19 ديسمبر، 2024 2:53 ص

الحكومة العراقية و سياسة الازمة

الحكومة العراقية و سياسة الازمة

لو تابعنا مسيرة الحكومة العراقية منذ العام 2010 و حتى هذه اللحظه سنجد انها مليئة بالازمات , حتى اصبحت ( الازمات) السمة الاساسية و البارزة لهذه الحكومه , بل ان الحكومة نفسها تشكلت بعد ازمة كبيرة جداً ادت الى تأخر تشكيلها الى ما يقارب الخمسة اشهر ؛ و استمرار الاجتماعات و المؤتمرات التي كان اخرها في اربيل انتهى الى ما بات يعرف بأتفاق اربيل الذي انهى مخاض تشكيل الحكومه وسط اصرار بعض الاحزاب و الكتل بحقها في منصباً معيناً و هو دون ادنى شك رئاسة مجلس الوزراء , الذي يجعل من يصل اليه متحكماً في شؤون السلطات الاخرى (التشريعيه و التنفيذيه) الى جانب السيطرة على القوات المسلحة و الاعلام , و هو ما يعرف في الانظمة المتخلفة التي لم يكن العراق بعيداً عنها بالديكتاتورية و انتهاكاً واضحا لمبادئ الديموقراطية التي يدعي الجميع (من السياسيين حصراً) بحمايتها و العمل على تكريسها في العراق , وقبل الديموقراطية الدستور الذي اوضح بشكلاً لا يقبل النقاش وظائف المناصب العليا و صلاحياتها التي يعتبر الخروج عنها خرقا دستورياً و انتهاكاً يوجب محاسبة من قام به , و ان انتهك الدستور انتهت الدولة و مؤسساتها و اصبحت الاراء الشخصية هي الحاكمة.
و ايضاً ما يشهده العراق هذه الايام من تحشيد و تظاهرات تضم مؤيدي التيار الصدري الرافضين لوصف رئيس الحكومه الذي اطلقه على زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الذي اعتزل السياسة مؤخراً , على خلفية فضيحة المصوتين على قانون التقاعد الموحد من كتلته النيابية ؛ ان هذه التظاهرات و هذا الغضب من قبل مؤيدي التيار الصدري ما هو الا ازمة جديدة تضاف الى ازمات الحكومة و كيفية ادارتها للوضع في العراق فلم يمضي اسبوع على ازمة (المالكي و النجيفي) و اتهامات كل منهما للاخر بقيادة العراق نحو الهاوية , وقبلها ازمة الموازنة , و قبلها ازمة الحملة العسكرية ضد الانبار ,و قبلها ازمة الاكراد , و غيرها من الازمات التي بدلاً من الاتجاه لحلها يتم انتاج ازمات اخرى و تبدأ مرحلة جديدة من الصراعات السياسية التي لم نجد في أي منها ما هو مفيد او يتناسب مع مصلحة الشعب بل العكس ففي كل ازمة من هذه الازمات تتعطل واحده من ابرز سلطات الدوله و هي السلطة التشريعية , و ايضاً تعنت السلطة التنفيذية (الحكومه) في اداء مهامها كي لا تكون في موقع المنسحب او الضعيف في نظر الاخرين من الشركاء السياسيين حتى اصبحت الازمة في نظر الشعب تفتعل لاثبات وجود شخصاً معين او حزباً او كتلة  لا من اجل المصلحة العامة التي يفترض ان تكون اساساً لعمل جميع السلطات و رؤسائها و اعضائها.
ان انتاج الازمة ما هو الا دليل على فشل الاحزاب (الحاكمه تحديداً) في القيام بمهامها الدستورية التي يتهم رؤسائها بعضهم البعض بعدم معرفتهم بها , و ان الازمة التي تدور هذه الايام بين اركان التحالف الوطني ما هو الا دليل على ان الحكومة تدار لمصلحة حزباً بعينه من بين احزاب هذا التحالف و كي تكون الصورة اوضح و حسب وصف بعض قيادي هذا التحالف تسقيطاً سياسي يبتعد كل البعد عن ابعاد الفاشلين عن ممارسة عمله كممثل للشعب , و الا ما الذي جعل الحكومه تلتزم طيلة السنوات الماضيه و تبدأ الحديث عن الفساد و الفاشلين و الجهلة في ما هو منصوصاً عليه في الدستور في هذا الوقت تحديداً ؟  علماً ان هؤلاء الفاسدين او الفاشلين او الجاهلين بمواد الدستور هم اعضاءا في ذات الحزب او التحالف الذي ينتمي اليه السيد رئيس الحكومة و هو نفسه الذي لولا دعمه لما استمرت هذه الحكومه خصوصاً بعد ازمة سحب الثقه من الحكومه , و لكن و كما يقال ( اهل مكه ادرى بشعابها )  فاذا كان حديث اعضاء الاحزاب الاخرى عن التحالف الوطني يوصف بأنه تسقيطاً سياسي فمن غير المعقول ان يأخذ كلام اعضاء التحالف الوطني نفسه الذي اخرج هذه الحكومة على انه تسقيطاً سياسي فلا يمكن ان يُسقط اعضاءاً في حزباً سياسي على ابواب انتخابات انفسهم او بعضاً من اعضاء هذا الحزب ان لم تكن هناك قضايا في غاية الخطورة و لم يعد بالامكان يعد السكوت عليها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات