الاستاذ المساعد الدكتور محمد ثامر السعدون
الاستاذ المساعد الدكتورة هديل الجنابي
المبحث الاول
الحرية الدينية في المواثيق الدولية والتطبيقات القضائية
نصت المادة 18 ألاعلان العالمي لحقوق الإنسان على (( لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده ، وحريته في أظهار دينه أو معتقده بالتعبد وأقامة الشعائر والممارسة والتعليم ، بمفرده أو مع جماعة ، وأمام الملاء أو على حدة )) ونصت المادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ((
1 ـ لكل إنسان حق في حرية ا
لفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما ، وحريته في أعتناق أي دين أو معتقد يختاره ، وحريته في أظهار دينه أو معتقده بالتعبد وأقامة الشعائر والممارسة والتعليم ، بمفرده أو مع جماعة ، وأمام الملاء أو على حدة .
2 ـ لا يجوز تعريض أحد لا كراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما أو بحريته في أعتناق أي دين أو معتقد يختاره .
3 ـ لا يجوز أخضاع حرية الإنسان في أظهار دينه أو معتقده ، ألا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأداب العامة أو لحقوق الأخرين وحرياتهم الأساسية .
4 ـ تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأحترام حرية الأباء ، أو الأوصياء عند وجودهم ، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة )) .
ونصت على ذلك أيضا الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان في المادة التاسعة منها بفقرتين مؤكدتين بشكل خاص على حق الإنسان في تغيير دينه بأختلاف واضح عن صياغة المادة الثانية عشرة في ألاعلان أو العهد الدولي والتي نصتا على أن يكون للإنسان الحق في تبني دين معين ودون أن تشير الى حق الإنسان في تغيير دينه . أما ميثاق الحقوق والحريات الأساسية للاتحاد الاوربي فقد نص على هذا الحق في المادة العاشرة منه وتحت عنوان حرية الأعتقاد والضمير والدين وبصياغة مقاربة أن لم تكن مطابقة لصياغة المادة التاسعة من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان ونصت المادة الثالثة من الأعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان مشددة على الحق في ممارسة الفكر والمعتقد الديني بشكل علني أو سري أما الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان فقد نصت على هذا الحق في المادة الثانية عشر وبتفصيل بفقرات أربع خصوصا التأكيد على حق الأباء بتعليم أبنائهم وفقا لمعتقداتهم الدينية والاخلاقية ونصت المادة الثامنة من الميثاق الأفريقي لحقوق الشعوب ( ميثاق بنغالا ) ولكنها جاءت بصياغة مقتضبة جدا لم تشأ الى حق الإنسان في تغيير دينه بقدر ما أشارت الى حقه في ممارسة تلك المعتقدات بشكل علني أو سري أما اتفاقية حقوق إنسان وحياته الأساسية لدول الكومولنت والدول المستقلة فقد نصت في مادتها العاشرة على هذا الحق مؤكدة على حرية أختيار الدين أو المعتقد وأن هذه الحرية لا تخضع لغير القانون أو لا تمارس ألا في حدود مصالح المجتمع الضرورية وبشرط أن لاتخل بالنظام العام وألامن العام والصحة العامة والأخلاق وأن لاتنتهك حقوق وحريات الأخرين كما نص عليه الدستور الامريكي في التعديل الاول الذي حظر على الكونغرس تشريع أي قانون يخل بحرية الإنسان بالمعتقد والفكر والدين أو أصدار أي تشريع يحرم ممارسة الشعائر الرئيسية .
وهكذا فالحق في حرية الدين والفكر والمعتقد يعني حرية الفرد في أعتناق دين معين أو عقيدة دينية أو روحية ، غالبا ، كما له الحرية أن لا يعتنق دين أو عقيدة دينية وهذا الاعتناق مسألة معنوية أو روحية تحتاج إليها النفس الإنسانية ومع ذلك فقد تظهر للوجود عند ممارسة الفرد لها وقد لا تظهر وتبقى كامنة في النفس فأذا أعتنق الشخص دينا معينا فقد يمارس الطقوس الدينية لذلك الدين والعمل بمبادئه وعند ذلك يخرج الموضوع من مجرد الأعتقاد الروحي بممارسة شعائر ذلك الدين فتبرر عند ذلك حرية العبادة ، كما أن أعتناق الدولة لدين معين لا يعني حرمان الأخرين من حرية أعتناق دين أخر أو معتقدات أخرى وحرياتهم بممارسة شعائر تلك الديانة ولكن دون الاخلال بالنظام العام والاداب العامة كما نص الاعلان الفرنسي في المادة العاشرة على أنه (( لا يجوز أزعاج أي شخص بسبب أرائه وهي تشمل معتقداته الدينية بشرط أن لا تكون المجاهرة بها سببا للاخلال بالنظام العام المحدد بالقانون.
فالحرية الدينية تتمثل في جوانب ثلاث هي : ـ
1 ـ حرية الفرد في أختيار دين أو معتقد معين وذلك في حدود أحكام القوانين النافذة .
2 ـ الحرية في عدم أعتناق دين أو معتقد أذ لا يجوز أجبار شخص لا يعتنق ديانه معينة على أداء اليمين القانونية على الكتاب المقدس الخاص بها ومن قبيل ذلك أبطال النيابة أو تولي الوزارة دون قسم على هذا الكتاب لشخص لا يعتنق الديانة المستندة على هذا الكتاب المقدس
3 ـ حرية تغيير الديانة أو المعتقد دون التعرض لأكراه أو أذى .
وكانت الجمعية العامة للامم المتحدة قد أصدرت أعلان القضاء على جميع أشكال عدم التسامح والتمييز القائمة على أساس الدين أو المعتقد وجاء فيه عدة مبادئ تحظر التمييز بين الأشخاص على أساس ديني وأستنادا الى المادة الخامسة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 1965 وأهم هذه المبادئ : ـ
1 ـ التحذير في ديباجة الأعلان من خطورة عدم مراعاة أو التعدي على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وبوجه خاص الحق في حرية المعتقد أو الدين وشددت على خطورة ذلك التعدي لما يمكن أن يؤدي إليه من صدامات ومعاناة للإنسانية .
2 ـ وجوب أحترام حرية الأعتقاد والديانة أحتراما كاملا بأعتبارها أحد الأسس الجوهرية لحياة الإنسان ، أنه من المهم جدا الترويج لمبادئ التسامح والأحترام فيما يتعلق بألاديان .
3 ـ حظر أخضاع أي شخص للتمييز من أي دولة أو مؤسسة أو مجموعة من الأشخاص على أساس ديني أو معتقدات أخرى وأن عبارة(( التعصب والتمييز القائميين على الدين والعقيدة )) تعني أي أستبعاد أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس الدين والمعتقد .
4 ـ التزام جميع الدول بأن تتخذ جميع التدابير لمنع والقضاء على أي تميز يقوم على أساس من الدين أو العقيدة في كافة المجالات الدينية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية .
