18 ديسمبر، 2024 9:34 م

الحليف “تيك توك” يحرض لإسقاط بوتين!

الحليف “تيك توك” يحرض لإسقاط بوتين!

“من بين كلّ الفنون، الأكثر أهمّية لنا هو السينما”.
قلب الظرفاء الروس، مقولة زعيم البلاشفة فلاديمير إيليتش اوليانوف( لينين) الشهيرة ، الى:
من بين كل مواقع التواصل؛ الاكثر أهمية لنا هو تيك توك!
فقد أكتسب الموقع الصيني،شعبية لا نظير لها في روسيا، وسط تلامذة المدارس، والمراهقين، بوجه خاص، وأصبح بحكم المقاطع المرئية القصيرة، مثل الرقص والكوميديا وعرض الازياء والمقالب، أهم اداة تحريض، ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
و صار سلاحا بيد المعارضة لتعبئة المراهقين، وحضهم مع أولياء أمورهم، للتظاهر غدا السبت 23 كانون ثاني/ يناير، مطالبين باطلاق سراح المعارض رقم واحد في روسيا اليكسي نافالني.
ورصد المراقبون أكثر من 200 مليون مشاهدة لمقاطع تدعو لمساندة نافالني، الذي عاد من المانيا قبل اسبوع، بعد علاج أستغرق خمسة شهور، من التسمم بمادة ” نوفيتشوك” المحرمة دوليا، وأتهم المعارض السلطات الروسية بالضلوع في العملية.
وبعد يوم من وصوله الى موسكو، واعتقاله مباشرة من المطار،نشر نافالني على  قناة اليوتوب، فلما وثائقيا بعنوان
” قصر بوتين- حكاية الرشوة الكبرى”.
حصل الشريط بطول ساعتين تقريبا، على ملايين المشاهدات في غضون ساعات، وأصبح بعد نحو 48 ساعة؛ أكثر الفيديوهات على يوتوب، إنتشارا في روسيا والعالم.
وعلى غير المتوقع، تحول الفلم الطويل ، ومصير
منتجه، المادة الأثيرة ، لملايين مستخدمي موقع
“تيك توك”، الأقرب الى عقول وقلوب تلامذة المدارس.
وفوجئت السلطات، بحجم التحريض، في مقاطع مصورة لمراهقين ومراهقات ، يعلنون  عن رغبتهم،  المشاركة بتظاهرة السبت؛ غير المرخصة.
المعروف ان التشريعات الروسية السارية، تحمّل أولياء أمور القاصرين، مسؤولية، المشاركة في نشاطات سياسية محظورة،تضعه تحت طائلة العقوبات.
واذا صدقت، التقارير الصحفية، لعدد من صحف ومحطات وقنوات المعارضة الروسية غير النظامية، فان آلاف تلامذة المدارس، أعلنوا على “تيك توك”، إستعدادا للخروج مع التظاهرة، خلافا لإرادة أولياء امورهم، وتعليمات إدارات المدارس، ووزارة التربية.
ويواجه آباء وامهات التلامذة، اسئلة صعبة حول نافالني، في وقت تعتبره السلطات ووسائل الاعلام الرسمية ” عميلا
أجنبيا “، وتفرض على كتاب المقالات والصحفيين، إدراج هذا التصنيف بالتساوق، حيثما يرد اسم المعارض، وصندوق مكافحة الفساد، الذي يترأسه.
يجد أولياء الأمور، غير المنخرطين في النشاط
السياسي، أنفسهم ، أمام خيارات صعبة، بين الخشية من العقوبات، وتلبية رغبات الأبناء في التعبير عن الاعجاب
الطفولي، بشخصية البطل، الذي يمثله نافالني في مخيلتهم.
في نفس الوقت، تلجأ السلطات الفدرالية، وسلطات
الأقاليم، الى إجراءات، تهدف لمنع خروج تظاهرات مؤيدة
لنافالني ، وتفرض رقابة على الناشطين، والأنصار. وأعلنت بعض المدارس في عدد من المدن الروسية، السبت، يوم دوام خلافا للمألوف في يومي  عطلة نهاية الاسبوع.
ووفقا لنخبة من علماء الاجتماع، فان الحظر قد يؤدي الى نتائج عكسية، من واقع ان تلامذة المدارس، غالبا ما يشاكسون، أوامر معلميهم، وان تعليمات وزارة التربية لإدارات المدارس، تنقلب في المحصلة النهائية الى الضد.
وفيما يتوقع أشياع  نافالني،خروج الألوف الى الشوارع في موسكو، ومدن روسيا الاخرى، نصرة لزعيمهم المعتقل، تؤكد السلطات، ان الساحات، ستشهد اعتصامات محدودة العدد لاتعكس وفقا لخبراء الأمن، حقيقة مشاعر الرأي العام الروسي، بمختلف فئاته.
في غضون ذلك حذر، المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، من مغبة، التبرع لصندوق مكافحة الفساد، الذي دعا مشاهدي الفلم الوثائقي” قصر بوتين” الى دعم الصندوق بالمال. وقال تعليقا على الفلم، انه “هراء لا أساس له من الصحة” ، وأضاف “أدعو الجمهور على خلفية العدد الكبير من المشاهدات الى التفكير عشرات المرات، قبل التبرع لهذا اللص”!
والمقصود نافالني الذي يواجه وفق اكثر التقديرات، أحكامًا بالسجن قد تصل الى خمسة عشر عاما، بتهم مختلفة، يقول محاموه إنها ملفقة،ومسيسة،تهدف الى إخراس أصوات المعارضين.
وفيما يستنكف الرئيس فلاديمير بوتين النطق باسم المعارض،كلما وجه الصحفيون سؤالا عن موقف الكرملين من نشاطاته، فان نافالني المعتقل، لم يوفر نعوتا الا وأطلقها على بوتين ومن يصفهم بالحاشية.
على وقع فيديوهات “تيك توك”قد يصبح يوم غد
السبت، محطة نوعية فاصلة في صراع السلطات الروسية مع أنصار  المعارضة، او ربما لا يزيد الأمر،عن زوبعة في فنجان، تنتهي مع عواصف الثلوج التي تعيشها الأجزاء الشمالية والوسطى من روسيا مترامية الاطراف هذه الأيام.
المفارقة، ان الاعلام الرسمي الروسي، هاجم بشدة قرار الرئيس الأميركي المنصرف دونالد ترامب، حظر تطبيق “تيك توك” الصيني داخل الولايات المتحدة، في سياق الحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين.
ولم يتوقع المدافعون عن التطبيق الشعبي، المزدحم بفيديوهات، طابعها الخفة، وفي احيان ليست قليلة، تخدش الحياء، وتتسم بالرعونة، ان “تيك توك”، والحليف الصيني لروسيا، سينقلب الى وبال، يصدع رؤوس الأجهزة الأمنية الروسية، بحثا عن طريقة، لمنع تحوله الى منصة
للتحريض ، من قبل مستخدمين، يرى جهاز الأمن الفدرالي في خفة دمهم، إساءة لهيبة سيد الكرملين وتحريضا على إسقاط النظام، والتبشير بثورة ملونة، لا يطيق مهندسو سياسات الكرملين، رؤية أعلامها، بعد ان أسقطت أنظمة حليفة لموسكو في الساحة السوفيتية السابقة، وفي عدد من بلدان أمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط.