صرح (راجع بركات العيساوي) عضو اللجنة الامنية في مجلس الانبارفي حديث صحفي بتأريخ 22/11/2016 بأن” مليشيا الحشد (الطائفي) أجبرت اليوم 250 أسرة على مغادرة منازلهم في منطقة الرحالية التابعة لقضاء النخيب، (70 كم جنوبي الرمادي) وأن أغلبها من النساء والاطفال، وأن ترحيل تلك الأسر تم تحت تهديد السلاح، في ظل صمت القوات الأمنية والقطعات العسكرية المسؤولة عن حماية تلك المنطقة”.
كما صرح (علي الدودح) قائممقام قضاء الشرقاط في 20/11/2016 في حديث لـ السومرية نيوز بأن قيادة عمليات المحافظة قررت ترحيل سكان احد الاحياء الى موقع ثاني تحت حماية مشددة بسبب تعاونهم مع داعش واخفاء جثث قتلى التنظيم، موضحا إن “قيادة عمليات صلاح الدين والتي يترأسها الفريق الركن جمعة عناد قررت ترحيل أهالي الحي العسكري لتعاونهم مع عناصر تنظيم داعش الإرهابي، وأن هناك متعاونين من الحي مع داعش وهذا يعتبر أمر مرفوض لان التنظيم لديه حواضن، وأهالي الحي جزء منهم، وأن مجموعة من عناصر داعش قامت بنصب نقطة تفتيش اليوم وسط القضاء وقتلت خمسة من الحشد الشعبي”، مشيرا إلى أن “القوات الأمنية تمكنت من قتل ثلاثة من هذه المجموعة وطاردت اثنين آخرين وقتلتهم في الحي العسكري، إلا أن الأهالي اخفوا جثث الدواعش ولم نعثر عليها”.
من الخبرين أعلاه يتضح التالي:
1. أن قيادة العمليات قد أخفقت في خطتها الأمنية لحماية قضاء الشرقاط، وإلا كيف ينصب الدواعش سيطرة تفتيش صباحا في هذا القضاء دون أن تعلم به، وأين جهدها الإستخباري الذي تتبجح به. يفترض أن يتحمل الفاشل نتائج فشله ولا يعلقه على شماعة الغير.
2. الإدعاء بقتل ثلاثة من الدواعش ومطارة إثنين من ثم قتلهم يعني أما أن الخبر مفبركا في محاولة مبطنة ومعدة مسبقا لتهجير سكان الحي، أو هناك إهمال متعمد في عدم إنتشال الجثث من مكانها، حيث يفترض بالقطعات العسكرية التأكد من موت الدواعش أولا من ثم سحب جثثهم من أرض المعركة (مكان القتل) وتفتيشهم لعلهم يحملون أحزمة متفجرة، من ثم سحب وثائقهم الشخصية لغرض التعرف على هوياتهم الشخصية، وليس ترك الجثث في العراء.
3. لوإفترضنا جدلا بأن بعض من أهالي الحي قد أخفوا الجثث ودفنوها وفقا لشرع الله، فهل الجيش أم الأهالي يتحملون المسؤولية؟ ولو كانت الغاية من أخفاء الجثث هو إخفاء هوياتهم ـ فرضاـ فهل جميع أهالي الحي يتحملون المسؤولية بما فيهم النساء والأطفال والشيوخ؟
3. هل هذا التصرف الحكومي يتفق مع نصوص الدستور؟ اليس العقوبة فردية وتخص الجاني فقط، ولو وضعنا الدستور المسخ جانبا، اليس شرع الله يقول كل نفس بما كسبت رهينة؟
4. إن إدعاء هذا المدعو (جمعة عناد) بأن ” التنظيم لديه حواضن وأهالي الحي جزء منهم” هو كلام في قمة الضحالة والسفاهة، بل هو جريمة بحق أهالي الحي لأن التعميم سلاح خطر ولا يمكن تبريره إلا طائفيا. لقد شهدنا افلاما تصور البعض من أهالي كربلاء والنجف يمسحون أحذية الزوار بما فيهم الإيرانيين ويقبلون أحذيتهم، هل يجوز أن نقول بأن اهالي هاتين المحافظتين فقدوا كرامتهم وعزة النفس؟ اليس هذا الكلام مرفوض لأن من قاموا بهذا الفعل يمثلون أنفسهم وليس أهالي النجف وكربلاء الأصلاء الذين أنفوا من هذا الفعل القبيح.
5. يدعي عناد بأن الدواعش قتلوا خمسة من عناصر الحشد الشعبي، ومن المعروف أن عناصر الحشد مسلحون، فكيف قتلوا دون ان يدافعوا عن انفسهم أو على أقل تقدير يأخذوا الحيطة والحذر علما ان ملابس الدواعش وأشكالهم مميزة ويمكن التعرف عليهم بسهولة.
