المتأمل لخروج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة وتوجّه نحو مكّة إلى أن استُشهد في كربلاء، يجد إنّ الإنسان يستطيع عدّ دروس مهمّة في هذا التحرّك الّذي استمرّ أشهر معدودة فقط. حيث تعتبر كلّ إشارة من ذلك الإمام العظيم درساً أي لو أردنا أن ندقّق في هذه الأعمال لأمكننا استقصاء الكثير من العناوين والفصول المهمة في هذه الرحلة ، وكلّ فصل يعتبر درساً لأمة وتاريخ وبلد ولتربية النفس وإدارة المجتمع وللتقرّب إلى الله. هكذا هو الحسين بن علي (عليه السلام) كالشمس الساطعة بين القديسين، أي إن كان الأنبياء والأئمّة والشهداء والصالحين
كالأقمار والأنجم، فالحسين (عليه السلام) كالشمس الطالعة بينهم، ،ولو أدركنا العظمة الكامنة في اسم الإمام الحسين، ولو تطلعنا لهذه النهضة واعتبرناها حدثاً إنسانياً عظيماً على مدى التاريخ، لأعاننا كل ذلك على مواصلة الطريق والتقدم إلى الإمام وعلى ألاّ نحيد عن درب الإمام الحسين وعلى تحقيق ما رسمناه من أهداف بلطف الله، فلقد جعل الله تعالى اسم الإمام الحسين (عليه السلام) مجلّلاً بالعظمة وحافظ على واقعة كربلاء حيّة في التاريخ.
فما كان إحياء يوم تاسوعاء ، والكلمات الولائية التي أطلقها السيد عمار الحكيم إلا أثباتاً لهذا الولاء واثبات وتجديد الانتماء لمدرسة الشهادة والتضحية ، اليوم وقف الجميع على أبواب الحسين كي يستمدوا منه العزم و القوة و الإرادة …
الحكيم في خطابه بيوم تاسوعاء ركزّ على مفردات مهمة كان قد رددها في مناسبات سابقة ولكنة اليوم يعود ليكررها ايماناً منه بهذا الشعار “نحن حسينيون ما بقينا” فهذا تأكيد على أن المبادئ الحسينية هي خارطة الطريق التي نسير عليها وننتهج بنهجها في الصمود بوجه التهديدات التي يتعرض لها وطننا وشعبنا ومشروعنا الوطني .
الخطاب تميّز بالوضوح والدقة في اختيار المفردات ، فقد أزاح اللثام عن الأهداف الخبيثة للإرهاب الداعشي ، وضرورة التمييز بين فكرهم التكفيري المستمد من الإرث الفاسد لآل أمية وبين أرث أهل البيت (ع) المستمد من الرسالة السماوية للنبي الأكرم محمد (ص) ، وضرورة أن نستمد العزم والصبر والتضحية في الوقوف بوجه هذه الأهداف الشريرة التي تحاول النيل من عراقنا الجريح .
الحكيم في خطابه في يوم تاسوعاء وقف على قراءة التاريخ الأسود لأحفاد ابن آكلة الأكباد يزيد بكل تفاصيله من حقد وفساد وانحراف ، كي يعرف العالم أن ثقافة الذبح وقطع الرؤوس ليس حالة آنية بل هي ظاهرة وثقافة أعتمد عليها ” داعش” في بث الرعب والخوف داخل المجتمع وإثارة الطائفية من خلال ضرب المراقد المقدسة ومقامات الأنبياء والأوصياء والأولياء والصالحين ، مستمدة من ذلك التاريخ .
الحكيم أكد وأطلق رسالة إلى العالم أجمع أن العراق يقاتل بالنيابة عن كل الشعوب ضد “داعش ” حيث يؤكد ” أننا نعلمهم ويجب على العالم أن يعرف خطرهم ، فهولاء تاريخ متجدد منذ 1400 عام ، ونحن نقاتل انحرافهم وكذبهم وانحرافهم وتزوريهم التاريخ ، فربما انتصروا بجولة في كربلاء نصراُ مادياً ولكن الحسين انتصر فكراً ومنهجاً ، وانتصرنا بالفكر والمشروع وظل أبا عبدالله (ع) مشروعاً متجدداً كل عام .
عاد الحكيم ليؤكد “أننا سننتصر عليهم بالمشروع والمنهج والفكر ، ومصيرهم سيكون مزبلة التاريخ ، تلاحقهم اللعنة إلى يوم الدين .
المفهوم الآخر الذي أكد عليه السيد الحكيم هو ” المراجعة لا التراجع ” والذي اعتمد في شعاره على منهج الإمام الحسين (ع) في ملحمة عاشوراء وكيف أنها كانت نهاية الفساد والظلم والانحراف ، لان ثورة الإمام الحسين هي ثورة المبادئ والأخلاق قبل أي شيء حيث كان شعار أبي عبدالله حين عرضت عليه البيعة ليزيد أو يقتل ” مثلي لا يبايع مثله ” .
السيد الحكيم عاد ليؤكد على مقولة ” مثلي لا يبايع مثله ” ليكون شعاراً مدوياً بوجه الفاسدين والمحرفين للمشروع الحسيني الهادف ، كذلك بوجه كل من يحاول أن يجعل من الثورة الحسينية شعاراً للمشروع السلطوي ويتخلى عن مشروع المواطنة الصالحة التي قدم الحسين حياته من اجلها .
الحكيم أكد أن على المؤمنين أن يكون لهم يوم تاسوعاء من كل عام يوماً لتقوية الالتزام والالتصاق بالمنهج المحمدي الأصيل قولاً وفعلاً ، وضرورة مراقبة الآداءات كتيارات أسلامية استمدت وجودها من الإيمان بالله والسير خلف راية أهل البيت (ع) والتأسي والالتزام بالمبادئ التي ضحى من اجلها سيد الشهداء (ع) .