التحقيقات الاخيرة التي اجرتها السلطات الامريكية مع عدد من كبار الضباط المسؤولين عن اعادة اعمار العراق كشفت عن اهدار ما يزيد عن 125 مليار دولار. المعروف ان الكولونيل انتوني بيل كان مسؤولا عن عقود الاعمار للفترة من “2003 _ 2004” والكولونيل رونالد هيرتل مسؤولا عن عقود سنة 2004. المسؤولون الامريكيون والعراقيون عزوا اسباب ضياع هذه الاموال الضخمة في حقل الاعمار دون تحقيق منجز بارز الى الاعمال الارهابية وفقدان الامن خلال تلك الفترة. ترى ما جدوى اعتراف التقرير بان عملية اعادة الاعمار كانت انتكاسة كبرى في ظل ارتفاع منحنى الفشل في قدرة كبرى شركات الانشاءات الهندسية الامريكية على انجاز المشاريع المكلفة بها على مدى عشر سنوات خلت؟ ولماذا يسوء التخطيط ويكثر الاهمال والفساد وتسود الاخفاقات ويكون التخطيط مفككا واعمى “على حد تعبير التقرير” حين يتعلق الامر باعمار العراق بينما تنجز نفس المشاريع وعلى يد نفس الشركات في امريكا بدقة متناهية وعلى “24 حباية” ؟!.
ومن وما الذي اجبر المسؤولين الاميركيين على تنفيذ مهمات اعادة الاعمار بكثافة في اجواء امنية غير مستقرة وفي مناطق ملتهبة؟!. هيئة النزاهة في البرلمان العراقي اكدت ان المبلغ المهدور هو 150مليار دولار في قطاع الاعمار فقط, وان الفساد المالي والاداري هو السبب الرئيسي في تباطؤ مشاريع الاعمار وضياع مليارات الدولارات على مشاريع وهمية ومشاريع تترك في مراحل التنفيذ الاولية ثم تتلاشى بالتدريج.
غالبية الشركات المسؤولة عن الاعمار في العراق امريكية واجنبية توكل امر التنفيذ الى شركات عراقية والتي توكله بدورها الى مقاولين رئيسيين فيوكلونه الى مقاولين ثانويين يتقاسمون المال السايب من “حلال طيب” فيشقون اساسا لهذه البناية وينصبون دعامة لهذا الجدار , ويضعون كرفانا ولافتة قرب بناية منهارة ثم يحفرون الشوارع القريبة منها والمحيطة بها ويفرون في وضح النهار, وحتى يتنبه المسؤولون وتشكل لجان تتبعها لجان تكون السلة قد ضاعت بعنبها.
في احسن الاحوال يتم الوصول الى الحلقة الاضعف في مسلسل المقاولين ” المتواكلين” فتلقى تبعاتها براس مقاول غير مسنود يساق الى اللجنة المختصة والتي ستبرئ ساحته بسبب كفاية الرشا وعدم كفاية الادلة!.