وتنفيذا لأحكام هذا الإعلان أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب الديني ، وأكدت ديباجة هذا القرار على أن : ” التمييز ضد البشر على أساس الدين أو المعتقد يشكل إهانة للكرامة البشرية وتتكرا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة .. وضرورة اتخاذ الدول ما يلزم لمواجهة التعصب وما يتصل به من عنف قائم على أساس الدين أو المعتقد ، بما في ذلك تدنيس الأماكن الدينية ، وكذلك اتخاذ جميع التدابير لمكافحة الكراهية والتعصب .. وتشجيع التفاهم والتسامح والاحترام في المسائل المتصلة بحرية الدين أو المعتقد ..
5 ـ التزام جميع الدول بأن تتخذ جميع التدابير لمنع والقضاء على أي تمييز يقوم على أساس من الدين أو العقيدة في كافة المجالات الدينية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية .
وتنفيذا لأحكام هذا الإعلان أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب الديني ، وأكدت ديباجة هذا القرار على أن : ” التمييز ضد البشر على أساس الدين أو المعتقد يشكل إهانة للكرامة البشرية وتنكرا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة .. وضرورة اتخاذ الدول ما يلزم لمواجهة التعصب وما يتصل به من عنف قائم على أساس الدين أو المعتقد ، بما في ذلك تدنيس الأماكن الدينية ، وكذلك اتخاذ جميع التدابير لمكافحة الكراهية والتعصب .. وتشجيع التفاهم والتسامح والاحترام في المسائل المتصلة بحرية الدين أو المعتقد ..
كما أصدرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قرارا بشأن مكافحة قذف ( أو ازدراء ) الأديان بتاريخ 12 ابريل 2005 يعتبر من أهم القرارات الدولية التي تحظر الإساءة إلى الأديان حيث عبرت اللجنة فيه عن بالغ قلقها بشأن النمط السلبي المتكرر ضد الديانات ومظاهر عدم التسامح والتمييز في الأمور المتعلقة بالدين أو العقيدة التي تتجلى في العديد من أنحاء العالم ، واستهجانها الشديد للهجوم والاعتداء على مراكز الأعمال والمراكز الثقافية وأماكن العبادة لجميع الديانات ، وكذلك استهداف الرموز الدينية . كما حث هذا القرار الدول والمنظمات غير الحكومية والكيانات الدينية والإعلام المطبوع والإلكتروني على الترويج لثقافة التسامح والسلام المبنية على احترام حقوق الإنسان واختلاف الديانات .
من جانب أخر يلاحظ ان الحرية الدينية كانت أول الحريات التي أعترف بها للإنسان في العصور الحديثة فحركة الإصلاح الديني التي ظهرت في أوربا وقادت إلى اختلافات واضطهادات أدت في النهاية إلى الأخذ بمبدأ حرية الفرد أو الإنسان في الاعتقاد بالدين أو بالمذهب الذي يؤمن به وحريته في مباشرة الطقوس الدينية ، وقد اعتبر كرومويل هذه الحرية قاعدة أساسية من قواعد الدستور الذي أراد ان يضعه ، بينما يعلن فاتيل وهو من أنصار مدرسة القانون الطبيعي ان الحرية الدينية هي حق طبيعي وغير قابل للاعتداء عليه ونصت المادة العاشرة من إعلان حقوق الإنسان الفرنسي الصادر سنة 1789 على أنه ( لا يجوز ان يضايق شخص بسبب آرائه ومعتقداته الدينية ) .
أما في إنكلترا فقد تم إقرار الحرية الدينية حيث لا تعتبر ممارسة أية ديانة أو انكار الدين جريمة ما عدا القذف في حق دين معين فهذا يعد جريمة من جرائم النشر كما ان الممارسة العلنية للطقوس الدينية المختلفة أمر مسموح به وان العقيدة الدينية لا دخل لها في ممارسة الحقوق المدنية والسياسية وهكذا استقر الحال بإقرار الحرية والمساواة الدينيتين في هذا البلد.
وفي استراليا لا يوجد ميثاق عام للحقوق والحريات لكن المادة 116 من الدستور تكفل الحرية الدينية بنصها على ما يلي ( لا يصدر الاتحاد أي قانون يؤسس دينا أيا كان أو يفرض التقيد بدين أو يمنع الممارسة الحرة ولا يطلب اجتياز أي طابع ديني كشرط للأهلية لتقلد مناصب أو مهام عامة تحت سلطة الاتحاد ) ويكفل هذا النص مبدأ الحياد فيما يتعلق بالدين والحرية الدينية ، على المستوى الاتحادي ، بيد أنها تقتصر على توفير حماية قانونية محدودة نظرا لأنها لا تسري إلا على السلطات التشريعية للاتحاد وليس على السلطات والأنشطة الأخرى وبخاصة التنفيذية والقضائية . فضلا عن ذلك ، فان الحماية الدستورية تسري على الاتحاد لا على الولايات والأقاليم التي تتمتع ، من الناحية القانونية ، بحرية التصرف في ميدان الحرية الدينية بما في ذلك فرض القيود . وفي عام 1988 ، أوصت اللجنة الدستورية الاسترالية المكلفة بالاحتفال بالذكرى المئوية الثانية للاستيطان الأوربي بتعديل المادة 116 من الدستور لكي تصبح الضمانات الممنوحة للحرية الدينية على المستوى الاتحادي سارية أيضا في جميع ولايات الاتحاد وأقاليمه ، وفي الاستفتاء الذي أجرى عام 1988 رفضت مسألة مد نطاق الضمانات الممنوحة للحرية الدينية على المستوى الاتحادي إلى مجمل ولايات الاتحاد وأقاليمه بأغلبية 69 % من مجموع الأصوات لكن هذه الحماية المحدودة الممنوحة للحرية الدينية سيقابلها التقدم المحرز في مجال الحماية القانونية للحرية الدينية نتيجة للاحكام التي اصدرتها المحكمة العليا لاستراليا فيما يتصل بتعريف مصطلح الدين وبتفسيرات الأحكام الدستورية المتعلقة بتأسيس دين فقد طلب من المحكمة العليا في عام 1983 في قضية كنيسة العقيدة الجديدة ضد لجنة الضرائب على الرواتب ان تفصل في نزاع على موضوع الضرائب وعرفت الدين بانه ( لا يمكن ان تقتصر صفة الدين على عقائد التوحيد وحدها ، وأوضح القاضي ميسون والقاضي برنين ان المعيار الخاص بتقرير وجود دين يقوم على معيار مزدوج وهو : الإيمان بكائن أو شيء أو مبدأ خارق للطبيعة والخضوع لقواعد سلوك تجسد هذا الإيمان ، ورأى القاضي مورفي انه يجوز لأي منظمة تدعي أنها منظمة دينية وتشكل عقيدتها وشعائرها استعادة أو انعكاسا لعبادات قديمة ان تطالب بحقها في الإيمان بكائن خارق للطبيعة أو أكثر بإله أو بكيان معنوي ، وستعد دينا .)
