10 أبريل، 2024 7:54 ص
Search
Close this search box.

الحكومة العراقية تغض الطرف عن ظاهرة أطفال الشّوارع

Facebook
Twitter
LinkedIn

أصبحت ظاهرة أطفال الشوارع منتشرة بوضوح في كافة المجتمعات في أنحاء العالم؛ إذ صرّحت الأُمم المتحدة أن ما يزيد عن 150 مليون طفل في مختلف أنحاء العالم في وقتنا الحاضر يصنفون ضمن أطفال الشوارع، إذ يُجبر الكثير منهم على كسب لقمة عيشهم بطرق مهينة مثل: الاستجداء، والبحث في القمامة، وبيع البضاعة البسيطة كباعة متجولين في الأحياء والمدن الفقيرة وكذلك في تقاطعات الشوارع المزدحمة. فمن هم أطفال الشوارع، وما الأسباب التي دفعتهم لأن يكونوا كذلك، وما نتائج هذه الظاهرة؟
تعريف أطفال الشوارع: يطلق مصلح أطفال الشوارع على الأطفال الذين يجوبون في الشوارع معظم أوقاتهم ومن هم دون سن البلوغ أو أقل من ثمانية عشرة عاماً، وقد يكون بعض هؤلاء الأطفال دون مأوى أو قد تكون روابطهم الأسرية مفككة، مما يدفع بعض الأشخاص إلى إستغلالهم وإرسالهم للشوارع بهدف تشغيلهم والمتاجرة بهم، وتعتبر ظاهرة أطفال الشوارع من أكثر إنتهاكات حقوق الطفل، وواحدة من أكبر المشاكل الاجتماعية التي تواجه أي مجتمع يسعى للتطور والنمو. الواضح للعيان أن هذه الظاهرة لم تكن منتشرة بهذا الشكل قبل إحتلال العراق في عام 2003.
وفقاً لتقسيم اليونيسف، فإن أطفال الشوارع يقسمون إلى ثلاث فئات وهي:
• قاطنو الشارع: ويقصد بهم الأطفال الذين يعيشون بالشارع بشكل دائم أو شبه دائم، دون وجود أسر لهم، أو وجود علاقة ضعيفة ومتقطعة مع أسرهم.
• العاملون بالشارع: وهم الأطفال الذين يقضون معظم ساعات النهار في الشارع للقيام بأعمال مختلفة، وعادةً ما تشمل البيع المتجول والتسول، وقد يعود غالبيتهم إلى منازلهم ليلاً، أما البعض الآخر فقد يقضي ليلته نائماً في الشارع.
• أسر الشوارع: وهم الأطفال الذين يعيشون مع عوائلهم الأصلية بالشارع، وقد وصل عدد أطفال الشوارع وفق هذا التعريف إلى ما يقارب 150 ميلون طفل حول العالم.
أسباب ظاهرة أطفال الشّوارع: هناك الكثير من الأسباب التي دفعت أطفال الشوارع لأن يكونوا على ما هم عليه الآن، وتقسم الأسباب هذه إلى:
أسباب عائلية: تتعدد الأسباب العائلية التي تؤدي إلى ظاهرة أطفال الشوارع إلى ما يلي:
• التفكك الأسري: فتشتت الأطفال بين الأب والأم بعد انفصالهما، وتفكك الأسرة يدفعان الأطفال إلى الشارع.
• العنف الأسري.
• كثرة النسل: إذ إن عدم الاهتمام بالأطفال واحتياجاتهم قد يدفع بهم إلى الشارع، خاصة إن رافقت ذلك حالة اقتصادية صعبة.
• التمييز بين الأبناء في الأسرة الواحدة: حيث يشعل ذلك شرارة الغيرة بينهم، مما قد يقود بعض الأطفال إلى الهروب إلى الشارع.
• اليتم: فقدان أحد الوالدين أو كليهما يسبِب ضعف الرقابة والمتابعة للأطفال أو انعدامهما، مما يقودهم إلى الانحراف، أو الانضمام إلى أطفال الشوارع.
• القسوة: هي أحد الأسباب وسواء كانت القسوة من قبل الوالدين، أو أقارب الطفل، أو المحيطين به، أو حتى من مجتمعِ المدرسة.
• عمل الوالدين: قد يمارس الوالدان أعمالاً منحرفة، من شأنها أن تنقل الانحراف إلى أطفالهم أيضاً.
أسباب إجتماعية: تشمل الأسباب الاجتماعيّة كلاً مما يأتي:
• الظروف الاقتصادية الصعبة: حيث لا تستطيع بعض الأسر توفير حاجات أبنائها الأساسية، من: مأكل ومشرب ومكان إقامة وعلاج، مما يدفعها للسماح للأطفال بالعمل في الشارع للمساعدة في تأمين الاحتياجات.
• سوء البيئة المحيطة: قد تؤدي مجاورة الأشخاص المنحرفين إلى إنحراف الأطفال.
• التسرب المدرسي: إن أساليب التعليم الشديدة الصارمة، وعدم قدرة بعض الآباء على تحمل مصاريف الدراسة تدفع بالأطفال إلى الهروب، وترك المدرسة، والإنخراط في بيئة الشوارع.
أسباب متعلقة بالأطفال أنفسهم: من هذه الأسباب ما يأتي:
• حب التملك والإستقلالية؛ فقد يلجأ بعض الأطفال للشارع لتلبية رغباتهم في العمل وتلبية إحتياجاتهم.
• الميل للحرية والهرب من الأجواء الأسرية السيئة.
• الشعور بعدم الاهتمام بالطفل عاطفياً مما يجعله يلجأ للشارع لتلبية حاجاته.
