27 ديسمبر، 2024 12:34 ص

الحكيم .. تعويذة وطن

الحكيم .. تعويذة وطن

نعم يا سيدي، يا حكيم العراق وإبن حكيمه، قد جعل الله في قلوب المؤمنين صبرا عند البلاء، وشكرا إليه في الرخاء، وحمدا إليه وتسبيحا في الضراء، لا يعتريهم شك، ولا يغلبهم هوى، ولا يدخل قلوبهم جزع ، ولا ينالهم فزع، في الشدائد أصلب عودا، وفي السراء أجمل صبرا وثباتا وجودا، فيوفيهم أجر الصابرين، ويرفعهم الى مراتب المخلصين ويحسبهم في المحسنين .

في وطني سدد الله رجالا إليه عاملون، وفي مهجهم باذلون، ولأمره ونهيه مسلمون، ولجهاد أعدائه ملبون، إن أمتحنهم الله فازوا، وان نزل بهم البلاء اطمأنوا، نفوسهم مستقرة راضية، سلالة فاخرة، ودماء طاهرة، عظم لديهم وطن الإمامة فلم يثبط عزيمتهم الحاسدون، ولا ينقص من تاريخهم وسيرتهم المتقولون، فسلك المنافقون طرق شتى، ومناهج الحمقى، يتقولون فيكذبون، ويدعون ويسخرون، ولا يسخرون إلا بأنفسهم، يرومون الزعامة، فحصادهم ندامة.

نعم يا سيدي، فما إن حملت الأمانة، وأجبت الوصية، حمل بعضهم معاول التهديم، وأداة التحطيم فنثرت بوجوههم تعويذة الوطن، فغرفت من معين الشهادة غرفة المتيقن الآمن، وغرفوا هم من راكد آسن ، فأصابتهم الأدران ، ورافقهم الهوان ، ووقعوا بوبال عملهم وشر عاقبتهم ، فكنت سيدي ترافقك آمال الوطن فأمسكت على الجراح ، وكبرت حيا على الفلاح ، فوهبتموه دمائكم كأول الإسعاف ، وعافيتموه بصدق الأهداف، وقصدتم الاستدلال إليه بالأفعال، فأصدقتم الأقوال.

قد بذلتم الندى، وبذلوا خصومكم الأذى، وسلكوا دروبا ضيقة، وأسفارا مزهقة، ابتعدوا عن السيد العظيم ، فوقعوا بأمر جسيم، وأمل لئيم، فبما بغوا كلمة الحق، بغي عليهم بسلاح الباطل، فسعيهم فاشل ، فليخدعوا من شاؤوا ، فلن يخدعوا التاريخ، ولا ينقذهم صريخ، إذ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، كأنهم صرعى، تراهم أصدقاء في السياسة ، وأعداء عند الرياسة، تتجاذبهم أحلام وطمع الفانية، ولذات آنية، يتهاوشون الوطن تهاوش الكواسر، ويتخاصمون فيه تخاصم العساكر ، قد اختلت عقولهم، وإختلفت طرقهم، وطمست كلماتهم، في حين كنت أنت سيدي تبلغ مدارج الكمال ، ويتسافل أعدائك الى منزلق الوهن والاختلال.

نزلت منزل الفاضل الرفيع ، ونزلوا هم منزل البائس الوضيع، فارتقيت سلم المجد على أنقاض ما يصفون ، فكشفت عنهم لثاما، وخاطبتهم سلاما، فخصومك سيدي سفهاء قد علا ضجيجهم، وبح صوتهم، واهتزت فرائضهم ، يصيبهم الفزع ما إن رأوا فيك سدادة الرأي والحكمة ، وعلو في الهمة ، أوعزوا لجيوشهم ، واستنفروا أتباعهم ، من بغاة ومظلين، ومنحرفين وحاقدين، يرمونك بما ليس فيك وقد حباك الله كل رفعة، وحياك لكل سمو، فأخلاقهم كالثوب البائد لا ينفعه أي ترقيع ، ولا يجدي بهم شفيع ، جزاءا بما كسبوا وما عملت أيديهم ، اذ عزفت أنغامهم على عظيم جريرتهم ، وفرحوا بملأ جيوبهم.

وكان ربك لهم بالمرصاد ، قد بار بيعهم ، وفسدت بضاعتهم ، وخرب منظرها ، وكشفت جيفتها ، فبئس الحالمون هم، ونعم العاملون سيدي أنتم، فأنت السيد المسدد والعبد المؤيد بإذن الله .