18 ديسمبر، 2024 6:50 م

الحل في الاغلبية الوطنية

الحل في الاغلبية الوطنية

بعد ما جرى في انتخابات 15 من ايار وما افرزته من نتائج وما يجري الان من تبعات لتلك الانتخابات ونتاجاتها، يتحتم على الجميع النظر بعين العقل لما ستؤول إليه الامور، فلا الخاسر راكع ولا الفائز قانع!
الضبابية تحيط بالمشهد السياسي العام!فالسير في ركب العملية السياسية هو ايمان من المتصدي بالضرورة العمل على المضي قُدماً من اجل انتشال العراق من نيران محارقة الكثيرة، لكن ماذا يفعل المتصدي الان؟! الجميع يقول ان الموضوع اكبر من مكاسب انتخابية وكم ستكون مقاعدي في البرلمان وماهي اسهمي في الحكومة المقبلة، وهل يدعون الحقيقة؟!
حرب التصريحات مشتعلة وعجلة اختلاق الازمات مستمرة بالدوران وفي ختام كل التصريحات تصدح الوطنية!! ما الحل لكل ما يجري؟

علينا ان نرضخ لحقيقة ان ليس الجميع وطنيين، فالكثير منهم همّه كم يكسب وكم يربح وبدافع الوطنية ايضاً! وما يفرضه الواقع بكونه شريك لك في الوطن ما عليك الا احتوائه والخروج بحل ترضية، ترُضي بها جميع الاطراف وبأختلاف نواياهم وغاياتهم، خصوصاً ونحن في طور انضاج العملية الديمقراطية وترسيخ مبادئ ومفاهيم الحرية في العراق الجديد، وبعد 15 عام من هذه التجربة علينا الانتقال للخطوة التالية من خطوات ترسيخ هذه التجربة، وهي فك التخندق الطائفي والاصطفاف المذهبي والقفز على جميع المسميات.

كانت نتائج الانتخابات غير مرضية للبعض فسبب ذلك في خلق ارباك في المشهد السياسي، وتعدى ذلك بالذهاب الى التشكيك بالنتائج والطعن فيها وخلق هالة من التزوير حولها، فوصل الامر الى عقد جلسة في البرلمان واقرار تعديل جديد لقانون الانتخابات بمثابة عودة لنقطة الصفر، وادخال العملية الانتخابية بنفق مظلم لكون المصلحة الشخصية تعدت المصلحة الوطنية بوجود اكثر من 200 نائب حالي خاسر، قد تكون هناك بعض الاشكاليات؛ لكن يمكن حلها بالطرق السليمة والامنة والتي لا تعرض البلد لمنزلق خطير قد تكون تبعاته حرب اهلية، او توقف عمل المؤسسات الحكومية وان تعم الفوضى بالبلد.

بعد ان تم تعديل قانون الانتخابات من قبل البرلمان ووضع الكرة بملعب السلطة القضائية، وجعلها المشرفة على عمليات العد والفرز اليدوي وهي بنفس الوقت تنظر في الطعون المقدمة بالنتائج الاولية، فضلاً عن دستورية وقانونية جلسة البرلمان الاخيرة وتعديل القانون الذي خرجت به، كل هذا يجعل السلطة القضائية في موقف صعب ومحرج، وهي بذلك تكون محل تشكيك ونقد وقطعاً ستكون النتائج التي ستخرج بها غير مرضية لبعض الاطراف، وبالتالي ستكون هنالك طلبات طعون وهي التي بدورها ستنظر في تلك الطلبات وترى مدى مشروعيتها، فتكون في موقف الخصم والحكم، مما يسهل الامر على المصطادين بالماء العكر التربصح بأهم مؤسسة راعية وحامية للدستور ومصدر مشروعية القوانين ودستوريتها.

اذا كنا جادين في الخروج من جميع هذه الاشكاليات وتخطي هذا المأزق بحس وطني وشعور عالي بالمسؤولية وبقليل من الايثار، علينا الخروج بحكومة ذات اغلبية وطنية يكتفي بها البعض بالبعض، تكون بمقابلها معارضة برلمانية ذات اغلبية وطنية ايضاً، فعندما نقوم بتشكيل كابينة وزارية فيها شيعي وسني وكردي، يعملون سوية بجد ويهتم كلٌ منهم بعمل الاخر في سبيل انجاحه كونهم بمثابة شخص واحد او طائفة واحده او مسمى واحد الا وهو العراق، ويكون بالمقابل معارضة كردية سنية شيعية مؤتلفة فيما بينها لتراقب عمل الحكومة، بدون انتقائية وعلى مستوى عالي من المهنية والحس الوطني العالي، فأننا بذلك خرجنا من النفق المظلم وابتعدنا بالعراق بعيداً لشواطئ الامان، ورسخنا بذلك المفاهيم الحقيقية للديمقراطية والحرية، وانجاح هذه التجربة النوعية والفريدة في المنطقة.