الناس حين يولدون فهم منقسمون أسباطا أسباطا في كل أسرة باختلاف الدم , وأفواجا افواجا في كل فئة حين ينشئون باختلاف الصحبة ,وأحزابا احزابا باختلاف الهوى في كل طائفة ومعتقد كالأرض نفسها ثلاثة أرباعها ماء ملح لا يصاغ ولا يشرب وإنما منفعته للكون كله.
خلال العقد الحالي زاد عدد الفقراء في العراق إلى حد غير متكافئ تماما مقارنة مع دول الجوار العراقي , عندما وصل إلى أكثر من ثمانية مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر من أصل نفوس العراق المقدرة لعام 2017 بـ أكثر من ( 37) مليون نسمة لأسباب كثيرة منها الحروب المستمرة مع الإرهاب بنسختيه المدمرتين تنظيم القاعدة ومن ثم داعش وما تتحمله الدولة من تكاليف عسكرية لمقاتلة الإرهاب ,إضافة إلى قلة فرص العمل في المجتمع الذي تحولت فيه الأغلبية إلى باعة مفرد في الشوارع العامة والأزقة والساحات العامة والأسواق وبالتالي التهرب من إكمال التعليم لشريحة واسعة من المجتمع وخاصة المناطق الريفية البعيدة عن الخدمات الحكومية التي هي أساسا متعثرة في المدن الرئيسية , أضافه إلى الفساد المالي المنتشر في الجسد العراقي منذ عام 2004 حتى ألان والذي لمح إليه السيد – حيدر العبادي – في خطاباته الأخيرة بأنه سوف يحاربه بكل قوة مستندا بذلك إلى توجيهات المرجعية الدينية في النجف الاشرف التي أنبح صوتها من كثرة ما قالت حول الموضوع.
كما عانى الملايين في المناطق المحررة من قبضة داعش صعوبة الحصول على مياه شرب نظيفة وسكن لائق ونظام صرف صحي بعد تدمير البنية التحتية لمدنهم التي تحتاج إلى ( 100) مليار دولار لغرض أعمارها بعد النزوح الواسع للسكان والسكن في مخيمات إيواء غير صحية في أوقات البرد والأمطار, والذي قدر عددهم خمسة ملايين نازح عاد منهم لحد ألان ما يقرب من 45 بالمائة والبقية تعيش في مخيمات النزوح والإيواء.
ولا يقتصر الفقر على المناطق الغربية من العراق التي يشكل فيها 42 بالمائة من مجموع السكان والتي أحتلها داعش حين غٌفلة من الحكومة الاتحادية , وإنما حتى الوسط والجنوب العراقي الغني بالنفط يعيش أغلب الناس على الكفاف حيث بلغت نسبة الفقر فيه 31 بالمائة مع انتشار ظاهرة التسول في جميع شوارع المدن والقصبات نساءً وأطفالاً بعمر الورد توقفٌ سيارتك أو تمسح زجاج السيارات من أجل الحصول على المال , مع أرتفاع أسعار المواد الغذائية المستوردة من دول الجور وارتفاع أسعار العلاج الطبي الحكومي والأهلي وشحت المياه التي تتعرض لها انهار الجنوب العراقي وجفاف الكثير من الأنهار الفرعية في معظم أقضية ونواحي المنطقة .. ولكي تتيح الحصول على المياه وتحسين مستوى الصحة العامة وحماية البيئة على الحكومة إعادة تأهيل محطات معالجة المياه وشبكات توزيعها ومحطات الضخ كذلك حفر الآبار ودعم وحماية مصادر المياه ونظم الصرف الصحي وبناء خزانات المياه.
إضافة لذلك بروز ظاهرة النزاعات العشائرية داخل المدن وفي المناطق الريفية ويكون المدنيون عرضة وأهداف مباشرة لتلك النزاعات البدوية الموغلة في عمقنا الصحراوي , أن القتل العمد واخذ الرهائن والعنف والتحرش الجنسي وتناول المخدرات تمثل بعضاً من الممارسات الشاذة التي تنشر الرعب والمعاناة بين السكان .
وكثير ما تسفر تلك النزاعات العشائرية عن تشريد المدنيين وقد يضطر هؤلاء الناس إلى ترك جميع ما يملكون ويفقد الأطفال فرص التعليم ويفقد الشباب فرص العمل .
كذلك انتشار المظاهر المسلحة داخل المدن مع انتشار واسع للأسلحة الخفيفة والمتوسطة , وحاملو السلاح هؤلاء ربما يكونون قد حصلوا على القليل من التدريب ,وقد بينت أمثلة حديثة كيف أن انتشار المجموعات المسلحة أدى إلى انتهاكات مروعة ذهب ضحيتها السكان المدنيون نتيجة نزاعات شخصية أو عائلية أو عشائرية لم تستطع الدولة السيطرة عليها بسبب قوة نفوذ تلك المجموعات المسلحة وضعف الدولة وعدم قدرتها اللوجستية في بسط سلطة القانون على الجميع.
وقد أثبتت بعض الدراسات أن الوفيات والإصابات الناجمة عن استعمال الأسلحة الصغيرة والخفيفة أكثر من تلك الأسلحة الثقيلة وبوسع أي إنسان حتى الأطفال تشغيل تلك الأسلحة فهي خفيفة وسهلة الحمل كما أن استخدامها يسير لا يحتاج إلى تدريب .
إما الحكام المحليين فأنهم فئة لا تعد إلا في مصائب الوطن وأيام الانتخابات الممطرة بالخير الوفير ,وأنهم كالأجنبي ما دام احدهم لا يصل أمومة أولاده ,وهم كالغاصب ما داموا يغتصبون أموال الشعب تحت شعار ( الطائفة الناجية) ,وإنهم كالعدو ما دام كل واحد منهم حربا لا تتوقف على أهله وأبناء جلدته .