فيما يتعلق بالموقف من الحرية الدينية في الولايات المتحدة الأمريكية فقد فسرت الحرية الدينية أوسع تفسير إذ أدخلت في معنى الحرية الدينية بالإضافة إلى حرية العقيدة وحرية العبادة ، حرية الدعاية الدينية حتى في حالة كون هذه الدعاية من جانب مجموعات دينية متطرفة ، ففي عام 1938 حكمت المحكمة الاتحادية العليا ببطلان قرار إداري يمنع توزيع منشورات دينية تبشيرية من دون إذن سابق ، وقالت المحكمة ان حرية الصحافة مكفولة في الدستور الأمريكي ، وهي لا تشمل فقط طبع المطبوعات بل أيضا نشرها ، فضلا عن توزيعها ، وفي حكم أخر صدر عنها عام 1943 حكمت بإعفاء بيع الكتب الدينية في الطريق العام من الرسوم المقررة لغلبة الطابع الديني على الطابع التجاري ، وفي حكم صادر عام 1944 أكدت المحكمة عدم جواز منع أشخاص من دخول مدينة أنشأتها شركة خاصة لسكنى عمالها ومستخدميها وحدهم متى كان دخول هولاء الأشخاص إليها لأغراض الدعاية الدينية لعقيدتهم ، وفي عام 1948 قضت المحكمة بجواز استخدام مكبرات الصوت وان القول بعدم امكانية استخدامها إلا بموافقة سابقة من الإدارة هو اجراء مخالف للقانون ، وأكدت المحكمة على ان الجهة الإدارية لا تملك إلا تنظيم الساعات التي تستخدم فيها تلك المكبرات ، ومكان استخدامها ، ومدى ارتفاع صوتها .
عليه يبدو واضحا ان المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية قد حمت الحريات الدينية وقضت بضرورة احترام العقائد والديانات التي تتنوع في المجتمع الأمريكي إلا انه من الضروري ملاحظة ان حرية التعبير الديني يجب حمايتها إلا انه في الوقت نفسه لا توجد حماية بنفس المستوى للدين في مواجهة حرية الرأي والكتابة والتعبير ، وعلى هذا الأساس لم تسمح المحكمة العليا عام 1952 باخضاع عرض فلم سينمائي لموافقة الرقيب الذي يمكن ان يرفض عرض الفلم متى عده خارقا للمعتقدات .
أما في فرنسا فان للمجلس الدستوري موقفا معروفا من حرية المعتقد فهو يعتبرها من المبادئ الأساسية التي تعترف بها قوانين الجمهورية وكذلك الحال مع مبدأ حرية التعليم فمنذ ان أعلنت فرنسا بموجب القانون الصادر عام 1905 بانها دولة علمانية وفصلت بين الكنيسة والدولة ، واعترفت بمبدأ حياد الشارع ، يلاحظ صدور قرارات من السلطات الإدارية تقيد من خلالها الحريات الدينية وكان المجلس الدستوري هو الملاذ في فرنسا الذي يوفر نوعا من الحماية لهذه الحريات وقد ظهرت في فرنسا أول مشكلة تتعلق بارتداء الحجاب في المدارس عام 1989 حيث طردت فتاتان مسلمتان من مدرستيهما ورفض وزير التربية البت في القضية وطلب رأي مجلس الدولة الفرنسي الذي بين في فتواه ( ان حمل التلاميذ للشعارات التي تظهر انتمائهم لديانة ما ، لا يشكل بذاته تعارضا مع مبدأ العلمانية ومنذ هذه الفتوى استقر اجتهاد مجلس الدولة على قاعدة ان للتلاميذ الحق في اظهار انتمائهم الديني سواء بلبس الحجاب أو حمل الصليب أو رفع القلنسوة . . . وفي حالات أخرى كان مجلس الدولة الفرنسي يوافق المؤسسة التعليمية على قرارها بحظر حمل الشعارات أو لبس الحجاب وذلك في الحالة التي يترافق فيها ارتداء الحجاب مع اضطراب في النظام العام والمساس بمعتقدات وحريات الطلاب أو يحدث اضطرابا في القطاع التعليمي ، أو لا يتوافق مع السير الطبيعي للدرس . . . )
والحقيقة ان مجلس الدولة لم يقم بابطال قرار المدرسة الصادر عام 1989 والقاضي بطرد الفتاتين المسلمتين .
ويبدو من هذه العبارات التي استخدمها المجلس اللجوء إلى مفاهيم وصياغات عامة تتعلق بالأمن العام والمصلحة العامة للتقييد من الحريات الدينية للمسلمين .
ومن التطبيقات القضائية الحديثة للمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان الحكم الصادر في القضية المتعلقة بتهديد مسيحيين باكستانين بالطرد نحو بلدهم الأصلي حيث وجدت المحكمة أن تذرع الأجنبي المهدد بالأبعاد إلى بلد يدعي أنه لا يستطيع فيه ممارسة شعائر دينية بحرية لا يمكن أن يضفي طابعا شرعيا على رؤية من شانها توسيع أثر الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان
وقد جلبت حصيلة عام 2006 معها عددا من المؤشرات الثمينة من دون أن تؤدي إلى إغناء المدونة القانونية البريتورية الأوربية في هذه المادة كثيرا . ومن المعلوم أن المادة 9 تعترف بحقوق تنطوي على ” طابع أساسي ” ولهذا ، وكما يشير إلى ذلك القرار في قضية ( المتعلقة بتهديد مسيحيين باكستانيين بالطرد نحو بلدهم الأصلي ) فإن التذرع بها من قبل أجنبي مهدد بالإبعاد إلى بلد يدعي أنه لا يستطيع فيه ممارسة شعائر دينه بحرية لا يمكن أن يضفي طابعا شرعيا على رؤية من شأنها توسيع أثر الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان إلى خارج الإقليم الأوروبي . وإلا فإن ذلك ” قد يفرض على الدول الأطراف التزام بالتصرف فعليا باعتبارها ضامنة غير مباشرة لحرية العباد الدينية في بقية أنحاء العالم “. وأوضح القاضي الأوروبي ، فضلا عن ذلك ، وضمن منطق قراره الشهير في قضية دحلب ضد سويسرا ” بأن الدولة إذا بدا لها مشروعا إخضاع ( أعضاء الوظيفة العامة ) بسبب نظامهم القانوني ، إلى التزام بالتكتم في التعبير العام عن معتقداتهم الدينية ” فإنه يعود للمحكمة الأوروبية ” بعد أخذه بالحسبان ظروف كل قضية ، البحث عما إذا كان التوازن الدقيق قد احترم بين الحق الأساسي للفرد في الحرية الدينية والمصلحة الشرعية للدولة الديمقراطية بالسهر على أن يعمل الموظفون العموميون لتحقيق الغابات المنصوص عليها في المادة 9 ، الفقرة 2 ” وفيما يتعلق بأستاذة جامعية اعتبرات بحكم المستقيلة بسبب ارتدائها لغطاء الرأس الإسلامي أثناء ممارستها لوظيفتها ، وذلك بالنسبة ” لهامش التقدير الذي من المناسب تركه للدول فيما يتعلق بالالتزامات المترتبة على أساتذة التعليم العام ، تبعا لمستويات هذا التعليم ” ، قدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بحق أن القواعد الخاصة باللباس الرسمي للموظفين ـ ” الذي يفرض بشكل متساو على كل المواظفين ، مهما كانت وظائفهم ومعتقدهم الديني ” ـ تهدف ” للحفاظ على مبدأ العلمانية ( ” الذي يعد بالتأكيد أحد المبادئ المؤسسة للدولة التركية ” ) وحياد الوظيفة العامة ” ، وتفرض نفسها بالأحرى على الأشخاص ” الذين انتسبوا بحرية إلى النظام الأساسي للموظفين ” ، وأنها تساهم في حماية ” المبادئ الدستورية ” التي تفرض على الموظفين العامين إلتزاما بالوفاء . إن هذه القراءة للمادة 9 من الاتفاقية تلتحق بقراءة القاضي الإداري الفرنسي الذي اتفق بالرأي أيضا مع القاضي الأوروبي عندما أقر بأن وجوب تقديم صور عارية الرأس مع طلب الحصول على إجازة سوق يتفق مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان .
