26 ديسمبر، 2024 9:30 م
1- لكل حكومة مُدخلات، وعمليات، ومخرجات، وزمن سريع، لنقل: لدينا قطعة أرض وحديد بناء، وطابوق وسمنت ومواد بناء مكتملة ونريد أن نبني البيت، ومثله المشروع العمراني! ماذا سنفعل؟ سنأتي بالمخططات، ثم المواد الأولية، ونختار البناء (الأسطة) والعمال وهذا كله (مدخلات عملية البناء) وبعد المدخلات تبدأ مرحلة العمليات (وفيها نستكمل التخطيط ونتابع مراحل البناء من البداية وفق الخطة حتى ننتهي) ثم بعد العمليات تأتي مرحلة المخرجات (وهو البيت الذي يقف أمامنا جاهزا) ثم (الجودة) وتعني هل أن هذا البيت في جزئياته الصغيرة ثم الشكل النهائي صالح للسكن وتم وفق الخطة؟ وإذا كان الهدف من البناء هو البيع، ستبدأ مرحلة التسويق والعمليات المصاحبة، وأخيرا التغذية العكسية وهو رأي الزبون.

2- بدأت الحكومة المكلفة بمرحلة (المدخلات) وهي المرحلة التي نعرف من خلالها (مستقبلا) مستوى الجودة! لأن الحديد مثلا في البناء إذا كان فاسدا، أو (الأسطة) كان ضعيفا، ستكون الجودة بعد كل هذا التعب وأعني بها (نهاية المخرجات) ستكون ضعيفة، مهما حاولنا أن نعطي النصائح لرئيس الوزراء، أو لنقل مالك البيت الأصلي.

3- دعوني أتحدث عن المدخلات السابقة، في تأسيس الحكومات بعد عام 2003، وقد كانت مدخلات لا تصلح لتعمير البناء الحكومي، وظل رؤساء الوزارة تباعا، يعملون بهذه المدخلات، ثم يظهر لديهم أن البناء لا يستقيم، ويسألون أهل الخبرة (ياقومالبناء يتهدم إلحقونا)، ونعطيهم النصائح تباعا، ولكن العملية تبقى فاسدة، لأن المشكلة الأساسية في المدخلات وطريقة إدخالها لجسد أو بناء الحكومة، وفي النهاية تعود المصيبة على الشعب العراقي المسكين.

4- ومن السهولة أن تكون النصيحة لرئيس الوزراء: دولة الرئيس عليك أن تأخذ المدخلات الصحية، وقد سميت المدخلات الصحية سابقا بحكومة التكنوقراط، أو حكومة المتخصصين، ومثل هذا النصيحة الجيدة، لن يتم تطبيقها!! لأن منصب الوزارة منصب سياسي في طريقة بناء الحكومة، وما تحت الوزير مافيات لا يمكن تفكيكها، ولذلك النقاش في موضوع المدخلات مع رئيس الوزراء لن يجدي نفعا مع الأسف، سيقول المثقفون (نريد وزاء اختصاص) عذرا هذا غير ممكن يا سادة، فهو أكبر من قدرة رئيس الوزراء (لأنه يريد تصويت البرلمان) ولن يصوتوا من غير توزيع المناصب على الكتل السياسي التي تعتبر المنصب مثل (حقل النفط)

5- لذلك لابد من إعادة فهمنا وتعريفنا لمرحلة المدخلات، التي سيضطر رئيس وزرائنا الجديد لأخذها من الكتل السياسية، سيعطونه (حديد وطابوق وسمنت حكومته) يالله ابني! ثم مع مرور الأيام، سنرى فشلا ذريعا، مهما حاول رئيس الوزراء السهر لخدمة الناس ومهما كان مخلصا، ولو عمل 16 ساعة في اليوم، ستطوق هذه المدخلات غير المتجانسة رغبته في الصلاح والإصلاح وبناء البيت العراقي.

6- ومن هنا حاولت التفكير في هذا الباب، وخفت أن يتراجع رئيس الوزراء عن تكليفه بسبب تدخل الكتل السياسية القاتل، لذلك وقبل أن أصل لمرحلة المعالجات، قلت في نفسي، كيف يمكن عبور هذه الثغرة، فهي أم الثغرات وبيت الداء في كل حكومة سابقا، وقد رأيت التسلسل الحكومي في بعض الدول، وطريقة إدارة الحكومات في مراحل الأزمات، حتى أن لدينا حاليا علم مستقل اسمه علم (إدارة الأزمة) وهو علم إداري وسياسي ينظر في ندرة الموارد وتحديات الإنتاج والسوق، في وقت تعاني فيه المؤسسات أو الحكومات أو المصانع أو الجماهير السياسية من نقص هائل في مكان ما، وأرى أن أكبر نقص في تشكل الحكومة، هو فكرة المدخلات غير السليمة التي تأتي من القوى السياسية، وبها تطوق رقبة رئيس الوزراء! الوزارة بوزيرها!

