23 ديسمبر، 2024 10:19 ص

لكل انسان منا هدف وغاية والبحث عن اسلوب او طريقة لتحقيق هذه الغاية والهدف مشروع، لكن الامر يتطلب ان تكون الغاية (الهدف) والوسيلة (الطريقة) من نفس الجنس والجوهرة، وبهذا فان الهدف السامي يتطلب ان تكون الوسيلة لتحقيقه سامية والعكس صحيح، والاهداف التي يتطلع اليها الانسان متعددة ومنها الهدف السياسي، والهدف السياسي نوعان: الاول يتدنى عند البعض ليكون ارضاء للشهوات الشخصية التي نراها تتجلى في الهوس للوصول الى السلطة، وبالتالي يعطي العمل السياسي مفهوم الدجل ومسايرة الظروف، والثاني يرتقي الى التعبير عن حاجات الشعب وامنيه في التخلص من السياسين الفاسدين واستعادة ثقتة هذا الشعب بنفسه وبأنه اهل لنوع ارقى من هذا النوع من السياسين، ولمستوى ارقى من مستوى خلقهم وفكرهم وكفاءتهم.
السياسيون الجدد الذين ابتلى بهم شعبنا في العراق بعد الاحتلال هم من النوع الاولى الذي اقل مايقال عنهم انهم  لايفهمون روح هذا الشعب ومصالحه وهم نتاج الاحتلال الامريكي  وهم ثمار سيادة المفاهيم الميكافيلية والبرغماتية في ظل الهيمنة الامريكية ويمينها المتصهين على العالم، وهم نبات نمى وترعرع في اجواء الفساد بعيدا عن الام الشعب وماسيه وعلى راسها الم (الحصار القاتل)، جاء بهم الاحتلال الامريكي .
اما النوع الثاني من السياسين الذين امنوا بالتغير (الحلم )، فهم من ابناء الشعب الذي نبتوا في جو الشعب  وعرفوا حقيقته وهم من سياتي من رحم العمل الشعبي ، متوجهين الى الشعب وحده معبرين عن روحه وامانيه يملاءهم الاعتزاز بالملايين من ابناء هذا الشعب المعزولة عن سلطة توجيه مقدراته، هذا النوع من السياسين سيثبت بان القيادة الصحيحة القوية المخلصة لابد وان يكون من نتاج الشعب المكافح، لا من الفئة التي تتسلط  على رقاب الناس بمساعدة الاجنبي.
ان اساليب العمل الصحيح لتحقيق الاهداف السياسية العليا لابد ان تستمده من الحياة التي يعيشها ابناء الشعب هذه الايام، فالعمل السياسي الحقيقي مرتبط بالفكرة (الحلم) تراقبه وتلازمه، وهذا العمل هو نابت من الواقع الحي، يجيب على ضرورات هذه المرحلة التاريحية التي يجتازها الشعب ، مرحلة ضعف وانحراف، وبدء يقظة نراها في المقابلات التي تجريها الفضائيات مع ابناء العراق الذي يعبر بصدق وعفوية عن تطلعاته، لا بد ان نزيل عنها الغبار عبر الابتعاد عن الصيغ الجامدة والقيم الميته، ولابد للعمل السياسي المرتبط بفكرة ان يستقر في اعماق الارض والمجتمع وهذا لايكون الا بتغير كل الاوضاع والمفاهيم الذاتية والموضوعية القائمة.
علينا الايمان بان الفكرة الصحيحة قابلة دوما لان تتجسد بعمل صحيح، وهذا يعني التخلص من الاعتقاد بان الفكرة لا تصلح الا ذريعة وستار لعمل لا يمت اليها بصلة ولايقوى على التخلص من الاساليب والاغراض السياسية المعروفة ولا يطمح الى احداث اي تغيير جوهري في تفكير الناس واخلاقهم وبالتالي في اساس حياتهم، ان عدم فهم الفكرة وضعف التعلق بها يؤدي الى اختلاط الحابل بالنابل وذوبان الفوارق بالقيم وفقدان الثقة بالمبدأ من حيث هو مبدأ وتشابه التصرفات والنتائج بين الوطنية والخيانة.
ان التهاون والتساهل في الاسلوب يعني تفريطا بالفكرة (الحلم) نفسه، و مهمة الحالمون هي التنبيه والعمل على رصد اي انحراف والعمل على استرجاع قيمة الفكرة والثقة بها وان توجه العناية الى الاسلوب باعتباره انه اصبح المميز الوحيد والفارق الحقيقي بين الفكر والمبادىء من اختلاف وتفاوت وان يركزوا على علاقة الفكرة بالاسلوب، وان تحدد هذه العلاقة بشكل يجعل الاسلوب تتمة عضوية للفكرة، فلا تبقى هناك غاية وهناك وسيلة وهذا ماتقتضيه المرحلة الحالية.
ان الواقع الحالي الذي يعيش فيه ابناء العراق فاسد لكنه لايعبر عن الحقيقة الكامنة في عمق الارض وفي نفوسهم، وان النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه ابناء هذا الشعب متفسخ، لكن هناك ماهو ارقى منه وهناك مستوى اعلى من هذا الواقع ياتي عبر العمل الشعبي الذي تتكامل فيه الاداة التي تقوى على احداث التغير، العمل الشعبي الذي تنتشر فكرته وتعمم على انحاء العراق  ليتم التغير الشامل في الاخلاق والفكر والحكم والتشريع للوصول الى المجتمع المنشود (الحلم)، الحر الموحد، حيث يكون الانسان (الفرد) في مكانه المناسب ويبدل حكم المأجورين بحكم الفكر والعمل.