المبحث الثاني
الحماية الشرعية للحرية الدينية
وقد يستهدف الاسلام التنظيم الشامل لحياة الفرد في المجتمع ، ليس في الجانب الروحي فقط وانما كذلك بالنسبة لصلاته وروابطه الاجتماعية والسياسية بالمجتمع ومن هنا يجب ألا يكون الفرد ــ من الناحية النظرية ــ على عداء أو تنافر مع هذا المجتمع .
ويحتوي المجتمع الاسلامي أي الأمة على الفرد ، ولايترك ذلك المجتمع لهذا الفرد خيارا في التمسك بالكيان الاجتماعي ، وسواء كان الفرد على دين غير الاسلام أو كان مرتدا عن عقيدته فان ذلك لا يغير من الامر شيئا اذ أنه لا يزال جزءا من ذلك المجتمع . وبرغم عدم وجود تسلسل أو تدرج هرمي وعدم وجود رجال دين أو رؤوس حبرية بابوية كما هو الحال في المسيحية مما تبدو معه قوة الاسلام اقل من قوة الكنيسة في المسيحية ،الا أن المجتمع الاسلامي في الواقع أكثر سيطرة وهيمنه على حياة الفرد ,فالقانون الاسلامي يشتمل على علاقات من كل نوع بدئا بالواجبات الدينية وممتدا الى قواعد السلوك المنزلية والسياسية وحتى الاقتصادية .
وإذا كانت الدولة حسب أبسط تعريف لها هي التنظيم السياسي للمجتمع فان مفهوم (( دين الدولة )) أو (( الدولة الدينية )) يكون جزءا أساسيا من العقيدة الاسلامية . ولهذا فعندما تتوافر أغلبية مسلمة في أي بلد تقوم الدولة باعلان الاسلام كدينها الرسمي فتصبح (( دولة اسلامية )) . ولقد حدث هذا بدرجات متفاوته تتراوح بين اعلان الشريعة كمصدر وحيد للقانون كما في المملكة العربية السعودية وبين مجرد الاشتراط أن يكون أحد أعضاء الحكومة مسلما . كما في حالة رئيس جمهورية سوريا . ان جمهورية تركيا (( الدنيوية )) هي الاستثاء الذي يؤكد القاعدة . وحتى هناك فان الجهاز الاداري للدولة يتضمن (( مدراء عموميون للشئون الدينية )) يقومون باشباع الاحتياجات الروحية للمجتمع الاسلامي .
ولا تعني هذه الصفة العامة للمجتمع الاسلامي أن الاسلام نظام (( دكتاتوري )) بل نظام (( كلي )) . وكما يقول ه . أ . ر . جيب (( تتسم كل الاراء التي تشكل النظرة الخيالية والمحتوى العقلي للانسان والتي تشكل سلوك الانسان بكونها مسيطرة من ناحية المبدأ . فهذه الآراء تفرض قواعدها ونظمها على كل أوجه النشاط الاجتماعي والمؤسسات المختلفة من المدرسة الابتدائية الى القانون والحكومة )) وهناك اختلاف جوهري بين توافق الفرد ومجتمعه الاسلامي بصفة خاصة من ناحية والطمس الكامل لشخصية الفرد في دولة دكتاتورية من ناحية أخرى . ففي مجتمع اسلامي يتميز بعدم وجود التسلسل الهرمي وليونة التنظيم يؤدي تطابق الفرد للمجتمع الى تحقيق معنى يسهل تقبله وليس الى تطابق يفرض عليه من الخارج .
وفي تركيب متكامل تماما وغير دكتاتوري كبناء المجتمع الاسلامي تكون (( قوة التفكير )) عرضة لمواجهة عقبة مزدوجة ازدواجا متناقضا : فهي تقع بين الشخصية (( الكلية )) للدين والتركيب (( غير الدكتاتوري )) للمجتمع . وأي محاولة لتغيير بناء المجتمع باسم الافكار القوية والتي كان من الممكن أن يتسامح فيها مجتمع غير دكتاتوري تصطدم بالاسس المقدسة والمحددة للنظام الاجتماعي وبالتالي تصبح غير محتملة .
وهنا يبدأ التباين بين التسامح الديني والتعصب السياسي . فالمجتمع الاسلامي مجتمع متسامح تجاه الديانات الاخرى لانها لا تهدد العلاقات الداخلية بين تركيب المجتمع وعقيدته ، والتي يثق الاسلام في قدرته على الدفاع عنها ضد العقائد الاخرى ، ولكن نفس هذا المجتمع الاسلامي لا يتسامح في تلك الافكار التي لو ترك لها العنان فانها قد تصبح مدمرة مخربة للبناء الاجتماعي ككل . هذا هو اصل مفهوم (( الافكار الخطرة )) وهي التي تكمن وراء صراعات طائفية عديدة داخل الاسلام نفسه . وهي أيضا العنصر الاساسي الذي لابد من وضعه في الحسبان اذا ما حاولنا تفسير التعصب السياسي المعاصر والتحيز الشائع في العالم الاسلامي . وفي هذا النظام (( نظام الافكار الخطرة )) فانه لابد أن ترتفع أي نظرية او برامج حزب أو جماعة تتعلق ببناء المجتمع وتنظيمه السياسي والاقتصادي الى مستوى الاعتقاد المطلق والمقدس اذا ما كانا نرغب لها الاستمرار . أما في مجال الافكار المجردة فان أي نظرية أو برامج حزب تكون عرضه للادانة حيث لا يمكن لها ان تواجه هذه الافكار . وفي هذا السمو لمستوى العقيدة يأتي العون من التطابق الاسلامي الاصيل بين الدين وبين تركيب المجتمع .
