18 ديسمبر، 2024 7:53 م

الحكيم وأول حشد في تاريخ العراق …

الحكيم وأول حشد في تاريخ العراق …

يذكرنا التاريخ بشخوص يتفاوتون بالعمل، فمنهم من تمر الحياة عليه ولا يترك أيّ أثر، ومنهم من يذكره التاريخ لواقعة أو مأثر، ولا يمكن للتاريخ أن يغفل أحداً، مالم يكن خلف كاتب التاريخ مغرض، كما حصل مع عليّ بن ابي طالب، الذي غدره كتّاب التاريخ كثيراً، فكتبوا لمن لم يكن له شأناً، وأهملوا من كان يقول سلوني قبل أن تفقدوني، ومن الرجال من دخل وأحدث دوياً كبيراً كالرسول الأكرم، الذي أسلم على يديه كثير ممن كانوا ضد الإسلام في بداية دعوته، ولا زال الإسلام فاتح ذراعيه لمن يدخله .

السيّد محمد باقر الحكيم نشأ في كنف والده، الذي يعتبر في وقته زعيم الطائفة، مما هيأ له الأرضية المناسبة، لتسلق العلم الديني والسياسي معاً، وفق مفهوم الدين هو السياسة، ولذلك كان المتصدر عندما تغرب عن بلده واستقراره في إيران، وإنشاء أول حشد عقائدي للوقوف بوجه أكبر طاغوت في العصر الحديث، فكان الساعد الأيمن والمقرب من السيذد الخميني رضوان ربي عليهم، إضافة للعمل الديني، فكان يمزج بين العمل الجهادي والتدريسي والمحاضرات، ولا ينفك عن الإستمرار بهما، لينال رضا الخالق ويؤدي الدور الذي سار به .

أول حشد عقائدي في تاريخ العراق، كان على يد شهيد المحراب، الذي حاربه نظام البعث بكل الوسائل، وأعطت عائلة السيّد الحكيم ثلاثة وسبعون شهيداً، خلال حكم البعث، وتتفاوت شهادتهم وبحسب توجيهات القائد الضرورة، وصل لملاحقتهم خارج العراق، فكان إستشهاد السيد مهدي الحكيم في دولة السودان، بعد أن جنّد الطاغية أحد ضباطه ليغتالهُ هُناك، لتكون عائلة الحكيم عائلة الشهداء بحق، وتتصدر العدد! لهذا كان لابد من تصدر القرار، ومحاربة النظام آنذاك بكل السبل، ولولا الإتفاقيات الدولية لشارك المجاهدون علناً في الحرب العراقية الإيرانية، لكنها إقتصرت على الداخل، من خلال التنظيمات السرية وإستطاعت خرق المنظومة الأمنية آنذاك .

حياة شهيد المحراب لا يمكن اختصارها بمقالة، لا تتعدى حروفها ألف كلمة أو اقل، حتى وإن كثرت، لكن يمكن ذكر بعض لمحات عاشها وهو مغترب، لحين رجوعه للعراق بعد هزيمة الطاغية، ولا يمكن أن ننسى الثورة الشعبانية المباركة، التي أقضت مضجع صدام أيامها، وإنتهى الأمر، لكن ذلك لم يرق لا لدول الخليج ولا أمريكا! التي أرجعته وساندته، إلا إقليم كردستان دعمته بكل ما تستطيع من جهود، وصلت لتحديد خطوط جوية ممنوع تجاوزها، بالوقت نفسه أباحت له بإبادة أهل الجنوب، وأجازت له مجازر ومقابر جماعية، لازالت آثارها شاخصة، فاقت مجازر الأرمن واليهود، التي تلوح بها تلك الأمم بين الحين والآخر .

فقدان السيد محمد باقر الحكيم، بذلك التفجير المدبر المفجع، وخسارتنا لعلم من الأعلام، كان غير متوقع! والظاهر من ذلك القضاء على مشروع الدولة العصرية العادلة، والتمنيات ببناء عراق ديمقراطي، يكفل حقوق كل العراقيين، ويحاسب كل من تلطخت يديه بدماء الأبرياء، ولو كان باقياً ليومنا هذا، لما تجرأ صغار القوم اليوم، الذين يتصورون انهم صقور! لكنهم واهمين، لان بناء الدولة لا يأتي من خلال المحاصصة والسرقات والفساد وضياع الأموال، بل يأتي من خلال برنامج معد سلفاً، مدروس من قبل لجان إختصاص وخبراء، واضعين أمامهم التضحيات ودماء الشهداء والمغيبين والمغتربين، الذين هاجروا وسكنوا الغربة من جور ذلك النظام الاستبدادي، وكان هذا البرنامج لدى شهيد المحراب .