عبارة عن مستودع مالي يغطي نفقات الحروب التي تخوضها الدول بالنيابة عن الولايات المتحدة .
عندما كانت قوات هذه الاخيرة في العراق حتى نهاية العام الماضي , تكفلت هي نفسها بمقاتلة القاعدة , ولم يكن دور العراقيين من قوات الجيش والشرطة الا أداة مساعدة ومساندة لتنفيذ سياساتها في بلدنا . تغذيها وتدعمها دولتان جارتان بعناصر القاعدة المدربة والمستقدمة من دول العالم , سواء كانت عربية أم اسلامية أم عالمية , هاتان الدولتان هما سوريا وايران , يدخلون تلك العناصر الى العراق جهارا نهارا .
ولكن اليوم بعد خروج تلك القوات الأميركية من العراق , كان لا بد لاحدى هاتين الدولتين أن تقوم بالمهمة نيابة عن الولايات المتحدة , ومن الطبيعي أن تكون سوريا وليس ايران , لتأكيد البعد الطائفي في السياسة , ولأسباب يطول الحديث فيها .
على أن يقتصر دور العراق ويتكفل بتغطية مصاريف تلك الحرب ودعم المجهود الحربي الذي تقوم به سوريا وتسانده ايران .. فخمسمائة مليون دولار أميركي من عائدات العراق من البترول , هي كافية لدعم المجهود الحربي السوري وتعويض ايران عن خسائرها جراء التضييق الاقتصادي المفروض عليها من قبل الغرب , بغية توجيه اقتصادها نحو تحقيق الغاية الغربية من الحرب على القاعدة , وليس التوسع في البرامج الداخلية الاخرى .
كان العراق وفي ضوء سياسات رئيس البنك المركزي العراقي الملاحق الصديق الدكتور سنان الشبيبي يعزز من قيمة الدينار العراقي , وذلك بطرح ما قيمته مائة وخمسين الى مائة وثمانين مليون دولارا اميركيا في السوق للتغطية والحفاظ على سعر الدينار العراقي . أما اليوم ومنذ تصاعد الازمة فقد تضاعف المبلغ 3 ثلاث مرات , وهذا ما من شأنه أن يهدد الاقتصاد العراقي ويتسبب في انهياره وانهيار سعر الدينار العراقي في غضون الاشهر القادمة , اذا ما استمر الحال على هذا المنوال .
نعم ربما سيلجأ العراق وبمساعدة الغرب والولايات المتحدة , فضلا عن تغاضي ايران وسوريا الى زيادة حصة العراق من تصدير النفط للتغطية على سياسة الاستنزاف المالي تلك , غير أن هذه السياسة وان كانت لا تفصح عن انهيار ظاهر للدينار العراقي , لكنها تبطن استنزاف فاضح للاقتصاد العراقي . فالعراق اليوم حسب تصريح الدكتور ثامر الغضبان مؤخرا يصدر ثلاثة ملايين وأربعة عشر ألف برميل من النفط يوميا الى السوق العالمية , ومن المحتمل أن تزداد في الاشهر القادمة , بعد أن كان يصدر مليونين وستمائة ألف برميل يوميا في السابق .. كل هذه الزيادات لم تصب في مصلحة المواطن العراقي بقدر ما صبت في مصلحة الدولتين الجارتين , الخائضتين الحرب ضد القاعدة .
ان الغاية الاولى والاخيرة من التوجه نحو ما كان يسمى سابقا بالمعسكر الاشتراكي لابرام عقود التسليح مع روسيا والجيك , هو ليس كما يحاول رئيس الوزراء الايحاء الى العراقيين وغيرهم نحو خلق حالة من التواجد الدولي المتوازن في العراق , ونهاية مرحلة الاعتماد على الولايات المتحدة , فقد كذب هذا الايحاء سريعا زيارة نائب وزير الدفاع الاميركي الى العراق والعقد المبرم مع الولايات المتحدة حول تزويد العراق بطائرات أف 16 عام 2018 . انما تصب زيارة رئيس الوزراء لروسيا والجيك في مصلحة سوريا وايران وتتناغم مع سياستهما تماما .
ان اجراء اقالة الشبيبي من البنك المركزي العراقي اجراء سياسي خاطىء سيعود بايذاء الاقتصاد العراقي لاحقا . أستطيع أن أسترسل بالشرح والاستدلال على خطأ سياسة رئيس الوزراء القائمة على الفردية والجهل بالسياسات الدولية ومستقبل العراق , لكنني أجد نفسي سأطيل , وعليه أكتفي بهذا المقدار من التنبيه والاثارة , داعيا ومناشدا جميع الاعلاميين والسياسيين الحريصين على العراق الى التصدي لتلك السياسة المؤذية والتحذير من نتائجها وعواقبها الوخيمة , ورفع أصواتنا عاليا في وجهها كونها غير آبهة بمستقبل العراق وشعبه .

أحدث المقالات