ان الانسان يمكنه ان يفعل ما يسعد الناس جميعا ، او ما يؤذيهم بل ويدمرهم ، فباستور مثلاً اكتشف الميكروب فقضى بذلك على ملايين العداء الذين تسببوا لموت البشر ، وعلَم الانسان كيف يكافح الميكروب ، وجنكيز خان كان بشر ايضا لكنه اباد ملايين الابرياء والاف العلماء والشعراء والكتاب ، وبنى منارات من أذان الناس واعينهم ورؤسهم . اذن الانسان هو الذي يمكنه ان يكون جنكيز خان او باستور ، فمن واجب الانسان ان يؤدي واجباً ومهمة ، وان يكون باستوراً لا جنكيز خاناً .
جلس حكيم على ضفة نهر.. متأملاً ، وفجاءة لمح عقرباً وقد وقع في الماء .. واخذ يتخبط محاولاً ان ينفذ نفسه من الغرق ؟! قرر الرجل الحكيم ان ينقذه .. مدَ له يده فلسعه العقرب .. فسحب الحكيم يده وهو يتألم .. وعاد ومد يده ثانية وثالثة لينقذه .. فلسعه العقرب .. فيسحب الحكيم يده متألماً في كل مرة .. ( ربما ستقولون ما هذا الصبر وطولة البال الذي يتمتع به هذا الرجل الحكيم )؟! على مقربة منه كان يجلس رجل اخر يراقب ما يحدث .. فقال الرجل للحكيم : ايها الحكيم الم تتعظ من المرة الاولى ولا من المرة الثانية .. وها انت تحاول انقاذه للمرة الثالثة ؟! لم يأبه الحكيم لكلام الرجل .. وظل يحاول حتى نجح في انقاذ العقرب !. ثم مشى اتجاه ذلك الرجل وربت على كتفه قائلاً : يا بني .. من طبع العقرب ان ( يلسع )، ومن طبعي ان ( احب واعطف ) فلماذا تريدني ان اسمح لطبعه ان يتغلب على طبعي !
الحكمة من هذه القصة عامل الناس بطبعك لا بطباعهم ، مهما كانوا ومهما تعددت تصرفاتهم التي تجرحك وتؤلمك في بعض الاحيان ، رغم ان الطرف الاخر لا يستحق تصرفاتك النبيلة .
سمعنا ان الحكومة العراقية المالكية رفضت مبادرة السيد عمار الحكيم بجعل البصرة عاصمة العراق الاقتصادية ، وعللت السبب بان الوقت غير مناسب ! والحقيقة التي بات يعرفها جميع العراقيين ان مبادرات الحكيم جميعها واقعية وممكن تطبيقها وهي تصب في مصلحة البلاد والعباد، ولكن رئيس الحكومة وحزبه ، لا يريدون ان يأخذوا بمبادرة الحكيم ، معتقدين ان هذه انجازات تحسب للمجلس الاعلى و تفيدهم في كسب اصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية القادمة ، وعلى هذا الاساس فالحكومة لا تنفذ المشاريع المهمة والحيوية التي تخدم الوطن المواطن ، فتم رفض مشروع البصرة عاصمة العراق الاقتصادية وتعطيل مبادرة تأهيل ميسان ورعاية الطفولة وغيرها من المبادرات التي اطلقها السيد الحكيم ، لا نها بجد واجتهاد المنافس السياسي كما يحلو لحزب الدعوة ان يسمي شركائه في العملية السياسية ، لا نه يريد ان يبقي على الحزب الواحد والقائد الأوحد!
المجلس الاعلى هو من اسس العملية السياسية بعد 3003 وهو من اعاد بناء مؤسسات الدولة ، لذلك يريد ان يحافظ على العملية السياسية ولا يرضى بالرجوع الى المربع الاول والدكتاتورية فمساهماته ومبادرته وهو خارج الحكومة ، الغاية منها العراق وشعبه ، والحفاظ على الانجازات التي تحققت ، وهو يؤمن الذي يخسر اليوم في الانتخابات يمكن ان يفوز في الانتخابات التي تليها ، وقد عاش المجلس الاعلى هذه التجربة واستطاع تشخيص الاسباب ومعالجتها ، وانتخابات مجالس المحافظات خير دليل على ذلك ، اذن القرار السياسي في العراق الجديد لا يمكن لاحد ان ينفرد به دون اشراك الاخرين.
على المالكي وحزبه ان لا يتعاملوا بسياسة ميكافيلي وان يتذكروا مظلومية هذا الشعب ، فهم يعلموا لولا تضحيات وصبر هذا الشعب لما كان بمكانهم الجلوس على مقاعد السلطة ، وان يتذكروا مواقف المجلس الاعلى الوطنية الكثيرة سواء كان ذلك في زمن المعارضة او بعد سقوط البعث ، فمن المعروف ان المالكي لولا السيد عبد العزيز الحكيم لن يصبح رئيسا للوزراء ، ولولا وقوف عمار الحكيم بجانب المالكي عندما اجتمعت القوى السياسية في اربيل والنجف لا سحبت الثقة عنه واصبح في خبر كان ، المواقف كما ذكرت كثيرة ، لا مجال لذكرها ، يامالكي انت وحزبك كالعقرب في القصة التي سردتها في بداية المقال وانت كجنكيز خان ، حيث لا تبالي ان يموت العراقيون وتتناثر اشلاءهم بالمفخخات والاحزمة الناسفة ، المهم انت سالم وعلى الكرسي نايم .