أن حرية التفكير والضمير والدين ظاهرة اجتماعية لازمت البشرية منذ الأزل ، واجهت كافة أنواع الإرهاب والقمع ، وهذا لا يعني أن الإنسان لم يسلك طريق الغي ويعبد الأصنام والأوثان التي لم ينزل بها من سلطان ، والتي حاربتها الرسالات السماوية لإخراج الإنسان من الظلمات إلى النور وتحرير الإنسان من عبودية أخيه الإنسان ، كما أن بعض الأمم وخاصة في أوربا قاست وعانت من الإرهاب والقمع الفكري وتعد فترة القرون الوسطى خير مثال على ما عانته شعوب أوربا من القمع باسم الكنيسة التي كانت تفرض رأيها بالقوة على الناس باسم الدين ، وكانت تطبق أقسى العقوبات على كل من يخالف رأيها ، كما كانت تهدد بالإعدام كل من يعتنق دينا غير المسيحية أو يرفض اعتناق النصرانية .
إذا كان ما ورد في المادة الثامنة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وكانت المادة الثامنة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حول حرية التفكير والضمير والعقيدة قد أجمعت عليه الغالبية العظمى من أعضاء منظمة الأمم المتحدة من خلال الإعلان العالمي قبل ما يقرب من خمسين عاما ، والدول الأطراف في العهد الدولي قبل حوالي 35 عاما ، فإن الدين الإسلامي قد أقر تلك الحقوق منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة ، وعد حرية التفكير والضمير والدين أصلا عقديا ، ففي مسألة المعتقد فإن الشريعة الإسلامية تنهى عن إكراه الناس وإجبارهم على اعتناق الدين الإسلامي بعدما تبين لهم الحق ، وتحذر من اعتناق الدين نفاقا ورياء وتترك الخيار لكافة الناس في اختيار المعتقد بعدما تبين الرشد من الغي ، وتترك لهم كذلك حرية التفكير ، يقول القرأن الكريم ( سورة البقرة الآية 256 ) : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) ، ولو أراد الخالق جلت قدرته لدخل جميع من على الأرض من الناس دين الإسلام ، ولكن له حكمة في إعطاء الناس الحرية فيما يختارون وما يسلكونه من طريق حيث قال (سورة يونس الآية 99 ) : ( ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) ، ولا شك أن الإنسان بما وهبه الله من عقل وسمع وبصر قادر على التمييز بين الحق والباطل حتى يستطيع اختيار الطريق الصحيح ، يقول تعالى ( سورة الإنسان الآيتين 2 و3 ) : ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا (2) إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) ، وتتكرر الآيات القرآنية في أكثر من سورة حول حرية الاعتقاد وعدم إجبار من لم يقتنع بالإسلام قائلا ( سورة الكهف الآية 29 ) : ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ، ويقول الحق ( سورة الأنعام الآية 29 ) : ( لو شاء الله ما أشركوا وما جعلنا عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل ) ، ويقول الحق ( سورة الشورى الآية 48 ) : ( فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ ) ، ويقول عز من قائل ( سورة الغاشية الآية 21 و 22 ) : ( فذكر إنما أنت مذكر (21) لست عليهم بمسيطر ) ، ويقول سبحانه ( سورة النساء الآية 80 ) ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ) . والدين الإسلامي الحنيف ليس دين إرهاب وقمع وإكراه ، بل دين يسر يقوم على مبدأ وسائل الإقناع والتزام جادة العقل من خلال منهج الحوار البناء ، والتعبير الحر والجدال الموضوعي المنطقي في النقاش البعيد عن المهاترات وإثارة الفتن ، والشريعة الإسلامية تشدد وتؤكد على قدسية هذا المنهج ؛ لذا أن الخالق يأمر رسوله محمدا ــ ص ــ بأن يدعو الناس إلى دين الإسلام بالحكمة ويخاطبه قائلا ( سورة النحل الآية 125 ) : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) ، وعن مجادلة أهل الكتاب يقول الحق مخاطبا المؤمنين ( سورة العنكبوت الآية 46 ) : ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن مسلمون ) .
أما بالنسبة لمسألة المرتد عن دين الإسلام والتي نصت عليها تلك المادة بشكل عام بإعطاء كل فرد الحق في تغيير دينه أو معتقده ، فالقرآن الكريم لم يأت بنص يحدد عقوبتها في الدنيا وإنما أتى بأكثر من نص حول العقوبة في الآخرة ، والردة عقوبتها عند الله أنها عمل يستحق مرتكبه لعنه الله وغضبه عليه في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة ، ويبين الله سبحانه في محكم آياته أن من يرتد عن الإسلام بعدما تبصر بهذا الدين واطمأن له قلبه واهتدى إليه فإن عقابه في الآخرة سيكون عظيما ، وهذا بلا شك لا ينطبق على من ارتد بلسانه لا بقلبه خشية من الأذى ، يقول تعالى ( سورة النحل الآية 106 ) : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ) ، ويقول تعالى ( سورة البقرة الآية 217 ) : ( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ) ، ويقول ( سورة فاطر الآية 39 ) : ( هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ) ، ويقول (سورة الروم الآية 44 ) ( من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأ نفسهم يمهدون ) ويقول الحق سبحانه وتعالى مخاطبا رسوله محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ ( سورة لقمان الآية 23 ) : ( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم ) ، ويقول ( سورة المائدة الآية 54 ) : ( ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) .
