-20-
جلجامش مصور فنان، يجيد التقاط الزوايا لاي مشهد يراه، الطغاة كلهم فنانون مبدعون في سفك الدم وشفط دهون الأمم! وتصوير الظلم والفساد المالي امام العالم على انه ابتكار سلطوي للحفاظ على شرف السلطة من اغتصاب الشعب لها، فكيف اذا كان بيديه هاتف ايفون آخر اصدار، في البداية رسم جلجامش اثار جروح الضرب والطعن على وجه خمبابا، جلجامش اشترك بدورة في المكياج تحت يد ال cia…جلجامش لايختلف عن الإرهابيين الذين يرسمون جراح ضحاياهم بالاحمر لاجل حفلة تصوير جهادية من اجل اتهام السلطات المعارضة بانهم يستخدمون الاسلحة الكيمياوية ضد شعوب المناطق التي ابتليت بوجودهم!!، في ساعة واحدة حوّل جلجامش صديقه الوحش خمبابا الى كيس ملاكمة، الجروح التي رسمها على وجهه وراسه وبدنه تستحق ثلاث ميتات وليس ميتة واحدة!، جلجامش طلب طلبا غريبا من انكيدو…قال له اخلع ثيابك كلها!!.
خمبابا ابتسم وقال له:
-جلجامش اني ادري بيك تغتصب فتيات اوروك…بس مال تخيّل عليَّ صعبة!! انته شايفلك وحش يغتصبوه!؟
جلجامش افهمه ان الصور ستكون في ملف مخفي في حاسوبه الطيني، لكنه يخشى من خبراء التصوير ان يطالبوا بفحص بصمة اسنانه او شكل عظامه…هكذا قام جلجامش بتصوير خمبابا صورا اباحية اين منها “آسيا كاريرا” الأميركية…الاميركان لا حضارة لهم سوى الأفلام الإباحية…(ويأتيك جاهل ليدّعي ان اوروك غير حضارية مثل أوكرانيا!!).
جلجامش قال لانكيدو حين سأله عن سبب تصوير خمبابا باوضاع مخلة بالاداب العامة!؟ :
-خمبابا لايمكن ان تثق به، فاذا فكّر يوما بان يخرج للعالم ويقول له ماحدث حقيقة فانني سوف اظهر للعالم كله ان خمبابا شاذ وطلب مني فعلا لا أخلاقيا وانا رفضت، لاسيما وان لي سابقة برفض عمتك اللهلوبة عشتار حين ارادت اغتصابي!!… وساقول للرأي العام في اوروك ان هذه الصور تم تصويرها من قبل مخابرات اوروك وهي تعطي صورة حقيقية عن كذب شهادته بحقي، وساستعين بالجيوش والجحوش الالكترونية التي تم تعيينها بأموال حكومية لتقسيط الجميع حتى يقتنع المحامع انه ساقط الكترونيا!!.. وساطلب مساعدة طحنون لانه الوحيد الذي حصل على لقب (man a week)……. سيصدقني هذا الشعب الفالت من عقاله… هل سيصدقون وحشا عاريا له مؤخرة مثل مؤخرة جنيفر لوبيز… لو يصدقون ملكا ثلثاه آلهة وثلث بشري!.
ينتهي لقاء النفق المرعب بعد ان تم وضع الخطة الستراتيجية للضحك على شعب اوروك من اجل استمرار حكم جلجامش وبقائه على الكرسي…
جلجامش يقول لانكيدو:
-لماذا لم تتكلم في اجتماعنا مع خمبابا؟ ربما صدمتك المفاجأة!؟ السياسة فن السير على الحبال، والسياسي الحقيقي الذي يستمر في مسيرة الضحك على الشعب…هذا الشعب مايريد الشريف حبيبي انكيدو…الشريف هو عدو الشعب الأول قبل خمبابا… الشريف يعتبرونه كمش على التيغة…. لا وجود لشريف في ماخور السلطة… الشريف هو عدو الشعب الاول والاخير… الشعب يحب الحرامي والقوي وصاحب اكبر مخزن للسلاح… الشريف هو الجبان الوحيد في دولة يحكمها الوحوش… خمبابا انته ماسامع الي يگول:
اهنا يمن چنه اوچنت لاصار گبلك… لا بعد
يلضيعتني ابنص بحر ضيعة شريف ابهل البلد
لو كان بيدي لاعدمت كل الشرفاء في اوروك… هؤلاء لايعرفون سوى الادعية في محاربتنا… الشريف الذي يقول في اوروك انا هنا… يحب ان نصدره الى هناك.. لايمكن لاي شريف ان يكون اكثر شرفا من الحاكم… الحاكم الذي وصلت اليه السلطة وحده من يقيس بقياس الشرف السلطوي، كل قياس عدا قياس فيتة السلطة هو قياس باطل.. السلطة وحدها من توزع الات قياس الشرف لرجال السلطة وتترك هامشا صغيرا لشرف المواطن، وللسلطة ان تتبرأ من الجميع بعد الانتهاء وتقديمهم لمحاكم النزاهة الاوروكية…
انكيدو… افهم ان اغلب السياسيين في اوروك وصولا الى افريقيا يشتغلون بالمثل البغدادي”السبع الي يحمّل بالسكلّة ركَي” … نستطيع انا وانت ان نقتل خمبابا بقوتنا واسلحتنا…لكن هل يستحق خمبابا والشعب الذي يخاف منه ان تريق قطرة دم واحدة لأجلهم؟ الانتخابات بعيدة ولن نحتاج للشعب الان!! …وقتل خمبابا ليس ضروريا لنا..الاتفاق معه ابسط من محاولة قتله…انته ماشفته تصلّخ وعرض مؤخرته امام عيون الكاميرا؟!..
