محمد الحلبوسي ، رئيس مجلس النواب العراقي ، الذي نتج عن مشاركة 20% فقط ممن يحق لهم التصويت من العراقيين ، أصبح رئيساً للبرلمان بصفقة سياسية مشبوهة هي كما يقال أشهر من نار على علم ..فالرجل يفتقد الى كفاءات تتناسب مع هذا الموقع ، لكنّه ، والحق يقال ، يمتلك كل كفاءات السياسي التهريجي ، فاصبح ظاهرة صوتية ، حاله حال الكثير من النوّاب والسياسيين فسقط في فخ الحديث المطلوب ممن رفعوه وتركوه دون سلّم للعودة !
ولأنه على هذا الحال والمنوال ، فقد كان مطلوباً منه ان يقول عن 31 مغدورا رجلاً وإمرأة وطفلاً ، بأن غدرهم كان نتيجة حوادث متفرقة وبعيدة عن أي صبغة الطائفية وبعضها نتيجة الاعمال العسكرية في معارك تحرير جرف الصخر، فسقط مرّة اخرى بادخال الجانب الطائفي في القضية بدل المطالبة بكشف المجرمين ، فالمغدورين يحملون الهوية العراقية وليس الطائفية ، وإن كان غدرهم في مرحلة غرق البلاد بالصراع الطائفي ، يكون حينها مطلوباً أكثر من أي وقت ، بالكشف عن الجناة التي كانوا من أدوات ذلك الصراع الجهنمي البغيض !
قال الحلبوسي في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس لجنة الامن والدفاع ووزير الداخلية وقائد عمليات الفرات الاوسط وقائد شرطة بابل لتوضيح حيثيات موضوع الجثث المجهولة في محافظة بابل، ان “الحادث ليس طائفياً ولا يمت لها بصلة، بل هي نتاج حوادث متفرقة من كل انحاء بابل”..
ولاندري كيف توصل الحلبوسي الى هذه النتائج والتحديد الدقيق دون اجراء أي تحقيق رسمي لجثث مغدورين ” مجهولة الهوية” منذ اربع سنوات كما قال محافظ بابل ووزير الداخلية ، وبذلك تكون الادانة جماعية للسلطتين المحلية والاتحادية وتقاعسهما في الكشف عن مرتكبي جرائم هي ” حوادث متفرقة ” رغم وجود جثث مقطعة الأوصال !
يقول النائب عن الانبار عادل خميس المحلاوي في بيان له “31 جثة لرجال ونساء وأطفال، بعضها جثث مقطعة الأوصال، سبقتها 51 جثة، دون أن يصدر عن الحكومة بيان أو تعليق أو فتح تحقيق في الأسباب التي راحت هذه الأرواح ضحية لها”
واستعار الحلبوسي لسان محافظ بابل، كرار العبادي، الذي قال في بيان له ” ان الجثث ناجمة عن حوادث و جرائم مختلفة وبعضها نتيجة ظروف اجتماعية وقبلية “بالقضايا الطائفية ؟!
سنذهب مع كل الاصوات التي تقول بـ ” جثث مجهولة” نتيجة ظروف اجتماعية وقبلية وتخريجات الحلبوسي ، لكننا في الوقت نفسه نسأل :
ألايوجد قاتل لهؤلاء المجهولين ؟
ألا توجد حكومة محلية تحقق وتفحص لتعرف من هؤلاء ولمن ينتسبون ؟
هل من المنطقي ان تبقة “الجثث المجهولة ” اربع سنوات ثم تظهر فجأة ؟
ألم يكن حرياً بالحلبوسي أن يسأن عن توقيت هذا الاطلاق وعلاقته بالقضايا الطائفية ؟
أليس غريباً أن تعجز حكومة وحكومات “بسبب عجز مالي” عن دفن جثث عراقيين “مجهولين ” فتقوم بذلك منظمة مجتمع مدني رئيسها أو من قادتها من كان مسؤولا وربما لايزال في فصيل مسلح ؟
وكيف يكون صحيحا قول المحافظ ان “إحدى المنظمات المدنية قامت بالتبرع لدفنها وفق السياقات القانونية والشرعية و تحت اشراف منظمة حقوق الانسان” !
ماهو السياق القانوني لدفن جثث بلا تحقيق ، وان كان هناك تحقيقاً فما هي النتائج التي توّصل اليها ؟
نو!ب كتلة المشروع العربي في البرلمان ، استنكروا “دفن الجثث دون تحقيق ” واستغربوا ” صمت الجهات الحكومية ” و ” طالبوا باستجواب حكومة بابل المحلية لتسترها على الجريمة ” و بـ ” موقف حازم من الرئاسات الثلاث ” ملوحين باحتمال ” احالة الجريمة الى المجتمع الدولي “..
ورغم “خجولة البيان ” إلا أنه يصح كقاعدة لتحرك يكشف عن المجرمين ، سواء ارتكبوا جرائمهم لاسباب طائفية أو اجتماعية أو قبلية..
بعيداً عن أي قضية طائفية ومحاولات البعض التلويح بالمربع الاول إلا ان الحقيقية هي البحث عن القتلة ، عن مقطّعي الجثث ، عن مزهقي ارواح الاطفال الابرياء ، والكشف عنهم أمام الرأي العام العراقي ، وحينها فقط سيكتشف الحلبوسي ومن هو في ركابهم ، ان هذه الجثث ليست مجهولة الهوية وإنما من يسأل عنهم يخشى ان يكون مصيره كمصيرهم !!!