والآن وبعد ما تبين لنا من خلال الآيات القرآنية منهج الإسلام فيما يتعلق بحق الفرد في حرية الدين والضمير والتفكير ، وجزاء المرتد عن دين الإسلام في الآخرة ، فلماذا إذن تقرر السنة النبوية عقوبة الردة في الدنيا بحد القتل ، على الرغم من أن تلك العقوبة لم ترد في القرآن الكريم ولم يتعرض لها أي نص في القرآن يحدد عقوبة لها في الدنيا ، يتضح أن منطق وفلسفة الإسلام لا ينطلق من كون ذلك تقييدا لحرية الفرد بتغيير دينه ، بل ينطلق أساسا من واقعة حدثت في صدر الإسلام كان مدبروها اليهود الحاقدون على الإسلام وأهله ، الذين لجؤوا إلى المدينة في وقت دخل جميع أهلها العرب إلى الإسلام ، فعندئذ فكروا بخبث للتآمر على المسلمين بحيث يدخل بعض منهم الإسلام ثم يرتد عنه بقصد زرع الشك بين المسلمين حديثي العهد بالإسلام ولتضليلهم في معتقدهم وجمع المعلومات عن المسلمين والتجسس عليهم لتزويد العدو بها ، واليهود لم يوفقوا مكائدهم بقصد أن يلبسوا على الناس وخاصة الضعفاء منهم ، حيث اتفقت طائفة منهم على أن يظهر الإيمان أول النهار ويصلوا مع المسلمين صلاة الصبح ، وعندما يأتي آخر النهار يرتدوا إلى دينهم ، ويقول القرآن عن تلك الطائفة ( سورة أل عمران الآية 72 ) : ( وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار وكفروا آخره لعلهم يرجعون ) ، ويقول الحق عز وجل عن المنافقين ( سورة النساء الآية 81 ) : ( ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول ) ، ويخبر تعالى عن صفات المنافقين الذين يظهرون خلاف ما يبطلون ( سورة النور الآية 47 ) : ( ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين ) ، ولذا فما كان أمام السنة المطهرة آنذاك لمنع مثل تلك المؤامرات الخطيرة وخاصة أنها تأتي لتحاول القضاء على الدولة الإسلامية الفتية وهي مازالت في مهدها إلا أن تطبق أقصى حد للعقوبة ضد هولاء الخونة والمتآمرين ، وللتأكيد على أن من اعتنق الإسلام فإنه يحظر عليه تغييره ، وهذا يعني كذلك أنه يجب أن لا يدخل الإسلام أحد إلا بعد سبق بحث عقلي وعملي ينتهي بالعقيدة الدائمة ، وذلك ليقطع الطريق على المتآمرين والمضللين وأمثالهم من الدخول في الإسلام تحت طائفة العقوبة ، استئصالا لعوامل الفساد في الأرض ممن دأبوا على السعي للإفساد فيها .
كما أننا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الدولة الإسلامية التي كانت عاصمتها المدينة المنورة في عهد النبي محمد – ص – والخلفاء الراشدين كانت تخوض حربا شعواء مع أعدائها والمتآمرين عليها من المشركين العرب واليهود اللاجئين ، ومن بعد ذلك الروم والفرس ، ندرك وبشكل لا لبس فيه أن المسلم المرتد عن دينه آنذاك هو في حكم من يرتكب خيانة عظمى ضد وطنه وأمته في عصرنا هذا ، ومن هنا يتضح لنا أهمية تطبيق أقصى درجات العقوبة بحق مثل هؤلاء ، وبما أن الآمر كذلك فإن الحكم على المرتد بهذا المعنى ليس حكما ضد حرية العقيدة ، بل ضد الخيانة والتآمر على الوطن والأمة والدولة بقصد القضاء عليها وإشاعة الفساد وإهلاك الحرث والنسل في الأرض ، فضلا عن التواطؤ من قبل المرتدين والمنافقين مع أعداء الأمة أمثال البهود ضد الدين ، يقول تعالى ( سورة البقرة الآيتين 191 و205 ) : ( والفتنة أشد من القتل ) ، ويقول : ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ) ، ويقول الله تعالى عن اليهود المفسدين الذين مازالوا وسيظلون يحيكون المكائد ضد المسلمين ( سورة المائدة الآية 64 ) : ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين ) .
ومادامت مسألة الردة وحكمها حدثت في صدر الإسلام بناء على ما جاء في السنة النبوية ، وأنه لم يرد بها نص قرآني يحدد شكل العقوبة في الدنيا ، وبما أن سبب سنها في صدر الإسلام كان بسبب ما حاكه اليهود والمنافقون ضد المسلمين كما بيناه سابقا ، وأنه لا جدال في إجماع جمهور علماء المسلمين على عقوبة الردة واعتبارها حدا ولكن يبقى السؤال الذي يطرحه بعض المفكرين هل تنطبق عقوبة المرتد عن الإسلام على من يفعل ذلك في عصرنا هذا ؟ وللإجابة على ذلك نقول إنها مسألة بدأت تطرح على بعض علماء المسلمين ومفكريهم بما في ذلك المعاصرين منهم ، فذهب جزء كبير منهم بتمسكه برأي الجمهور المتمثل بعقوبة القتل إذا ارتد عن دينه ثم استتيب فلم يتب بغض الطرف عن المبررات مهما كانت باستثناء المكره أو المجبر الذي يرتد بلسانه لا بقلبه خشية على نفسه أو أهله من الأذى الذي قد يصل إلى القتل ، ويستند الفقهاء في ذلك إلى الحديث النبوي الموجه للمسلمين والذي يقول : (( من بدل دينه فاقتلوه )) ، ومنهم من يطرح تساؤلات حول المرتد إذا لم ينضم إلى صفوف أعداء الإسلام والمسلمين ، ولم يحك المؤامرات ضد الدين ، وكان خروجه عن الإسلام بشكل مسالم لا أذى فيه على مصالح البلاد والعباد ، وبما أن الله سيحاسبه في الآخرة كما ورد في القرآن الكريم فهل يطبق عليه الحد أو أنه لا يجوز قتله ، حيث إن مثل هذا النوع من الردة كما ذكر بعضهم لا يثبت بحديث الآحاد بسبب اختلاف الأمر عما كان عليه الوضع في عهد محمد – ص – والخلفاء الراشدين عندما كان بعض اليهود والمنافقين يدخل الإسلام بهدف التجسس على المسلمين والنيل منهم ثم بعد ذلك عن دين الإسلام .
ويزعم البعض ان كل ما في القرآن مثل : ( اعراض ، وتولى عنهم ، وذرهم ) وما اشبه ذلك منسوخ بآية السيف فلا يوجد كل سماح مع غير المسلم ، ويذهب في كتابه الناسخ والمنسوخ الى ان جميع آيات السماح بالنسبة لغير المسلمين منسوخة ، ويرى ان من واجب كل من يستطيع ان يحمل السلاح ان يحارب غير المسلم باستثناء الذمي ويقول له صر مسلما والا اقتلك ، ويقول ان آية السيف نسخت مائة واربعا وعشرين آية في القرآن ثم نسخ آخرها اولها ، وهذه الايات المنسوخة كلها متعلقة بالعلاقات السلمية بين المسلم وغير المسلم .
وهذا الاتجاه هو المنهج الذي اتخذه ابن حزم الاندلس في كتابه ( الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ) وكذلك ابو جعفر النحاس وغيرها ممن ذهب الى ان كل آية نزلت بشأن حسن معاملة المسلمين مع غير المسلمين منسوخة .
بينما من تتبع بعمق جميع الآيات الواردة في القرآن الكريم الآمرة بالقتال كلها جاءت للدفاع الشرعي العام ، كلما تعرض الإسلام والمسلمون للخطر في اوطانهم وارواحهم واعراضهم واموالهم ودينهم . ومن الواضح ان الإسلام هو دين السلم لانه مشتق من السلام وهو يأمر بني الإنسان بان تكون تحياتهم المتبادلة في الصباح والمساء ( السلام عليكم ) ، ورد لفظ ( السلام ) ومشتقاته في القرآن الكريم في اكثر من ( 80 ) آية ، منها قوله تعالى ، ( سورة البقرة ـ الآية 208 ) . ( ياأيها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين ) ، وهذه الآية الكريمة تبين لنا بوضوح ان استخدام القوة في غير حالة الدفاع الشرعي يعد اتباعا لامر الشيطان وتوجيهاته وهو الد الاعداء للإنسان .
