المقصود بالحل الحوثي هو الحل الثوري للمعضلة السياسية على طريقة الحوثيين في اليمن, حينما قامت حركة انصارالله بقيادة عبد الملك الحوثي بالتدخل بعد اعلان الرئيس اليمني هادي عبد ربه ورئيس وزراءه استقالتهما لخلق فراغ سياسي وتحركت لملء الفراغ عبر استخدام الحل الثوري المسلح, فحاصرة القصر الرئاسي, ومن ثم اذاعة الاعلان الرئاسي, وشكلت مجلس رئاسي لإدارة دفة الامور بعدما ثبت للثوار اليمنيين بالدليل القاطع والبرهان الساطع نية الرئيس المستقيل المدعوم خليجياً وأمريكيا الالتفاف على ثورتهم ومصادرتها. ان خطوة الحل الثوري التي قام بها الحوثيون تنم عن وعي وشعور عالي بالمسؤولية, مثلما تؤشر على ثقة عالية بالنفس وبالشعب.
إن المنعطفات الخطيرة التي تمر بها الدول تتطلب احياناً كثيرة اتخاذ خطوات جريئة ومحسوبة لإنقاذ البلاد والعباد من الفوضى وخطر التشرذم, وفي مثل هكذا ظروف يكون اللجوء الى السلاح واستخدام الحل الثوري بعد استنفاذ كل الطرق السلمية للإصلاح أمراً طبيعياً وهذا ما أدركه الحوثيون ففعلوه.
وأجد ان العراق وبالظروف الحالية التي يمر بها, هو احوج ما يكون لتطبيق الحل الحوثي فيه, على ان يكون تطبيقه بعد الانتهاء من هزيمة داعش, والإستعداد له وتوفير شروط نجاحه منذ الآن. ودعونا هنا نتحدث بصراحة وبموضوعية عن المشهد السياسي العراقي, والاسباب التي تدعو الى تبني الحل الثوري لتغيير الواقع المأساوي الذي نعيش بظله منذ اكثر من عشر سنوات. فإليكم معطيات واقعنا وهي كالآتي:
* المعطى الاول فشل المشروع الامريكي الذي طبق لحكم العراق, والذي يقوم على اساس تقاسم السلطة بين المكونات الشعب, وهو ما عرف بنظام المحاصصة السياسية, كأداة لمنع قيام الديكتاتورية مجدداً في العراق, ولكن ما حصل هو خلاف ذلك حيث أدى تقاسم السلطة الى تلاشي مفهوم الدولة او كاد, مما ادى بدوره الى ضعف الدولة فباتت وحدة العراق مهددة, هذا على مستوى نظرية الحكم.
* المعطى الثاني فشلت القوى السياسية التي تصدرت المشهد السياسي منذ 9/4/2003 والى يومنا الراهن في بناء دولة مؤسسات, وكان كل همها هو التصارع في سبيل الحصول على امتيازات السلطة, لأن هذه القوى وكما أثبتت تجربة الحكم لم تكن تملك مشروعاً لبناء دولة, بل كانت لديها رؤى لبناء سلطة, والفرق بين الاثنين كبير, وبسبب المحاصصة فإن مشروع بناء السلطة هو الاخر تضعضع بسبب تداخل عمل السلطات فيما بينها بالاضافة الى تمدد السلطات على بعضها البعض, والاخطر من ذلك تغول سلطات الاقليم والمحافظات على المركز مما ادى الى ضياع هيبة المركز, وشل حركة الحكومات التي تشكلت على اساس المحاصصة, هذا على مستوى التطبيق.
* المعطى الثالث وكنتيجة سلبية للمقدمتين اعلاه, وحيث ان النتيجة تتبع اخس المقدمات, بات العراق دولة بلا سلطة وسلط بلادولة. وبكلمة مختصرة صار العراق دولة اللادولة بسبب فشل مشروع بناء الدولة, وانتكاسة مشروع السلطة, فلم نستطع بناء دولة, ولم ننجح في بناء سلطة.
* المعطى الرابع لقد فشلت كل المحاولات والمشاريع التي طبقت على العراق منذ احد عشر سنة, فلم تنجح الحكومات التي تشكلت مرة على اساس التوافق, واخرى على اساس الشراكة, وثالثة على اساس الوحدة الوطنية, وتعثر مشروع المصالحة الوطنية هو الاخر, ولم يستطع القائمون عليه فك طلسمه, المصالحة مع من؟ ومن يصالح من؟ فلا الحكومات نجحت في عملها, ولا المصالحة تحققت رغم مشاركة الجميع في الحكم والحكومة وهذه من المفارقات المضحكة المبكية في العراق.
* المعطى الخامس جاء سقوط الموصل واحتلال داعش لمساحات واسعة من التراب العراقي ليعلن للعالم اجمع عن فشل مشروع الدولة والسلطة في العراق, فقد تبين ان دولتنا بلامؤسسات حقيقية, وان السلطة فيها أوهن من بيت العنكبوت الذي نخره الفساد المالي والاداري والمحاصصة الحزبية والمكوناتية سيئة الصيت, وبات الهاجس الامني وغياب الاستقرار, وانتشار الارهاب, وتكرار الخروقات الامنية وغياب هيبة الدولة اهم معالم المشهد الامني اليومي في العراق.
اذن النتيجة التي نصل اليها فشل مشروع الحكم والحكومة في العراق, وواقعنا المزري يؤكد ذلك ليقول ان في العراق مشروع محاصصة طائفي عرقي فاشل مات وحان وقت تشييعه ودفنه, ولم تعد تنفع معه كل عمليات التجميل.
وإزاء هذا الفشل الذريع يأتي السؤال ملحاً: ما الحل للخروج من هذا المأزق الكبير؟
الجواب هو بإعتماد الحل الحوثي اي الحل الثوري المسلح. فلم يعد الاصلاح او عمليات الترقيع ناجعة لانقاذ العراق او انعاشه. لاشيء سوى التغيير ينقذ العراق. لكن اي تغيير نعني به؟
التغيير الحقيقي الجوهري الذي يقوم على اساس الثورة على نظام المحاصصة الفاسد الذي بدء يهدد وحدة العراق ارضاً وقبل ذلك شعبا. التغيير الذي ينهي الطغيان والتفاوت الطبقي القبيح, التغيير الذي يعيد للمواطن العراقي كرامته التي اهدرها له الفقر والحاجة والعوز. التغيير الذي يقطع ايدي السراق واللصوص والفاسدين من الحيتان ومن سماسرة انتهازيين وصوليين.
التغييرالذي يعيد للعراق الامن والاستقرار, والتغيير الذي يقضي على الارهاب. التغييرالذي يعيد بناء العراق لينهض من جديد كدولة قوية ومحترمة يحسب لها حساب. التغيير الذي يعييد للعراق دوره الاقليمي الريادي. التغيير الذي يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية, ويحافظ على ثروات الوطن من الهدر, ويعيد له سيادته المنتهكة. التغييرالذي يجعل المواطن العراقي سيداً في بلده, متنعماً في خيراته وثرواته. هذا التغيير الذي نريده ونسعى اليه, ونعد له العدة.
لكن من سيقوم بهذا التغيير؟ وبكلمة اخرى من سيكون حوثي العراق؟ ومن هم (انصار الله) الذين سيكون على يديهم الحل؟ جواب هذا السؤال سيكون في مقالنا القادم بإذن الله.