بعد ثلاثة سنوات من الصراع السوري ، ودخول داعش الى العراق وإسقاط ثلاثة محافظات يمكننا أن نكتشف المخطط الجديد للشرق الاوسط الذي وضعته القوى الغربية عام 2002 وفي اجتماع سري ضم كبار المسؤولين الاميركان من خلال التهيئة لإسقاط شمال العراق وربما بأيدي عراقية داخلية ، كما ان التماهي الذي اعتمدته حكومة المالكي في اثارة الفوضى في البلاد كان سبباً مباشراً في تطبيق هذا المخطط الخطير من غير دراية .
التخاذل الدولي الواضح والضعف الكبير في صد داعش هو الآخر سبباً في تهيئة الارضية لتمدد “داعش” من خلال حرب كر وفر واستنزاف الطرفين حيث تشير اغلب التقارير الغربية أن الارهابيين هم ابناء تلك المناطق وأبناء عشائرها وتعاون ازلام النظام البائد من البعثيين وماكنة قمعه الامنية .
كانت اولى خطوات صناعة الارهاب هو احتلال العراق وما تلاها من إدخال أشرس الارهابيين في العالم الى منطقة العراق والشام ، واستمرارهم في السير نحو فرض الامر الواقع في الشرق الاوسط الجديد .
هناك جاءت رؤية الحكيم في ذكرى تأبين السيد محمد باقر الحكيم مؤسس المجلس الاعلى ، والذي أشار الى ان الحرب التي تخوضها عموم المنطقة العربية هي لإعادة تشكيلها من جديد والعراق هو الجزء الاهم من هذه التشكيلة وهذا المخطط ، وان ما يحصل في الشرق الاوسط عموماً سيعتمد بالتأكيد على المستجدات على الارض العراقية ، وما سيكون عليه مستقبل العراق .
العراق يعد اللاعب الابرز في المنطقة العربية ، كونه يقاتل اليوم بالنيابة عن الشعوب العربية وعن المسلمين عموماً في الشرق الاوسط ، لان العراق كان البوابة الاولى لدخول الارهاب الى المنطقة ، ولولا حكمة مرجعيته الدينية العليا في فتواها التاريخية ” الجهاد الكفائي ” والتي استطاعت من قلب الموازين جميعها وارباك المواقف والمخططات الاقليمية والدولية ، لكان العراق اليوم مستباحاً من الارهاب الداعشي ، ولكن هذه الفتوى اعادت التوازن والثقة للعراقيين بأنفسهم ، وقدرتهم على الوقوف بوجه المخططات الرامية لتقسيم بلدهم ، الامر الذي دعى اميركا الى تغيير خططها وسياستها في المنطقة والعراق عموماً ، خصوصاً مع ظهور اللاعب الجديد إيران ، عبر تنشيط الخلايا الارهابية ، وإيجاد وتقوية الارضية الحاضنة لهم في العراق ، مع التحرك الافقي وبسرعة وعلى امتداد الاراضي السورية الى العراقية شمالاً وغرباً والسيطرة على ينابيع النفط والمياه في شمال العراق وغربه .
الحكيم في خطابه رفع شعار جديد هو شعار ” اطفاء الحرائق ” وذلك من أجل وضع رؤية جديدة للمنطقة ، والبدء بمرحلة جديدة يكون العراق منطلق لها ، لان لهيب الحرائق وصل الجميع دون استثناء ويجب على الجميع حماية نفسه من لهيبها ، لان هذه الحرائق تنذر بعواقب وخيمة على المنطقة عموماً ، فهذه بلاد الشام تحولت الى خراب ، ومصر العروبة تأن اليوم تحت وطأة الفقر والإرهاب ، والعراق الذي اصبح ساحة مواجهة طائفية مدفوعة الثمن من القوى الاقليمية الداعمة له ، مروراً الى اليمن الذي اسمى بلا يُمن وآمان .
الحكيم في كلمته دعا الجميع الى ان يدرك أن المنطقة العربية لا يمكن لها أنت تستوعب هذا الكم الكبير من الصراع والذي بدأ لونه يتغير من السياسي والصراع على الحكم الى اللون الطائفي ، لذلك يستدعي تغليب لغة العقل والحوار ، والبدء بسياسة التهدئة وإطفاء الحرائق والعودة الى لغة التفاهم الجاد والمصارحة الحقيقة لتكون مقدمة للمصالحة ، وإيجاد الحلول الناجعة بالحوار الجدي المباشر في العراق او عموم المنطقة .
المنطقة العربية تعيش وسط ازمات خطيرة ، وحروب داخلية أحرقت المدن ، ناهيك عن المخطط الاكبر في تقسيم المنطقة وإيجاد شرق اوسط جديد ، الامر الذي يدعونا الى ان يعي شعوب المنطقة عموماً والعراق خصوصاً ان الخطر الكبير يهدد الجميع بدون استثناء ، لان امريكا تسعى الى خلق شرق اوسط جديد وفقاً لرؤية امريكية للسيطرة على كل العالم ، وعلى منابع الثروات فيها ، بعد ان كانت اوربا هي الصانعة للشرق الاوسط في بدايات القرن الماضي وفقاً لمصالحها .