القادة يلوكون علك ايامهم بطعم الخيانة، ليس أقسى من الخيانة في وطن كل افراده يدّعون صداقتك، يهوسون لك، واذا ابتعدت عن اضواء السلطة يشتمونك كأي خائن!!!… كتابة التاريخ بيد مجهول هي خيانة عظمى للحقيقة، الشعوب تعودت على تزوير تاريخها القديم لانها واثقة ان الحقيقة تضر بوجودها التاريخي…
التاريخ ان تستر وجهك بالملابس الداخلية، فيما يحرص المنتصرون على ستر الحقيقة بالاكفان، الحقيقة تضر اكثر مما تنفع، لهذا دأب الطغاة على تزويرها من اجل ان تبقى شعوبها حاملة لعرق بعشيقة وهي تسير الى مصيرها…
انكيدو ايها الزعطوط في بلد كبار الالهة… الالهة ممثلون حصلوا على جائزة الاوسكار في تمثيل الادوار الجادة في مسرح الحياة الساخر، انه مسرح عجائبي لايدخله المشاهد الا مرة واحدة في حياته، بعدها يؤمن انه عبارة عن هامش صغير في متن حكائي كبير لايحتفي به… حيث توجد الالهة… يوجد الظلم…
تم قتل خمبابا من قبل جلجامش وانكيدو، وفي الطريق إلى اوروك… تطايرت العواجل عبر القنوات الفضائية والصحف اليومية وهي تنشر صور قتل خمبابا، احدى القنوات بثت برنامج(صور من المعركة)… والأخرى بثت اناشيد الحرب…
(لاحنه مشينه للحرب
عاشگ يدافع من أجل محبوبته
احنا مشينه للحرب
وهذا العراقي من يحب
يفنى ولا عايل يمس محبوبته
احنه مشينه للحرب
حتى الوطن سالم يظل لجيالنا
لجل الطفولة واللعب ما تحترگ يوم بلهب عدوانه
احنه مشينه للحرب ”
اصبح جلجامش وانكيدو فاتحين لجميع البلاد لمجرد انهما قتلا مواطنا تم تحويله الى وحش…
بصحتك ايتها البلاد التي شربت دمانا… وبالت علينا… بولك المقدس وضوؤنا لاداء الصلاة في معابدك الكافرة بالانسان.
في اجراء سريع… تجتمع الالهة في اوروك وهي تخاف على عروشها خشية ان يقوم جلجامش وانكيدو بانقلاب عسكري عليهم فيعودوا بشراً عاديين يستلمون رواتب الرعاية الاجتماعية من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية!، مشكلة شعب اوروك ان كل مواطن فيهم يريد ان يصبح ملكا او الهة…ليس بامكان المواطن الاوروكي الرضا بمعيشته الا حين ينبري ديكتاتور ليقمعه… في تلك اللحظة يعود إلى واقعه الحقيقي فيبدا بالشكوى والدعاء لخالقه حتى يخلصه من الديكتاتور… ليعود نفس المواطن وكله امل بشغل مكان الطاغية بكل أريحية…هكذا تتشكل الاحزاب.
الهة اوروك اشبه بمجلس الامن الدولي اليوم، ليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم…بل هناك مصلحة دائمة.