6 أبريل، 2024 10:04 م
Search
Close this search box.

الحلقة الثانية – اللاجئين العراقيين والسوريين في لبنان

Facebook
Twitter
LinkedIn

ذكرت في الحلقة السابقة ان الوضع في العراق قد بدأ يتحسن بعد 2008 وصولا الى عام 2013 رغم انه كان هدوءا حذرا ثم بدأ الوضع الامني يتأزم تدريجيا الى ان انهار بصورة كبيرة في صيف 2014 الدامي حيث بدأ العراقيين من جديد التدفق على لبنان لكن بصورة اغزر بسبب سيطرة داعش على محافظة الموصل وبسبب ابتزاز الحكومة العراقية لاخواننا المسيحييين مما ادى الى هجرتهم الى الدول المجاورة كلبنان بصورة رئيسية والاردن وتركيا (بعد سد باب سوريا بسبب الحرب الاهلية هناك واصبح السوريين بدروهم نازحين الى لبنان وغيرها وحتى الى شمال العراق).
رغم معاناة البلدين من الارهاب حيث بدأ في سوريا عام 2011 و العراق من جديد عام 2014 الا ان الوضع القائم نهاية عام 2014 كان مختلفا حيث مالت الكفة لصالح اللاجئين السوريين من ناحية المساعدات باختلاف جوانبها المالية والطبية وغير ذلك ومن ناحية اعادة التوطين , ومما ساهم في ذلك هو التصاعد المخيف للاحداث في سوريا وعدد اللاجئين الذي فاق المليونين سوري (بالمقارنة مع ما يقارب 20 الف عراقي مسجلين لدى الامم المتحدة) على الرغم من ان ما جرى في العراق خلال عام 2014 وما بعدها ليس بالقليل لكن الارادة السياسية للدول لعبت دورها في تفضيل اللاجئين السوريين على كل لاجئي الجنسيات الاخرى (حيث ان العراقيين يأتون في مقدمة الجنسيات الاخرى من ناحية العدد).
الحياة لها صعوباتها في لبنان حيث ان العراقيين والسوريين وغيرهم من اللاجئين يعملون في مهن متواضعة و برواتب قليلة جدا والوضع اشبه ما يكون بالعبودية وخصوصا اذا علمنا ان اللاجئين بصوره عامة ليس لديهم الحق في العمل ولبنان لا يعترف بقانون اللاجئين الذي اقرته الامم المتحدة لذلك عند حصول مشكلة مع رب العمل فلا يمكن تقديم شكوى خصوصا اذا كان العمل في المناطق الشيعية (بسبب انتشار مليشيات حزب الله وحركة امل) والوضع هناك كدولة داخل دولة ولا توجد سيطرة للحكومة اللبنانية اطلاقا !.
ان اغلب العراقيين قدموا الى لبنان عن طريق المطار بسبب الحرب الدائرة في سوريا والتي تجعل الطريق البري صعبا جدا (ان لم يكن مستحيلا) حيث يدخلون الاراضي اللبنانية بصفة سائح و يمكثون بعد ذلك سنوات حيث تكون الاقامة غير شرعية بعدئذ يكونون مسؤولين عن ابراز هوياتهم عند السيطرات اللبنانية و في كثير من الاحيان تتسبب بمشاكل لهم , اما بالنسبة للسوريين فالوضع مختلف حيث ان اتصال البلدين بالاضافة الى ان السوريين المتواجدين في لبنان هم في اغلبيتهم من المحافظات المحاذية للبنان او القريبة عليها كحمص وحلب وحماة ودرعا ودمشق وادلب , بالتالي فأن هناك الكثير من المتواطئين من الامن اللبناني على الحدود بين البلدين و الذين يسمحون بدخول ومغادرة السوريين من دون تأشيرات (رغم صدور قانون عام 2014 واصبح نافذا ابتداء من شهر كانون الثاني 2015 ويقضي بمنع دخول السوريين الى لبنان و ايقاف تسجيلهم لدى الامم المتحدة) وبذلك فأن اللاجئين السوريين لديهم الحرية في تنقلهم بصورة غير شرعية بين البلدين وتسجيل انفسهم كلاجئين رغم ان نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين قدموا الى لبنان كلاجئين اقتصاديين وليس لديهم اي تهديد امني وذلك بسبب ان مستوى المعيشة والرواتب في لبنان هو اعلى بكثير مما هو عليه في سوريا ويضاف الى ذلك استنكاف اللبنانيين من الاعمال الشاقة كالتنظيف والعمل في المطاعم والاسواق والبناء والزراعة و غيرها , كنتيجة لكل ما سبق فقد استغل اصحاب العمل اللبنانيون اللاجئين السوريين ابشع استغلال وكذلك العراقيين وغيرهم من اللاجئين وقاموا بابتزاز الكثير بأقاماتهم (بالنسبة للسوريين في حال فكروا بترك العمل) اما العراقيين فكانوا مابين عاطل عن العمل وعامل ما بين فترة و اخرى وعاملين على الدوام لكن برواتب وشروط مجحفة جدا!.
من الممكن القول ان العراقيين كانوا مرحب بهم نسبيا قياسا بالسوريين في لبنان وهذه قصة طويلة تعود الى الحرب الاهلية اللبنانية في السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم وما فعلته الحكومة السورية بلبنان في ذلك الوقت ونتيجة لذلك فان الاحقاد بقيت دفينة في نفوس الجيل المعاصر للحرب والاجيال اللاحقة ايضا.
تقريبا كان ملف اعادة التوطين مغلق بالنسبة للعراقيين خلال الفترة من عام 2014 الى عام 2016 بأستثناء اصحاب الكفالات الى استراليا و كندا خصوصا وتم تبليغ الكثير من العوائل برفض ملفاتهم وابلاغ القسم الاخر ان ملفاتهم غير مؤهلة للتوطين لحد الان وقسم اخر من العوائل لم يتم اخبارهم بأي شي!! , حيث ان المفوضية قد غيرت من استراتيجيتها و جعلت المعايير اصعب بالنسبة لاعادة توطين العراقيين وصارت نسبة كبيرة من هذه العوائل خارج هذه المعايير وبالاضافة الى ذلك انه حتى في حال تم تأهيل الملف لاعادة التوطين فأنه يتم التأكد تماما ان هذا الشخص غير قادر على العودة الى العراق مطلقا وانه لا يملك المال والعمل لكي يستمر بالمعيشة داخل لبنان وبعد ذلك فأن المفوضية سوف توافق وترفع الملف بأنتظار السفارات الاجنبية وشروطها واذا لم تكن لديها شروط فالمفوضية سوف تختار وفق ما لديها من حالات : الاكثر حرجا ثم الاقل وهكذا دواليك ! , والاغرب ان كثيرا من البعثات الاوربية والامريكية تأتي ولديها شروط وغالبا ما تستثني العراقيين تماما او تضع نسبة قليلة جدا منهم مع اللاجئين السوريين !.
الامور لم تنهي الى هذا الحد بل تتمادى الى درجة اختيار اللاجئين السوريين وفق معايير غريبة جدا تدعو الى الشك واعادة التفكير حول مدى عدالة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في موضوع المساواة بين اللاجئين وخصوصا العراقيين والسوريين كون مايجري في البلدين هو ذاته تقريبا.
تحرك موضوع اعادة توطين اللاجئين العراقيين قليلا في عام 2016 وفتحت عدة دول ابوابها اخيرا ككندا و استراليا والولايات المتحدة وبصورة محدودة جدا ايرلندا وبريطانيا.
البقية في الحلقات القادمة.

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب