عندما تسنم السيد عمار الحكيم رئاسة التحالف الوطني قبل أشهر ، ومحاولة إيحاء جسد ميت وهي محاولة كان الأعم الأغلب متشائم وغير مقتنع ،لان الأمر ليس بهذه البساطة ، فمكونات التحالف الوطني ذات طبيعة طاردة وليست جاذبة ، كما أن الخلاف والاختلاف حاضراً في عموم المشهد التحالفي ، حتى وصل الأمر الى الصراع والاقتتال الداخلي ، ففي زمن السيد المالكي شاهدنا حرق مكاتب المجلس الأعلى من قبل أتباع الصدر ، وما تلاها من أحداث صولة الفرسان في البصرة وغيرها من أحداث أثرت على العلاقة بين مكونات التحالف الوطني ، والذي بات أسماً بلا مسمى .
الحكيم وخلال احتفالية مولد أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) كان من أهم ما جاء في حديثه استعداده للتخلي عن منصبه لأي بديل يأتي ، وطالب قيادات التحالف الوطني بالبدء بإجراءات اختيار رئاسته القامة من الآن ، وهو ما تلقفته دولة القانون ، وأعلنت استعداد السيد المالكي لسكون بديلاً لرئاسة التحالف الوطني ، الأمر الذي يجعلنا أمام موقف جديد لرئيس المجلس الأعلى الذي كان ساعياً لملمة مكوناته ، والسعي الجاد من اجل بناء مؤسساته ، وهنا لا بد من تحليل لهذا الموقف السياسي المفاجأ الذي له أسبابه ومعطياته ، والتي سنتناولها بشي من الإيجاز .
التحالف الوطني لم يكن يشكل تحالفاً بين القوى السياسية ، بقدر ما هو معبر ومخرج سياسي لرئاسة الوزراء فقط ، والناظر على خارج مغلفه يجد انه تسميته صحيحة ، فهو عبارة عن مكونات تحالفية تشكلت على أساس مذهبي ، وهو ما تشكلت عليه أصل العلمية السياسية ابتداء” ، ولكن من ينظر على جوهر هذا التحالف يجد قوى اجتمعت لتفرق ، والتأمت لتتشرذم ، وهذا بحد حياته لا يمثل أي خطوة سليمة باتجاه توحيد الخطاب السياسي لمكوناته ، لهذا نجد أن موقف المرجعية الدينية العليا واضحاً ، واتخذت سياسية ” غلق الأبواب ” في وجوه جميع مكوناته ، لأنهم لم يكونوا يوماً على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، والتي كانت نتيجة عذابات وتضحيات الشعب العراقي المرتهن .
الأوضاع المأساوية التي عاشها الشعب العراقي ، والتي كانت في ظل هذا التحالف الشيعي ، وسقوط البلاد بيد داعش هي الأخرى كانت في ظل هذا التحالف ، ناهيك عن العلاقات السيئة مع الجيران ، وهنا لا نلقي اللوم على التحالف في كل هذه المشاكل ، ولكن ما يؤلم حقا” انه يحدث في ظل هذا التحالف ، والذي كان يفترض به أن يسمو بنفسه فوق خلافاته الداخلية ، وان يكون حامياً للعملية السياسية والمشروع الفتي ، كما كان الأولى بقياداته أن يتغيروا مفهومهم في إدارة الدولة ، والخروج من بوتقة المعارضة الى حكم الدولة والحكومة ، ولكن للأسف ظلوا بمفهوم الاحتراب والاختلاف الذي افقدهم كسب ثقة المجتمع وتأييده ، لذلك وجد الحكيم نفسه وحيداً مام كراسي التحالف الحمراء ، وصوته يسمعه فقط الجدران ، فكان لابد من وقفة ليسمع الجميع صوته ، وأن يعي الجميع مهامه ، والا فان القادم أسوء .