إضافة لذلك، توجد الكثير من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى إنتشار أطفال الشوارع، والتي يعتبر أهمها عدم إكتراث الحكومة العراقية لمتوسط دخل الفرد وإهمال بناء دور الرعاية الخاصة بالأطفال، بالإضافة إلى أسباب أخرى أهمها:
• الفقر‏: وهو السبب الرئيسي الذي يجعل العائلة ترسل أبناءها للعمل في الشارع وللتسول وبيع السلع الهامشية، وبالتالي تعرض حياتهم للخطر والانحراف.
• الأوضاع الأسرية‏:‏ حيث تؤدي الظروف الأسرية السيئة إلى إنتشار ظاهرة أطفال الشوارع، ومن أهم الأسباب الأسرية ما يلي:
− التفكك الأسري إما بوقوع الطلاق، أو وفاة أحد الوالدين‏.‏
− إزدياد عدد أفراد الأسرة بحيث يعجز الوالدين عن توجيه الأبناء وتربيتهم.
− الخلافات والمشاكل المستمرة بين الوالدين. ‏
‏العوامل المجتمعية والتي تشمل الأسباب التالية:
• التسرب من المدارس وضعف قوانين التعليم الإلزامي.
• ‏عدم وجود أندية أو مراكز ترفيه يلجأ إليها الطفل.
آثار ظاهرة أطفال الشوارع: تنتج عن ظاهرة أطفال الشوارع بعض المشاكل التي تصنف إلى:
• مشاكل إجتماعية: تبرز الكثير من المشاكل الاجتماعية التي يواجهها أطفال الشوارع، ومنها: إنتشار الجهل والتخلف وزيادة أعداد الأميين وأعداد العاطلين عن العمل بين فئة العاملين باطراد.
• مشاكل أمنية: يكون أطفال الشوارع عادة ضمن بيئة سيئة دون وازع أو رقيب، بالإضافة إلى إختلاطهم بمن يكبرونهم سناً، مما قد يؤدي إلى إنخراطهم في شبكات منظَمة من العصابات المؤذية وذات الأهداف السيِئة؛ إذ قد يعملون ضمن هذه العصابات في الدعارة والسرقة وتجارة المخدرات مما يعود بآثار ضارة على أمن المجتمع.
• مشاكل نفسية: يؤدي إنخراط الطفل في سوق العمل مبكراً إلى التأثير سلباً على نفسه، مما قد يسبب مشاكل نفسية، أهمها: الانحراف وسوء التعامل والتأقلم مع البيئة المحيطة به، حيث إنه غير مهيأ بدنياً ونفسياً لممارسة عدد كبير من الأعمال وذلك لعدم إكتمال نموه في هذه المرحلة العمرية، وما يتبعها من أزمات نفسيّة كما أنه غير مهيأ نفسياً للتأقلم والتعامل مع مجتمع كبار السن، مما قد يعرِضه إلى إنحرافات خطيرة وإحباطات تؤثر تأثيراً كبيراً على مستقبله.
• مشاكل صحية: يتعرض الطفل للعديد من المشاكل الصحية، فالشارع ، وإن يتوفر فيه الحد الأدنى من الغذاء ليبقيه حياً، إلا أنه لا يقدم له إحتياجاته الغذائية الأساسية التي يتطلبها جسمه لتحقيق متطلَبات نموه في هذه المرحلة، كما يكون معرضاً في بيئة الشارع الخطرة للكثير من الأمراض الخطير، مثل: أمراض العيون والجرب والتيفوئيد وأمراض الصدر.
علاج ظاهرة أطفال الشوارع: يجب التعامل مع أطفال الشوارع بطرق وأساليب خاصة، ومن الوسائل التي تساعد على علاج هذه الظاهرة، ما يأتي:
• توفير نظام إجتماعي يهتم بتفعيل آلية لرصد أطفال الشوارع المعرّضين للخطر وضبطهم.
• إنشاء مؤسسات إجتماعية تهتم بالتدخل المبكر لحماية الأطفال وأسرهم من أنواع العنف والاستغلال المختلفة، ومن الضروري أيضاً التدخل لحماية الأطفال ضحايا الأُسر المفكَكة، والأطفال العاملين في بيئات ضارة وغير آمنة، ومنذ سن مبكر.
• تطوير برامج مكافحة الفقر، وإنشاء مكاتب الاستشارات الأسرية وتفعيل دورها وتحسينها.
• إنشاء مراكز مهمتها تأهيل أطفال الشوارع نفسياً ومهنياً.
• تفعيل دور الإعلام بوسائله المختلفة لزيادة وعي المجتمع، وتحريك الرأي العام حول هذه الظاهرة وأهمية مكافحتها.
• إنشاء أماكن رعاية خاصة بهم، فمن المهم أن يتم توفير هذه الأماكن لتلبية إحتياجاتهم الأساسية.
• تعيين أخصائيين إجتماعيين للعناية بهم، ومناقشة مشاكلهم وحلولها.
• إن أهم ما يجب أن تقوم به الحكومة هو القضاء على المافيات التي تستغل أطفال الشوارع لجني الأموال من خلال التسول وبيع المخدرات وإستغلالهم جنسياً والتي تنتشر بشكل واضح في العراق وخصوصاً في العاصمة بغداد.

* أستاذ متخصص بعلم الفسلجة الطبية (علم وظائف الأعضاء) وناشط مدني
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب