-21-
“بعد مقتل خمبابا(الصوري) غضبت عشتار(التي لم يغتصبها جلجامش)، واجتمع مجلس الانوناكي ( مجلس الالهة) ليقرروا معاقبة جلجامش خشية ان تأخذه روح النصر فيحكم عليهم بالاعدام ضربا بالقنادر.. ولكنهم عدلوا عن ذلك لان جلجامش ابن الهة وابن بشري، لذلك قرروا معاقبة الثلث البشري الفاني الذي يمثله انكيدو بدلا عنه!.
حين تتقاتل الالهة، يصبح البشر أضحيات يقدمونها من اجل إرضاء بعضهم البعض!، البشر امام الالهة القديمة اشبه بالنمل امام البشر، اذا قرصتك نملة فيقينا انك لن تبحث عنها لتدوسها بقدمك، لكنك ستدوس النمل كله!!.. منطق الالهة القديمة في اوروك لايختلف عن منطق الطغاة من هناك…إلى الان!!…
حين لاتملك الالهة… اية حجة منطقية في مواجهة الواقع، تلجأ الالهة الى فرض العقوبات المادية والمعنوية مثل اي ديكتاتور… الاغتيال عند الالهة اشبه بوظيفة على الملاك الدائم، فهي تحرص على أداء الواجب بهمة ونشاط وشرف!!!.
في محاولة اغتيال فاشلة لانكيدو من دون اخذ مشورة الالهة، سلطت عشتار الثور السماوي ذا الانفاس الحارقة على انكيدو…
المحقق مازال يروي لاطويرش ملحمة جلجامش… بينما اطويرش مازال يغط في نوم عميق ويشخر… سمع مفردة (الثور السماوي)… فانتبه من نومته وسأل المحقق :هل يوجد في السماء ثيران؟ الثيران بحاجة إلى هوايش… ادري الثيران وين تنطي وجهه؟ الا اذا تگلي لو خاصيهه… لو واصله لمرحلة العجز الجنسي؟!
المحقق يروي لاطويرش قصة الثور:
-اطويرش خل نتفق على نقاط..ذهاب الظالم لايعني ذهاب الظلم، ،ذهاب القاتل لايعني ذهاب القتل، ضاع الوطن فضاع المواطن، تعرّت البلاد وبقي المواطن الاوروكي يروف بدشداشته القصيرة، ذهب السياسيون وبقيت السياسة، السياسة في نظري هي مركز التجارة الاوروكي الذي لم تفجره طائرات ابن لادين… ولابعدين، كل حقيبة وزارية هي سيارة مفخخة، وكل حقيبة دبلوماسية هي عبوة ناسفة، وكل منصب هو حزام ناسف، وكل سلطة هي كاتم صوت في وطن المستشارين الجدد الذين لايحلون (رِجِلْ دجاجة)، فيما يعض مجلس الخدمة الاوروكي على طرف دشداشته هارباً، والعاطلون يهرولون بإتجاهه للقبض على ملابسه الداخلية!.
من الطبيعي أن يتحول التاجر الى سياسي، لكن من المعيب أن يتحول السياسي إلى تاجر!!، طرفا معادلة اوروكية أنجبت الكثير من الحقائب المستنسخة لرموز عاطلة عن الوطنية.
يتوزع الوطن بين أفخاذ المناصب، من لم يكن وزيرا أصبح وكيلا، ومن لم يكن وكيلا اصبح مديرا عاما، ومن لم يكن مديرا عاماً اصبح مستشاراً، وللمواطن في اوروك كرسي الاستعلامات الذي يدور به وهو ينتظر تواقيع المسؤولين.
خارطة طريق إبتدأت بـ(منكَاش) حين أسقط الهيلكوبتر وسمع صوت ارتطامها بالارض وهي تصيح (تُبْ)، فيما يرسم الغد خطوطه بالاسفلت على حياة الشعب الاوروكي وهي تتوشح بالمستشارين!.
المحقق يقول لاطويرش انه يتذكر أن أحد شيوخ الديمقراطية الجديدة أغاضه أن الثيران الموجودة في الزريبة تمارس حريتها وتصدر أصواتاً تمنع الشيخ من رفع صوته في الحديث عند وجود الضيوف في المضيف، فرّق الشيخ بين الثيران وبين البقرات المراهقات بجدار إسمنتي عازل، صادف أن أهدى أحدهم للشيخ ثوراً جديداً، دخل الى سجنه الذكوري مع بقية الثيران، شاهد الانوثة البقرية وهي تنام وحيدة، سأل أحد الثيران الذين يقف بالقرب منه عن الطريقة السهلة للوصول الى الجهة الثانية لغرض التواصل مع البقرة الحزينة، قال له:
– هناك طريقة سهلة مادمت شاباً حديث التخرج وتمتلك الطموح، ارجع الى نهاية الزريبة، هناك 25 متراً بينك وبين الحائط، إركض بسرعة 25 كم بالدقيقة، قبل أن تصل الى الحائط ب(5) أمتار، عليك أن تتصور أنك تطير وانت ثور!!،ضاعف سرعتك في هذه الامتار الخمسة، ارفع نفسك كأي سياسي عاجبته روحه وهو يصرّح عن العملية السياسية، قبل أن ترفع نفسك تذكّر القلوب التي تدعو لك لكسر هذا الحاجز النفسي الذي بناه الشيخ الديمقراطي، تذكّر أن البقرة المراهقة سوف تستقبلك حافية القدمين، تصوّر نفسك وأنت تلاطفها ووووووو…حينها ستجد نفسك قربها!..
سأله الثور الجديد:
-هل جرب طريقتك أحد الثيران الموجودين هنا؟
أجابه
– نعم أنا جربتها!!
– وهل وصلت الى …هناك؟
– نعم نفذت كل ماقلت لك، رجعت 25 متر، وفي الامتار الخمسة زدت سرعتي، طرت فوق الحاجز، رأسي واقدامي الامامية في الجهة الاخرى، وبقي بطني واقدامي الخلفية إلى الخلف، ارتطمت كل اجهزتي وقلاقيلي بالحائط ووقعت مغشياً عليَّ ، ولولا ان لي علاقة قوية بالشيخ لذبحوني وصلخوني واكلوني…ولاجل هذه العلاقة بيننا، جروني الى حيث اجلس الان!.
– وهسه اشتشتغل؟
– تعيّنت مستشار!!
هل فهمت يااطويرش معنى وجود ثور سماوي قرب عشتار؟ انه مستشار الالهة عشتار، والمكلف بأداء اية خدمة تريدها الالهة عشتار…
انكيدو قوي ولاتنس انه تربى على يد الحيوانات في الغابة…لهذا ما ان برز الثور السماوي ليطعن انكيدو بقرنيه الذهبيتين…حتى ضربه انكيدو بفأس كبيرة على رأسه فسقط ومات…انكيدو خرّب سمعة السماء…يوم كاتل الوحش الحارس…ويوم الثور السماوي!!..
بعد موت خمبابا والثور السماوي، اجتمع مجلس الالهة في احد الملاهي، اجتمع الالهة (آنو و انليل و إيا وشمش السماوي، عشتار تجيب الهم شرب!!) للتشاور بالطريقة التي يجب قتل جلجامش لان خطره ازداد كثيرا، مواقع التواصل الاجتماعية صنعت منه نجما شعبويا، فيجب عليهم التخلص منه، لكن المادة الرابعة من الدستور الاوروكي والمادة 225 من قانون العقوبات الاوروكي سنة 2600 ق.م يمنعان الالهة من اغتيال الهة أخرى، وانتهى المجلس بالموافقة على قرار اغتيال جلجامش مع إيقاف تنفيذ العقوبة لانه خوش ولد وصاحب عائلة… واستبدال العقوبة باغتيال انكيدو، موت انكيدو سيعاقب جلجامش ايضا لانه سيكون وحيدا بلا معين…ونقلت احدى صحف المعارضة ان الإله “انليل” دافع عن حيثية انكيدو لأنه طعنه بهدية قيّمة…لكن كل ذلك لم يمنع الالهة من التوقيع على المرسوم الإلهي بالتخلص من انكيدو.
صفحة 1 من إجمالي 2