6. الحشد الشعبي والدواعش فريقان متحاربان ومن الطبيعي أن يتحمل كل منهم خسائر بسبب المعارك والكمائن والمفخخات وغيرها، لكن ما ذنب المدنيين ان يتحملوا نتائج هذه الفعاليات الحربية؟
7. ان هذا الإجراء يعطي المبرر الكافي للدواعش لقتل ومطاردة وإعتقال كل من يتعاون مع الجيش العراقي وأجهزته الأمنية من المدنيين طالما ان الحكومة تتبع نفس النهج الخاطيء.
8. من الحكم المأثورة ( قطع الاعناق ولا قطع الارزاق)، وهؤلاء المشردين من ديارهم فيهم من يعمل في أرضه أو منطقته، وتهجيرهم يعني حرمانهم من أرزاقهم، وتحميل العوائل مغبة تصرفات فردا منهم ـ هذا أن صح كلام عناد ـ بمعنى أن تصرفات عناد بالترحيل ستولد الحقد والضغينة عند هذه العوائل ضد الجيش والقوات الأمنية، وهي تصب في مصلحة الدواعش، وسيكون الأطفال المرحلين دماءا جديدة للدواعش مستقبلا. أن إجبار الناس على ترك ديارهم ومزارعهم وأعمالهم نظير القتل. وهذا كلام الله تعالى وليس كلامنا، فقد جاء في سورة النساء/66 ((وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ)).
وقد وردت في كتب التأريخ حوادث مشابهة تم التعامل معها بحكمة، عسى أن يتخذ البعض منها دروسا وعبر. قال أبو عبيدة” لما أتى زياد ابن عمرو المربد(البصرة)، في عقب قتل مسعود بن عمرو العتكي، جعل في الميمنة بكر بن وائل، وفي الميسرة عبد القيس وهم لكيز بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة وكان زياد بن عمرو العتكي في القلب، فبلغ ذلك الأحنف، فقال: هذا غلام حدثٌ، شأنه الشهرة، وليس يبالي أين قذف بنفسه! فندب أصحابه، فجاءه حارثة بن بدرٍ الغداني، وقد اجتمعت بنو تميم، فلما طلع قال: قوموا إلى سيدكم، ثم أجلسه فناظره، فجعلوا سعداً والرباب في القلب، ورئيسهم عبس بن طلقٍ الطعان، المعروف بأخي كهمس، وهو أحد بني صريم بن يربوع، فجعل في القلب بحذاء الأزد، وجعل حارثة بن بدرٍ في حنظلة بحذاء بكر بن وائل، وجعلت عمرو بن تميم بحذاء عبد القيس فلما تواقفوا بعث إليهم الأحنف: يا معشر الأزد وربيعة من أهل البصرة، أنتم والله أحب إلينا من تميم الكوفة، وأنتم جيراننا في الدار، ويدنا على العدو، وأنتم بدأتمونا بالأمس، ووطئتم حريمنا، وحرقتم علينا فدفعنا عن أنفسنا ولا حاجة لنا في الشر ما أصابنا في الخير مسلكاً، فتيمموا بنا طريقة قاصدة. فوجه إليه زياد بن عمرو: تخير خلة من ثلاثٍ إن شئت فانزل أنت وقومك على حكمنا، وإن شئت فخل لنا عن البصرة وارحل أنت وقومك إلى حيث شئتم وإلا فدوا قتلانا، واهدروا دماءكم، وليود مسعودٌ دية المعشرة. فبعث إليه الأحنف: سنختار، فانصرفوا في يومكم. فهز القوم راياتهم وانصرفوا، فلما كان الغد بعث إليهم: إنكم خيرتمونا خلالاً ليس فيها خيارٌ أما النزول على حكمكم فميف يكون والكلم يقطر دماً? وأما ترك ديارنا فهو أخو القتل، قال الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ} ، ولكن الثالثة إنما هي حملٌ على المال، فنحن نبطل دماءنا، وندي قتلاكم، وإنما مسعودٌ رجل من المسلمين، وقد أذهب الله أمر الجاهلية. فاجتمع القوم على أن يقفوا أمر مسعود، ويغمد السيف، ويؤدي سائر القتلى من الأزد وربيعة. فضمن ذلك الأحنف، ودفع إياس بن قتادة المجاشعي رهينة حتى يؤدى هذا المال، فرضي به القوم”.
لكن من الذي قتل مسعود وسبب تلك المشكلة؟
يحدثنا الطبري بأن عبيد الله بن زياد استخلف (مسعود بن عمرو من بنى عتيك) بعد أن هرب إلى الشام مطاردا. فوقف على المنبر يبايع من أتاه، فرماه رجل من أهل فارس فقتله، وعلى إثر ذلك شاعت الفتنة بين الناس. فريق يقول: قتلته الخوارج وفريق يقول قتلته تميم”. (تأريخ الطبري/ حوادث سنة65).
فهل وصلت الفكرة!
إتقوا الله في شعبكم يا من تحرمون الخمور ولا تحرمون سفك دماء الإبرياء ولا إعتقال المدنيين الأبرياء وتهجيرهم من ديارهم ولا التزوير ولا الفساد الحكومي، ولا الفقر والبطالة، الا لعنة الله على الظالمين.