وهناك آيات اخرى تدل بصراحة على عدم جواز اللجوء الى القوة إلا في حالات الدفاع الشرعي ، منها قوله تعالى ، ( سورة البقرة ـ الآية 190 ) . ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ، إن الله لا يحب المعتدين ) ، وقد نهى القرآن الكريم عن كل تجاوز عن حدود الدفاع الشرعي وامر بان يكون رد العدوان مساويا للعدوان كما وكيفا ، وكل تجاوز عن القدر اللازم يحول المعتدي عليه الى معتدي والمعتدي الى المعتدي عليه ، فقال سبحانه وتعالى : ( سورة البقرة ،ـ الآية 194 ) . (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله ان الله يحب المتقين ) .
ويأمر القرآن الكريم المسلم بان يدعو غير المسلم الى طريق الصواب واعتناق الإسلام عن طريق النصح والوعظ والحكمة والمناقشات العلمية ، كما في قوله تعالى : ( سورة النحل ـ الآية 125) . ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ، ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين ) .
ولغير المسلم ان يعيش بسلام في كل مجتمع اسلامي ما لم يرتكب جريمة الاعتداء وله حرية ممارسة جميع شعائره الدينية بمقتضى معتقداته ما لم يخالف النظام العام والاداب العامة ، والمبدأ الثابت في الإسلام : ( ان لغير المسلم ما للمسلم وعليه ما على المسلم ) ، وقد حرم القرآن الكريم اكراه أي شخص على اعتناق الاسلام لسببين :
أحدهما ــ ان الاكراه اذا كان يسيطر على جسم الإنسان فإنه لا يستطيع ان يسيطر على قلبه وما
في باطنه من المعتقد الذي يعتقده ؛ لان الدين او الإيمان ليس مجرد الشعارات والعبادات ، وانما هو الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع بالله وبما يتفرع عن هذا الاعتقاد من المعتقدات الاخرى والتكاليف الدينية .
والسبب الثاني ـ ان اكراه أي إنسان على معتقد ديني أو سياسي وهو غير مقتنع به في باطنه يجعل منه إنسانا ازدواجيا ( منافقا ) يكون ظاهره مخالفا لباطنه ، والازدواجي او المنافق في أي مجتمع اخطر من عدو هذا المجتمع ، ومن الشواهد التاريخية على ذلك فشل المسلمين في معركة احد بسبب بعض المنافقين بينهم ، ولهذين السببين ولغيرهما قال سبحانه وتعالى : سورة البقرة ـ الآية 256 . ( لا اكراه في الدين لقد تبين الرشد من الغي ) .
وقد أراد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ اكراه بعض من قريش على الإسلام حبا في مصلحتهم فعاتبه سبحانه وتعالى بالاستفهام الانكاري ، فقال له : ( سورة يونس ـ الآية 99 ) . ( ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا ، إفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) .
وقد بين سبحانه وتعالى للرسول في القرآن الكريم في آيات كثيرة بأن واجبه في الرسالة هو تبليغها للناس وعدم استخدام القوة الا في حالة الدفاع الشرعي ، ومن ذلك الآيات قوله تعالى : ( سورة النحل ـ الآية ) . ( وما على الرسول الا البلاغ المبين ) ، وقوله تعالى : ( سورة النور ـ الآية 54 ) . ( فان تولوا فانما عليك البلاغ المبين ) ، وقوله تعالى 🙁 سورة الشورى ـ الآية 28) . ( فان اعرضوا فما ارسناك عليهم حفيظا ان عليك الا البلاغ ) .
وقد زعم بعض المتطرفين من المسلمين ان هذه الآيات وامثالها منسوخة بآية السيف ،وهذا زعم باطل لا يغتفر ، والقرآن في جميع آياته المتعلقة باحكام العلاقات بين الشعوب والامم يدعونا الى ان نؤمن بان الاصل في هذه العلاقات هو المسلم والحرب استثناء لا تستخدم الا في حالة الدفاع الشرعي .
ونجد ان أسس هذه القاعدة الشرعية سته وهي :
الأساس الاول : وحدة النسب ، فجميع الاسر البشرية اخوة واخوات ، وشيمة الاخوة هي التعاون والتحابب والتضامن والتكافل في استثمار خيرات الارض ، كما قال سبحانه وتعالى : ( سورة ـ الىية 13 ) . ( ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) .
الأساس الثاني : وحدة المعدن ، الذي خلق منه الإنسان فكل إنسان مصنوع من تراب اما بصورة مباشرة كخلق والدنا ادم ـ عليه السلام ـ أو بصورة غير مباشرة كأي إنسان اخر لانه خلق ويخلق من عنصرين احدهما حيمن والثاني بييضة الانثى ، وهذان العنصران مكونان من المواد الغذائية التي يتناولها الإنسان ، والمواد الغذائية مكونة من التراب فكل إنسان مصنوع من تراب بصورة غير مباشرة ، فليس بعضه مصنوعا من الذهب والبعض الاخر من النحاس حتى يكون للاول حصة الاسد في خيرات هذه الدنيا او يعتبر نفسه افضل من الثاني ، كما قال سبحانه وتعالى : سورة الروم ـ الآية 20 . ( ومن اياته ان خلقكم من تراب ثم انتم بشر تنتشرون ) ، وقد أكد الرسول العظيم ـ ص ـ في حجة الوداع هذين الأساسين للعلاقات البشرية قائلا :
(( كلكم من ادم , وادم من تراب لا فضل لعربي على اعجمي ولا لأبيض على اسود الا بالتقوى )) .
الأساس الثالث : وحدة المصالح المشتركة ، خلق سبحانه وتعالى الكرة الارضية وما في ظاهرها وباطنها لمصلحة الاسرة البشرية دون تفضيل احد على احد ، فقال سبحانه وتعالى : ( سورة البقرة ـ الآية 29 ) . ( هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ) .
الأساس الرابع : وحدة الصانع ، قال تعالى : ( سورة البقرة ـ الآية 21 ) . ( ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ) .
الأساس الخامس : وحدة المصير ، وهو الموت والفناء بعد الوجود ، قال تعالى : ( سورة الملك ـ الآية 2 ) . ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا ) ، وقال : ( سورة طه ـ الآية 55 ) . ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى ) .
الأساس السادس : وحدة الجزاء ، فإن كان العمل خيرا فجزاؤه خير وإن كان شرا فجزاؤه شر ، قال تعالى : ( سورة الزلزلة ـ الآية 7 ـ 8 ) . ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذره شرا يره ) .
