الحلقة 3- سنة وشيعة ، كرد وعرب ، اسلامية ومدنية ، تشضي الكتل الكبيرة / انتخابات مجلس النواب العراقي 2018 المظاهر والنتائج
لقد كان اتجاه العملية السياسيية خلال الفترة (الديمقراطية) الحالية في العراق بعيدا عن الانتماء الوطني وذلك بتقديم الانتماء الفئوي الضيق عليه حيث تم تقسيم المجتمع العراقي سياسيا الى وجودات او كيانات متنوعة على اسس متعددة ، دينية ، مذهبية ، قومية ، ومناطقية ، فتحول التنافس السياسي الى تنافس بين مكونات المجتمع المتعددة ، مسلمين ومسيحيين وايزديين وصابئة ، سنة وشيعة ، عرب وكرد وتركمان ، المناطق الغربية والوسط والجنوب . وتبع ذلك تشكيل احزاب سياسية ادعت تمثيل تلك المكونات من اجل المطالبة بحقوقها والدفاع عنها وتشكلت بناءا على ذلك عملية سياسية طائفية تخندقت فيها الاحزاب حسب مسمياتها وتصارعت لاجل مصالحها اكثر من الدفاع عن المكونات التي تدعي تمثيلها .
ولكن هذه الحالة تضاءلت الى حد كبير في هذه الانتخابات وتشتت الكتل الكبيرة التي كانت تدعي تمثيل المكونات الرئيسية الثلاث (الشيعة ، السنة ، الكرد) فلم يعد هنالك توافق ولامتحدون عند السنة ولا تحالف وطني عند الشيعة وكذلك انتهت سيطرة الحزبين الكرديين الكبيرين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وظهرت احزاب وتكتلات جديدة وكذلك ابتعدت الاسماء الرمزية الخاصة بالمكونات عن احزابها وكتلها الام ومن ابرز ذلك انشقاق القيادي في الاتحادي الوطني الكردستاني برهم صالح عن حزبه الام الذي اشتد الصراع بين اجنحته ، وخفوت اسم صالح المطلك في الساحة السنية ودخول سليم الجبوري في قائمة اياد علاوي وظهور خميس الخنجر قيادي جديد على الساحة السياسية السنية نافس بكل قوة من كان قبله ، وعلى الصعيد الشيعي كان ابرز الملامح تفتت ائتلاف دولة القانون القوي وخروج حيدر العبادي من عباءة نوري المالكي وترسخ طموحه بولاية ثانية لرئاسة الوزراء واستقلال هادي العامري ، القيادي الابرز في دولة القانون بعد نوري المالكي، بقائمة مع الفصائل المسلحة المشكلة للحشد الشعبي وانشقاق عمار الحكيم عن المجلس الاسلامي الاعلى وتشكيله تيار الحكمة .
وهذه الانشقاقات والتشضيات في كيانات الكتل الكبيرة الى قوائم اصغر متنافسة أضعفتها جميعا وجعلتها تقترب من بعضها من ناحية القوة العددية المنظورة فلم تعد هنالك كتلة مسيطرة على الوسط السني وكتلة مسيطرة على الساحة الشيعية واخرى على الكرد . وهذا التقارب بين التكتلات الجديدة بعث فيها الشعور بالقوة والحق بالمطالبة بمناصب كانت حكرا على كتل كبيرة فمنصب رئيس الوزراء صار حقا تطالب به القوائم الشيعية ،دولة القانون ، الفتح ، النصر ، الحكمة ، وسائرون ، وكذلك الامر بالنسبة للسنة ومنصب رئيس مجلس النواب وللكرد ومنصب رئيس الجمهورية .
ومن جهة اخرى فان التكتلات الجديدة جميعها تدعي انها وطنية وعابرة للطائفية وتضم اسماء من المكونات الاخرى على الرغم من انها نفسها كانت في الدورات الانتخابية السابقة تدعي تمثيل مكوناتها المذهبية والقومية والمناطقية. حتى صارت (عابرة للطائفية) نغمة تشترك بها كل الاحزاب والكيانات البرلمانية والانتخابية الحالية.
ومن اهم مايلفت الانظار في السباق التنافسي لانتخابات مجلس النواب العراقي لدورة 2018 هو ادعاء جميع الاحزاب والتحالفات والشخصيات المشاركة بانها ذات توجهات مدنية ! حتى الاحزاب والتحالفات الاسلامية منها !
فهل هو اعلان فشل شخصيات واحزاب السلطة في بناء الدولة وبالتالي فشل الغطاء الديني الذي لبسته طوال سنوات سابقة في اقناع الناخب العراقي باختيارهم ؟
أم هو خيار جدي من هذه الاحزاب لاتخاذ المدنية منهجا لها ؟!
أم هو تكتيتك سياسي من اجل مسايرة مطلب قطاعات كبيرة من الشعب التي اعلنت تراجعها عن دعم التوجهات السياسية التي تلبس العباءة الاسلامية ؟!
ولا اقول الا : ستاتي رياح التصويت بما لاتشتهي سفن السياسيين !