23 ديسمبر، 2024 4:49 ص

الحملة الانتخابية بين وعي الناخب واهلية المرشح

الحملة الانتخابية بين وعي الناخب واهلية المرشح

لنبدأ من سؤال بسيط ،ماذا تعني الانتخابات ؟ . وبكل بساطة نقول في أي بلد تسوده النظم الديمقراطية تحتل الانتخابات أهمية بالغة، لما لها من دور في تحديد البرامج الأصلح لإدارة الدولة ، وانتخاب الكفاءات القادرة على الارتقاء بجوانب الحياة المختلقة من خلال تطبيق تلك البرامج . بعد عام 2003 شهدنا تحولاً ديمقراطيا بعد عهود من الدكتاتورية والتسلط والاستبداد وكان من نتائج هذا التحول اجراء الانتخابات كممارسة ديمقراطية، من خلال التصويت على الدستور او انتخاب اعضاء الجمعية الوطنية ومجالس المحافظات لدورات متتالية . ومن خلال مراجعة الأجواء التي سادت الحملات الانتخابية السابقه يمكننا تأشير جملة من النقاط والملاحظات بالإمكان اتخاذها كنقطة انطلاق نحو تحليل مشهد الحملة الانتخابية الحالية وما تسودها من ظواهر . ومن تلك الملاحظات :-

1 . كان تأثير الانتماءات بكل انواعها المذهبية العشائرية ،المناطقية ..الخ تأثيراً ملحوظاً على اختيار الناخب .

2 . من الأساليب المؤثرة على نتائج الانتخابات استمالة المرشحين والكيانات السياسية للناخبين من خلال توزيع العطايا النقدية والهدايا المختلفة . 3 . اقامة الولائم من قبل المرشحين في المناطق المختلفة وتكليف من يقوم بمهمة الدعاية مقابل ثمن مع الترويج المصحوب باستلام معاملات او تبني قضايا معينة. 4 . زيارة المرشحين للمناطق الشعبية والقرى النائية واستغلال بساطة الناس من خلال اطلاق الوعود المختلفة بالخدمات والتعيينات .. الخ . 5 . حضور مناسبات الافراح ومجالس الفاتحة .. الخ واستغلال هذه المناسبات والمجالس لأغراض الدعاية الانتخابية . 6 . عمد البعض من المرشحين أو الكتل السياسية لإضفاء طابع (ترجيح المرجعية)من خلال مختلف الاساليب والوسائل . ان النقاط المتقدمة ونقاط اخرى غيرها ،شكلت ظواهر سلبية القت بظلالها على النتائج الانتخابية ،بالشكل الذي نستطيع معه ان نؤشر ذلك التأثير الذي ادى بالتأكيد الى مصادرة الكثير من اصوات الناخبين من خلال هذه الاساليب والتأثير على ارادتهم الامر الذي ابرز الى الواجهة كوادر ليست بالمستوى المطلوب من الكفاءة ضعيفة التجربة , قليلة العطاء، ومن ثم كانت النتيجة ما شهدناه من أداء متلكئ وتأخير في تشريع القوانين مما أنعكس على سير الامور على منوالها الصحيح . نحن الآن امام حملة انتخابية جديدة تفرض علينا تجاوز

الظواهر السلبية التي رافقت الحملات الانتخابية السابقة من خلال التعامل الواعي مع هذه الممارسة الديمقراطية , أما ما يصدر عن هذا المرشح أو هذه الكتلة من تحركات مخالفة للضوابط بهدف استمالة الناخبين من خلال الاساليب التي اشرنا اليها فإنها دليل كافي على عدم اهلية ذلك المرشح وعدم امتلاك هذه الكتلة للأرضية التي تؤهلها للمشاركة في ادارة الدولة .

هناك عاملان اساسيان لابد من توفرهما لنجاح العملية الانتخابية هما :-

1 . وعي الناخب ونظرته الى الامور وتقديره لحجم المسؤولية ،والتكليف الشرعي الذي يفرض التأني والدقة في الاختيار وعدم التأثر بالمغريات المادية والوعود المعسولة او الميل الى صلة القرابة او الارتباط العشائري .. الخ , ومن الاهمية بمكان ادراك الناخب أن مستقبل البلاد مرهون بمجموع الأصوات الداخلة في صناديق الأقتراع وأن صوته له قيمة وأثر في رسم الخارطة السياسية لمستقبل البلاد فلابد من التوجه الى صناديق الاقتراع بارادة واعية تضع في المقدمة مصلحة البلاد بروح وطنية مخلصة . 2 . معرفة المرشح بإمكانياته وقدرته على التعامل مع مختلف القضايا والإشكاليات برؤية تستند الى تجربة عملية وتحصيل علمي ومستوى ثقافي يمكنه من اثراء الآراء والمناقشات وابداء المقترحات . والابتعاد كلياً عن النظر الى الفوز من خلال الامتيازات الممنوحة للعضو وإطلاق العنان للأحلام والأماني بل ان الواجب الاخلاقي يفرض على المرشح ان ينظر الى هذه المهمة من خلال

الدور الذي ينتظره في حالة فوزه وما يتطلبه من من إعداد واستعداد للمشاركة الفاعلة من خلال الأداء الناجح المؤثر في الارتقاء بمستوى اداء المؤسسة التشريعية، وعلى مستوى الوعي العام لابد ان نضع أمام أبناء المجتمع حقيقة مهمة وهي ان ما يعرضه هذا المرشح أو ذاك من وعود سواء تعيينات او خدمات او غيرها هي وعود واهية لأن التعويل على فوز المرشح بعضوية البرلمان لايعطيه صلاحية التعيين او انشاء خدمات وإنما ينحصر دوره في الاشتراك بالتشريعات والقرارات التي يجري التصويت عليها في اجتماعات الجمعية الوطنية وان عمله كعضو ضمن السلطة التشريعية هو نيابة الجمهور الذي انتخبه في البرلمان والتعبير عن تطلعاتهم وشؤونهم ومصالحهم لتأخذ مكانها ضمن القوانين والتشريعات المدرجة في جداول أعمال الجمعية الوطنية . ما يجب ان يفهمه المواطن هوان صوته ذو قيمة في رسم مستقبل البلاد , ولابد ان يكون اختياره دقيقاً بعيداً عن أي مؤثرات ،وان الدافع الوطني والواجب الأخلاقي والتكليف الشرعي معايير يجب ان تكون اساساً للاختيار . وان ما يقدم من مغريات مادية أو وعود هي أول اشارة دالة على فشل من التمس من خلالها كسب الجمهور . المطلوب مزيد من الوعي المؤثر والمثمر من أجل مستقبل مزدهر.والله الموفق.