17 نوفمبر، 2024 10:25 م
Search
Close this search box.

الحلقة الرابعة – الاخيرة – هل من يقظة للمسلمين ؟!

الحلقة الرابعة – الاخيرة – هل من يقظة للمسلمين ؟!

فيما تقدم وقفنا وقفات تأمل سريعة ، بما تمرُّ به الأمة اليوم ، من تدهور خطير وانحطاط وتبعية مهنية ، لعزة الإسلام ومذلة لكرامة المسلم … ولو نبحث عن السبب لنراه من صنع السياسات قديمها وحديثها فطموحاتها غير المشروعة وراء شق وحدة المسلمين و تمزق صفوفهم المسلمين وتباعدهم وتشرذمهم وتناحرهم وهوانهم على أنفسهم وتخاذلهم ، وتفريطهم بكرامتهم وهويتهم … لكن هذا لا يعطي المسلمين العذر ، ولن يُقبل منهم مثل هذا الاستسلام الذي يتنافى مع دعوات الإسلام ومفاهيمه السامية … ومقارنة بما يحصل ، أقف وقفة تأمل على يقظة الشعوب المسيحية – للتذكير والقاء الحجة – فقد مرُّوا بأوضاع شبيهة بما يمرُّ به المسلمون اليوم من التباعد والتناحر والتفكك والتعصب والتقاتل مع النفس … وو … بفعل الصراعات الطائفية ومن الجدير بالذكر أن كتاب الإنجيل لم يكن كما هو منزل من السماء بل تلاعبت به الأيادي البشرية الآثمة ومسخته إلى ستة كتب ، فالديانة المسيحية تبعاً لهذا تجزّأت إلى عدد من المذاهب ، وكانت هذه المذاهب حتى وقت قريب ، متناحرة فيما بينها ، وطالما وصلت إلى حروب أهلية طاحنة تحرق الأخضر باليابس بين أتباع وأنصار المذهبيات ، وهذا إن دلَّ على شيء إنّما يدل على عمق هوة الخلافات الحاصلة في جوهر العقيدة المسيحية ، فالخلافات والانشقاقات والتعصب أمرٌ طبيعي … إن هذه الصورة القائمة بين المسيحين ، دعت رجال دين ومفكرين ومتفقهين ومثقفين للقيام بأعمال جادة ناشطة فعالة ، لإيجاد صيغ ومخارج وحلول تقرّب بين المذاهب المسيحية وتوحدها وفقاً للتسامح الديني ، بل ولمصلحة الشعوب والأوطان ، فبالرغم من كثرة المعوقات وعمق الخلافات والتراكمات الكبيرة وما أنشأت من الحواجز والسدود النفسية عبر عشرين قرناً من الزمان الفائت لم يثنِ العاملون بصبر وتأني وإخلاص وتضحيات كبيرة ما لاقوه من الصعوبات البالغة وما واجهوه من كثرة الاحباطات بالعمل ، لكثرة المعاكسات المختلفة التي افرزتها التعصبات وردود الأفعال النفسية ، لكن بفعل الأيمان بالهدف والإخلاص بالعمل والنوايا الصادقة ، وكثرة الندوات المفتوحة والحوارات القائمة على مبدأ العقل والمنطق السليم والحجة والدليل والمقارنات بين الأشياء ونظائرها … فقد استطاع أصحاب النوايا السليمة الصادقة ايجاد صوراً من التقارب بين اتباع المذهبيات المختلفين في اصول وثوابت عقيدة سماوية محرفة بفعل التلاعب البشري ، وبهذا حققوا من المستحيل وجوداً قادهم إلى انتصارات كبيرة وتقدم علمي على كافة الاصعدة شعَّ نوره وعطاؤه على الآخرين . ولم يقف العاملون المخلصون لمعتقداتهم وشعوبهم وأوطانهم على التقارب بين مذاهبهم المسيحية فحسب بل للتقارب مع اليهودية …

ولا يخفى على القارئ الكريم عمق الكراهية والاحقاد المتوارثة تاريخياً بين اليهودية والمسيحية ، ليس فقط نتيجة التعصب الديني بل يعتقد المسيحيون عبر أجيالهم بأن اليهود هم المسؤولون عن مقتل السيد المسيح u لذا ظل هذا المعتقد قائماً مصحوباً بالكراهية المتأججة المتوارثة عبر الأجيال المسيحية بل كراهية المسيحين

لليهود أذاقتهم ألواناً من الأذى والاضطهاد تتجلى صوره أثناء الحرب العالمية الثانية ، وظلت كراهية المسيحية لليهود قائمة من كافة المذاهب … ولا نستغرب من قدرات الرجال الذين تهمهم مصالح شعوبهم وأوطانهم من عمل ما هو أشبه بالمستحيل وفقاً للرواسب والحواجز النفسية والتعصب الموروث … فقد استطاع أحد المذاهب المسيحية الكبرى أن يتوصل إلى نقض المعتقد القائل بإعدام اليهود للسيد المسيح u وبهذا يكسر شوكة العداء السائد عبر أكثر من عشرين قرناً من الزمان الماضي ، وبهذا تتقارب العداوتان التاريخيتان إلى الصلح ، بعدما أصدرت دولة الفاتيكان الرئاسية الباباوية للمسيحين الكاثوليك في ” روما ” ذلك القرار التاريخي وهكذا شأن الناس المتعقلة ، وصلت عندهم القناعات ، أنه ليس هناك أفضل من السلام والوئام بين الشعوب خدمة للشعوب والأوطان ، وهذا أساساً جوهر ومنهج كافة الأديان السماوية التي تدعو للمحبة والتآخي والألفة بين الناس ، ونبذ التعصب والحروب والعنف والعداء ، على أسس ” لكل ذي حق حقهُ ” … وقبل أن أختم همم المسيحين من متدينين ومفكرين وعقلانيين في خدمة شعوبهم وأوطانهم ما نراه في توحيد أوروبا جغرافياً واقتصادياً وإلغاء الحدود الطبيعية لا المصطنعة وهمم أخرى … ومن خلال ما تطرقتُ له من دروس ومواعظ وعبر وما لامجال للتطرق إليه ، لو نعمل مقارنة وموازنة بيننا نحن العرب نحن المسلمين وبين الأوربيين فهل نرى عندهم ما عندنا من جسور التلاقي وتعدد الروابط والصلات والقواسم المشتركة ، التي تشدّنا بعضاً لبعض ، ويبقى السؤال المفتوح هل من يقظة للمسلمين ؟

الأستاذ أياد الزاملي المحترم ..

تحية طيبة ..

نشكر تعاونكم معنا خدمة للصالح العام

أحدث المقالات