ونستنتج من هذه الآيات وغيرها ان الإسلام ليس دين الارهاب ، وما ورد من تعبير الارهاب في قوله تعالى : ( سورة الأنفال ـ الآية 60 ) . ( واعدو لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ، انما المراد به هو التخويف وليس الهجوم والاعتداء على الغير ، فالقوة العسكرية بكافة انواعها من الوسائل الوقائية لان العدو اذا علم ان طرفه الاخر يملك ما يملكه هو من قوة حربية يكف نفسه عن التهديد والاعتداء ويجلس معه في المفاوضات وحل المشاكل بالطرق السلمية .
اما اذا وجد ان الطرف الاخر ضعيف فانه يتعامل معه معاملة من يكون فوق القانون وميثاق الامم المتحدة والاعراف الدولية .
هذا هو القرآن الكريم ولو جرد هذا الدستور العظيم الخالد من الخرفات التي ادخلت في تفاسيره ، ولو عمل به المسلمون بصورة صحيحة لآمن به من يعيش في الارض تلقائيا لانه دين السلم والمحبة والوئام ودين العلم والفطرة السلمية ونظام للحياة في العالمين الدنيوي والاخروي
.
وتشير مؤتمرات الحوار الاسلامي المسيحي والتعايش والعمل سويا بين المسلمين والمسيحيين الى جملة من المرتكزات للحوار المشترك أهمها : ـ
1 ـ الحاجة الى البيانات والمعلومات الصحيحة حول عقيدة كل من الطرفين ، لان الجهل بالمعلومات غير الصحيحة يؤدي الى زيادة الهوة بين المسلمين والمسيحيين ، ومن ثم فان هناك ضرورة لنشر الحقائق عن الديانتين من اجل تفهم موضوعي احسن للعقدتين على ان يفهم الاسلام كما يؤمن به المسلمون ، والمسيحية كما يفهمها المسيحيون .
2 ـ يجب القضاء على الصورة السيئة للديانة وانه يجب على المسيحيين والمسلمين التعاون مع بعضهم لتصحيح هذا الوضع لان المسلمين يشعرون بأسى من الطريقة التي يحاول الاعلام الغربي ان يغير بها الاسلام والمسلمين ، وعليه فان جميع الجهود يجب ان تبذل من اجل تطوير معاهدة عالمية لاحترام جميع الرسل والمبشرين بالرسالات السماوية .
3 ـ يجب ان يكون المشاركون في الحوار من الممثلين الحقيقيين للديانات وان يختاروا من المنظمات التي ينتمون اليها.
4 ـ ان روح الحوار تتطلب ان يكون المشاركون من رجال الدين وليس السياسين ، لان الهدف هو التقارب بين الديانات وخدمة الخالق .
5 ـ من اجل ازالة العقبات في طريق الحوار فانه من الضروري متابعة اعلان عام 1976 ، ويجب ايقاف جميع الانشطة التي تقوم بها جمعيات التبشير المسيحية في الدول الاسلامية سواء عن طريق التعليم او العناية بالصحة في اوقات الازمات والتي تؤدي الى اضعاف وتغيير العقيدة وثقافة المسلمين من خلال الفصل بين الاعمال الانسانية والدعاية او التحويل الى عقيدة اخرى .
6 ـ يجب تشجيع الجهود للقضاء على جميع اشكال الاستعمار الثقافية والاقتصادية والسياسية التي يقوم بها الغرب من اجل فصل الثقافة الاسلامية عن المسلمين ، وان يحل مكانه التبادل الحر للآراء والمهارات والتقنية بين المسلمين والعالم الغربي .
7 ـ يجب على المسلمين والمسيحيين ان يتعاونوا لمواجهة التحديات ولمحاربة العدو المشترك ، لا سيما تلك النابعة من العلمانية والمادية والشيوعية وذلك في صراعهم لا نشاء عالم اكثر عدالة وانسانية .
8 ـ يجب على اصحاب الديانتين ان يعملوا من اجل احترام رغبة كل منهما والتعهد لتطوير مجتمعاتهم على اساس عقيدتهم الخاصة وديانتهم ومساعدة احدهما الآخر في هذا السعي سواء اكانوا اقلية ام اكثرية في مجتمع معين .
9 ـ ان المسلمين يتوقعون بأن يحترم المسيحيون جهود المسلمين لتطوير مجتمعاتهم من اجل اقامة مجتمع اسلامي على اساس من الشريعة الاسلامية بشكل خاص والعمل على تطبيق احكام الشريعة الاسلامية عليهم .
10 ـ ان يتفق اصحاب كل من الديانتين على التعاون فيما بينهم من اجل العمل والنهوض في جميع المجالات الاساسية والانسانية ، ولمساعدة بعضهم البعض للتخلص من معوقات تحقيق العدالة ولحماية الانسان وبشكل خاص في فلسطين وافغانستان وكشمير والفلبين وغيرها من مناطق العالم . من اجل الحصول على حقوفهم ومن اجل محاربة الفقر وانعدام العدالة في كل مكان .
وللتأكيد على استمرارية الحوار بين المسلمين والمسيحيين فانه من الضروري تطوير الوسائل او السبل لمتابعة التقدم ، وللتأكيد على تنمية المبادئ المتفق عليها في هذا الحوار وغيره . فانه يجب تشكيل لجنة متابعة من مؤتمر العالم الاسلامي ومجلس الكنائس العالمي .
وأخذ الدستور العراقي بحرية الإنسان في الفكر والدين والمعتقد حيث نص في المادة 41 على (( العراقيون أحرار في الألتزام باحوالهم الشخصية ، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو أختيارهم ، وينظم ذلك بقانون )) وكانت المادة 42 أوضح في تبني هذه الحرية بقولها ( لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة ) ونصت المادة 43 على
(( أولا ـ أتباع كل دين أو مذهب أحرار في : ـ
أ ـ ممارسة الشعائر الدينية ، بما فيها الشعائر الحسينية .
ب ـ أدارة الإوقاف وشؤونها ومؤسساتها الدينية ، وينظم ذلك بقانون .
ثانيا : ـ تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها )) .
وقد كرست المحكمة الدستورية الأتحادية ما حفظه القانون الأساسي للألمان وحدهم بعض الحقوق الأساسية كما أن للأشخاص المعنونين من الجنسية الالمانية فقط التمتع بكل الحقوق الأساسية المتفقة مع طبيعتهم ويعد هذا الأمر متفق مع التقاليد الألمانية وهي التقاليد التي بقيت مطبوعة جدا بالفقه البروسي الذي كان يرفض لمدة طويلة فكرة أن لكل إنسان حق ويقبل فقط بالأعتراف للبروسيين وحدهم بما يسمى بالحقوق الأساسية للبروسين وعلى الرغم من أن المحكمة قد تسلك مسلك مختلف الأ إنها رفضت عام 2002 أعطاء قصاب مسلم اجازة لذبح الحيوانات وفق التعاليم الأسلامية .