23 ديسمبر، 2024 4:45 ص

الحلقة الثالثة –   أيتام اب حي

الحلقة الثالثة –   أيتام اب حي

تستعرض امي حوادث حياتها التي كانت تأمل في يوم ما ستنتهي الى نهاية سعيدة , لكن ذلك لم يحدث..
قالت: طفولتها السعيدة هي  فقط سنوات العمر ويمكن ان تسميها بسنوات العمر وسعادة الزمن اذ حظيت برعاية والدين حنونين وهي ثاني الابناء اذ سبقها الى الميلاد اخ يكبرها بسنتين امتاز بحبه لعائلته وتضامنه مع افرادها في اي محنة تلم بهم وكذلك اختين اصغر منها ولهذا لم تكن عائلة جدي من العوائل الكبيرة ما جعل حياتهما مرفهة وهنأ افرادها بمشاعر الحنان واسمى العواطف النبيلة……………..
مع فتح بوابة بيت جدي لأمي فتحت امامنا بوابة لوجهة حياة اخرى ستبعدنا شيئا فشيئا عن اب حي ايتمنا.
هنا اقدم شرحا مختصرا عن البيئة التي انتقلنا اليها اذ يقع بيت جدي في منطقة شعبية يسود ساكنيها علاقات حميمة ووشائج الجوار الحسن وهو عبارة عن مساحة قسمت الى واجهتين الامامية منها باحة مفتوحة زرعت في جوانبها وعلى امتداد السياج الامامي  الاشجارورصفت ارضها بالطابوق واما الواجهة الداخلية فهي بناء مغلق يضم عدة غرف وخصصت احداها لخالتي (مي )التي بادرت الى رصف اكثر حاجياتها لتهيئ لنا ولحاجياتنا مكانا مناسبا .للحظة اذكر………………..
فتحت ادراج خزانتها وكورت ملابسها في بضع قطع من القماش ركنتها  في احد اقسام خزانتها وافرغت لنا ثلاث ابواب وقد خصصت بابا رابعا وضعت فيه ملابسي قائلة هو ذا لك منفردا لا يشاركك فيه احد فانت منذ اليوم  رجل هذه الاسرة المكونة من أم وثلاث اخوة وأخوات فأجبتها بنبرة صبي كبير اضيفي لهم الخالة مي فابتسمت وقالت لأمي :اسمعي ابنك انه يضيفني الى عائلتكم…! نظرت اليَّ امي وابتسمت بحنان ولم تستطع ابتسامتها ان تخفي الحزن المرسوم على وجهها بل وكيانها بأكمله وأضافت بصوت هادئ ينم عن ايمانها بما تقول : انت ايضا فرد من عائلتنا فقد تخليت عن غرفتك  وخزانتك وانهت كلماتها بآهة حزينة ومن ثمَّ عناق حميم بين الاختين ودموع تحدرت ما حفزني للقول بنبرة الامر ورب البيت (لا أريد دموع) فنهضتا معا لترتيب الملابس والحاجيات الاخرى  .هنا تراءت لي وجوه اخرى تركتها هنا ك في بيت والدي الذي لم يعد بيتي وبالتحديد صورة العمتان(رويدة واقبال ) وتزاحمت صور شتى من تصرفاتهم التي لم نتبين فيها يوما ما حبا او حنانا  وبوجه خاص العمة رويدة التي تعتبر نفسها وكيلة الجدة او نائبتها فأوامرها فروض واجبة التطبيق وان لم تسئ الينا يوما كأطفال ولكنها لم تكن ابد كصديقة حميمة او محبة لأمي يوما ما وكانت امي تقول لنا دائما انه يتوجب علينا احترامها فهي بمثابة الاخت الكبيرة لا مي وان لم تتزوج فهي ضحية الظروف اذ لازالت في ترقب دائم ولهفة مريرة لقدوم فارس الاحلام الذي طال امد انتظاره حتى كاد اليأس يدب في نفسها فغلفت غلالته تصرفاتها خاصة اتجاه امي التي تصغرها اعواما فتنظر اليها شزرا كونها زوجة وأم.
 (الالام الاطول هي الالام الخرساء )هكذا يقول بودلير
ادركت ان عمتي رويدة هي ايضا تتألم لكنها لا تستطيع ان تتكلم وحقا (الالام الاطول هي الالام الخرساء )كما يقول بودلير 
وأما العمة اقبال فهي الصغيرة والاثيرة والمدللة التي لا يرد لها طلب وهي وان كانت في الخامسة والعشرين من العمر ألا انها لم تزل تغالي في طلباتها ونفقاتها ما يتسبب في صدام ساخن مع الجدة (امها) ولكنهما سرعان ما يتوصلان الى السلام والقبول.تمنيت من اعماقي لو ان صور الوئام والسلام بين امي وخالتي والعلاقة الحميمة بين جدتي وعمتي كانت هي السائدة بين امي والجدة والعمتين فلو حدث الوئام لما انتهينا الى ان نكون ايتاما لاب حي .