22 ديسمبر، 2024 7:00 م

الحكيم شهيد الحوزة وشاهدها

الحكيم شهيد الحوزة وشاهدها

واجهت حوزة النجف الاشرف تحديات حقيقية من أجل عرقلة مسيرتها في قيادة المجتمع نحو السعادة والخير والكمال، الأمر الذي أدى إلى ضمورها في مقاطع زمنية معينة.
السيد الشهيد محمد باقر الحكيم ” رضوان الله عليه” وبحكم قربه الشديد من والده المرجع الإمام السيد محسن الحكيم، كان قد عاش تفاصيل تلك التحديات لدرجة معرفته الواعية بحجم الإنتهاك الذي تعرضت له تلك المؤسسة، خصوصاً وإن ابناء الشعب ينظرون اليها كمصدر إشعاع للمعرفة ولقدسيتها المستمدة من الوجود المبارك لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
يؤكد الشهيد الحكيم على أن نظام البعث كان مدركاً لحجم التهديد الخطير الذي تشكله الحوزة على كيانه، وعليه يمكن القول أنها أٌعْطيَتْ مساحة كبيرة من الإهتمام والتخطيط التي نتج عنه بعض الأساليبب بغية السيطرة عليها وإحتوائها فكانت خطواتهم تتسم بالسعي إلى زعزة إستقلاليتها ولذا كانت المؤسسة الأولى من حيث الإستهداف الذي اتخذ عدة أنماط حتى تُوِجَ ذلك بإستهداف قمة الهرم المتمثلة بالسيد محسن الحكيم رحمه الله.
أمر آخرطالما أكد عليه السيد الشهيد الحكيم وهو ما يتعلق بمحاولة السلطة إفراغ الحوزة من محتواها العلمي، وتاكيده هنا رحمه الله كأحد الأشخاص الذين عاصروا تلك الأحداث وكانوا أحد ضحايا النظام آنذاك.
ربما يتسائل البعض عن دور السلطة في كيفية إفراغ الحوزة من المحتوى العلمي؟
كثيرة هي السبل التي من خلالها يتسنى للسلطة القيام بها لتحقيق ذلك وأحدها إبعاد الطلبة والأفاضل من غير العراقيين وتسفيرهم الى بلدانهم التي قدموا منها الى النجف الاشرف، فضلاً عن مطاردة وإعتقال عدد كبير من هؤلاء الطلبة والعلماء وتصفية كوادر العلم ومراجع الدين.
وبنفس الوقت عمدت السلطات إلى زج عناصر طفيلية فارغة المحتوى والمضمون وإعطائها مساحة من الحرية والحركة بغية تهيئتها كبديل عن الحالة الرسمية والشرعية التي كان يمثلها ضحايا البطش البعثي إضافة الى دعم هؤلاء المزيفين إعلامياً ولوجستياً لاقناع العامة بإن هؤلاء هم ممثلي الشرع الحقيقيون وهم الاحرص عليه واتباعهم أولى من غيرهم كونه يحقق ما تسعى اليه السلطة.
لقد كان اتهام الحوزة العلمية بالتخلف والإنعزال والرجعية وعدم مواكبة العصر من أسهل الاساليب المعتمدة لدى البعث من اجل صناعة فجوة بين الحوزة وجماهيرها بعد محاصرة العلماء وبث الإشاعة الكاذبة للنيل من مكانتهم في نفوس الجماهير.
مع كل ذلك أصبحت عملية طمس معالم تلك الحاضرة العلمية مستحيلة على النظام بل قوبلت بصمود منقطع النظير الذي مكنها من الاستمرار بفضل الله ورجالها وقدرتهم على استيعاب الضربات بصبر وثبات.
أن سياسة البعث ضد الوجود الحوزوي قد كلفها ثمنا باهضا حيث تركت فراغا كبيرا في الجانب الثقافي والذي جاء نتيجة تصفية الطاقات العلمية التي يعول عليها في بث الوعي الديني في اوساط المجتمع العراقي حيث ان النظام عمد الى قتل وتغييب الاف الاساتذة ومن خيرة العاملين في حقول المعرفة ومنهم السيد الشهيد محمد باقر الحكيم الذي عانى ماعانته اسرته في ظل حكم البعث الى ان ختم الله تعالى حياته بالشهادة في الزمن المبارك والمكان المبارك بعد اداءه للفريضة المباركة.