18 ديسمبر، 2024 11:47 م

الحكيم بدأ من البصرة ولم ينتهي بالأنبار

الحكيم بدأ من البصرة ولم ينتهي بالأنبار

مشكلة العراق الأزلية إنه بلد غني وشعبه فقير، فقد تأسست الدولة على أساس عرقي طائفي بتخطيط خارجي، ولدت الطبقية والعنصرية وتفاوت توزيع الثروات، والنظرة الدونية بين السلطة والفرد، وبين شرائح على منشأ عرقي.
جذور التقسيم القديمة ترعرت مع التطرف والفساد، لتبني دكتاتوريات متعددة متنوعة تبدأ من البيت وداخل الطائفة، وتنتهي بالدولة على شكل مكونات وطبقات.
حينما نتوغل قيلاً في تاريخ العراق منذ ثورة العشرين، نبتعد عن التشضي والإنقسام والقوميات، نتعرف إنها وطنية بدعوى مرجعية شيعية، ومساندة عشائر الجنوب بالتعاون مع عشائر المنطقة الغربية والانبار تحديداً وصولاً الى كردستان.
طبيعة الطبقة الحاكمة من تلك الفترة الى اليوم، رسخت مفهوم النخبة والطاعة القسرية ،وفئات قسمت الوظائف والشهادات وقيادات الدولة والجيش.
بعد 2003م معظم القوى السياسية إستغلت الجذور ولم تقتلع الشوائب لغرض نيل غايتها الشخصية الحزبية، وفرضت الإعتراض على المسؤول الحكومي من الموظف الكبير الى العامل البسيط طائفياً، عززت مفهوم المحاصصة والكل يدعي الظلم والتهميش.
مدينة الرمادي بطبيعتها وأرضها الواسعة، فيها عدة تيارات متصارعة، القومية والبعثية والمتطرفة والمعتدلة والعشائرية، ولدت التناقض بين أبناء المحافظة وسمحت للتدخلات الخارجية بوجود الفراغ الحكومي.
السيد عمار الحكيم مثلما عرف عنه متأصل من عائلة الإمام السيد محسن الحكيم، الذي كان حلقة الوصل الشيعية مع أبناء تلك المناطق في ثورة العشرين، طرح في السابق جملة من المشاريع والأطروحات، لم ترى النور بسبب التجاذبات والحسابات السياسية، كانت مرتكز الإقتصاد كونه عصب الحياة، في دولة بعد حروب طويلة وحصار وهجمة إرهاب، وهذا ما أطاح بالكثير بالفقر والحرمان والعوز وما يدفع البعض للإنحراف، كانت الأولى من البصرة عاصمة أقتصادية، ثم مشروع تأهيل ميسان ومنحة الطلبة واعمار الديوانية والطفولة والمراة وذوي الاحتياجات الخاصة وقانون التقاعد الموحد، ومنظمات المجتمع المدني، ثم تلاها بمشروع لكل محافظة من الوسط والجنوب.
الأنبار مثل بقية المحافظات خضعت للتجاذبات والتظاهرات، ومطالب بعضها مشروع والأخر غير ذلك بدفع خارجي، وتُرك الأمر الى ان تنامى الأرهاب وعشعش في الصحراء، إمتداد لما يجري في سوريا، ومنذ عامين حذر السيد الحكيم في خطبة عيد الفطر المبارك وقال” إن مشروع الأمة والدولة في خطر” وكان التشخيص دقيق حدد إن المد التكفيري من سوريا وغليان الربيع العربي متجه الى العراق.
ماطرح أخيراً مبادرة” أنبارنا الصامدة بوجه الإرهاب” تعبر عن رؤية أمنية وإقتصادية وطنية، والإعمار يعني إستقطاب الشباب للعمل والبناء وإيجاد فرص التنافس مع المحافظات الأخرى بمشاريعها، وحين تأسيس مجلس اعيان للخروج برؤية موحدة من أبنائها، ومن ثم دعم قوة الدفاع الذاتي لأجل إشعارهم بمسؤوليتهم الوطنية، وكون العراق دولة فدرالية إتحادية وحماية المدن والشرطة من أبناء المدن نفسها، وتجنيب المحافظات الأخرى خطر الإرهاب الذي يسعى الى الفتنة الطائفية، من الأحتكاك مع شرطة المحافظات؛ مع دعم كامل للقوات الامنية، أما إجتماع القوى الوطنية فهو ملزم لجميع الاطراف بقرار موحد ومعالجة الأزمات علنياً، ويطمئن الشارع ويقلل من الإحتقان.

البعض لا يزال يزال يعزف على وتر التقسيم والتفرد والطائفية لإنضاجها وخداع المواطن لكسب الإصوات، ولا يرغب ان تجتمع القوى الوطنية العراقية.
إعمار لا يعني ترك بقية المحافظات، والساسة مطالبون بمراجعة اوراقهم لخدمة من إنتخبهم، وتفعيل قانون المحافظات والمبادرات التي تصب في خدمة البلد.
من يقف اليوم بوجه مشروع نال إستحسان الجميع من رئيس مجلس الوزراء، الى كل القوى السياسية والأمم المتحدة، صوت النشار لا يعتاش سوى على الأزمات، وكان السبب في عدم تفعيل قانون المحافظات رقم 21 ويعرقل مشروع البترودولار الذي ينفع في البداية المحافظات الجنوبية المنتحة للنفط. لا نقول سوى إن الشعب العراقي صار واعياً وبعيد، عن أصوات لا تجيد الاّ الشتائم، والحكيم بدأ من البصرة ولم ينتهي بالأنبار.