7- لدي بعض الأمثلة عن إنشاء مكاتب خارج سلطة الوزارات، صنعتها بعض الدول مضطرة، وقد نصحت بها رئيس الوزراء السابق السيد عادل عبد المهدي مباشرة في مجلس جمعني به، وتحدثت مع رئيس الوزراء السابق الدكتور حيدر العبادي حين كان رئيسا للوزراء ولم يكن بيننا ثالث في حوار عميق حول الدولة العراقية ومستقبلها! وعن أفكار مشابهة، ولكن الوقت لم يسعف الرئيسين بسبب تحديات داعش والمظاهرات لاحقا، وأظن أن السيد عادل عبد المهدي قد بدأ بها، ويمكن أن أسميها بمجالس التنفيذ المستقلة، أو ما أطلق عليه مثلا(مجلس الإعمار) ويمكن أن يكون لدينا (مجلس الصحة) و (مجلس الاقتصاد) و (مجلس التعليم) (ومجلس الشباب) و (مجلس ريادة الأعمال) و (مجلس فحص التوظيف الوطني) و (مجلس الزراعة الأعلى) و (مجلس الصناعات) و (مجلس الحكومة الذكية) وغيره، على شرط أن لا يرتبط بوزارة، ويكون حكومة ظل أو ندا بوجه الوزير والمافيات من تحته، التي تجبره على العقود الفاسدة، وستحمى هذه المجالس وأصحابها.

8- ترتبط تلك المجالس برئيس الوزراء مباشرة، ويعين أصحابها من ذوي الكفاءة، ولا أعني بذوي الكفاءة أصحاب شهادة الدكتوراه وعمداء الجامعات أو من شغل منصبا حكوميا لعشرات السنين!! مع احترامي لهم جميعا، فقياس المعرفة لا يرتبط بتلك الشهادات وسنوات الخدمة في عمل واحد مكرر لثلاثين عاما! هذه خبرة سنة واحدة وليست ثلاثين عاما! ومعيار الكفاءة عندي هو أن يكون الشخص قد عمل في مؤسسات عملاقة لمدة معتبرة ذات نسق تنفيذي وأرضي، ويتم مراجعة سجل عملياته في إدارة مشاريعه الموكلة إليه من تلك المؤسسة العملاقة، ولا قيمة للشهادة في هذا الباب، بل القيمة العملية والخبرة التي أدت إلى نتيجة مستقرة أو ناجحة لتلك المشاريع تحديدا، وهذا هو المعيار الأمثل لمعرفة مستوى الأداء!

9- وعلى مستوى العلاقات الشخصية، وأتحدث عن معارفي المتواضعة، لمن يشغل هذه المجالس ويقوم عليها، تعرفت على عراقيين يحملون صفات متقدمة في الإنجاز، يعملون في وكالة ناسا لأبحاث الفضاء على سبيل المثال، وعلى آخرين في جامعة هارفرد يحولون الأبحاث العلمية إلى عمل وأرباح في السوق، وعلى منخرطين في سلك التعليم العالي في ماليزيا، كتبوا البحوث العلمية المحكمة ورفعوا مستوى جامعاتهم لمرحلة أعلى، وعلى مدراء في مصانع تعمل بتقنية النانو وهي تقنية سهلة رائعة، وعلى رواد النقل الحديث سواء الشحن الجوي أو البري أو البحري، وكانوا سببا في إنشاء المطارات والطرق السريعة والبواخر العملاقة، انطلاقا من فهمهم لحركة النقل، والانتقال السريع لمراحل تقدم البشر في هذه الجوانب، كذلك على من أبدعوا في الاستثمار الرياضي وتحويل الأندية الخاسرة في المباريات والميزانيات، إلى أندية رابحة في الجانبين، ومثلهم رواد في الحكومة الإلكترونية وأمن المعلومات والصواريخ الفضائية، وآخرون في جانب المعاملات المالية، والطرق الرقمية في تداول المال، حيث حصلوا على اعتبار رائد من كبريات البنوك حول العالم، ومثلهم مشتغلون في التكنلوجيا الزراعية، وأداروا أكبر المزارع في العالم، بأساليب تُدخِل التكنلوجيا وتقلل الماء والمال، أما موضوع الطاقة سواء في الصناعات النفطية أو الطاقة الكهربائية، فهذه لوحدها بحاجة لإعادة تشكل العقل الشعبي والحكومي لاستيعاب المتغيرات الهائلة في هذا الجانب، وهي عندي تمر بسبع مراحل، لن يكون في العراق كهرباء من غيرها، وبدايته من ثقافة المواطن قبل التوليد!! وليس هذا مجالها

10- ليست القصة في تحديد الأسماء حاليا، ويمكن تمرير الأسماء لرئيس الوزراء مباشرة إن طلب ذلك، كثيرون سيقولون (من هم) لدينا خير كثير من هذه الثروة البشرية المنتشرة، القصة في النهج الإداري السريع لطريقة الأداء الحكومي، وأن نجد تلك الخلطة السحرية بين منح الكتل السياسية جانبا من المناصب التي يطلبونها كشرط لتمرير الحكومة، والاستدارة عليهم بتشكيل تلك المجالس، على أن يوضع فيها من يخاف الله ويحب الشعب، ويعمل لصالح انتقال العراق السريع نحو النموذج الصحيح في الأداء الاقتصادي والمعرفي

11- ودعوني أركز حاليا على بعد واحد، أراه أكثر إلحاحا وهو البعد الاقتصادي، ويصعب الحديث عن البعد التنموي أو التنمية المستدامة، لافتقارنا حاليا لأدواتهما، فالتنمية مرحلة أعلى في معالجة الواقع العراقي حاليا، ولابد من الرجوع للجذور الأول لتشكل الاقتصاد، حتى نضمن مرور اقتصادنا بمرحلة التنمية، وليس كما تتحدث وزارة التخطيط، أو كما ينصح المجتمع الدولي أو البلديات ومجالس المحافظات، الذين يركزون على البعد التنموي في حديثهم، فتأتي الحلول معزولة عن الدائرة الاقتصادية السليمة، أو دوران العجلة الاقتصادية على المستوى الوطني! فتجد مشاريع الأمم المتحدة في العراق، ومشاريع الوزرات، والبلديات مشاريع منقطعة عن أصلها، وتعمل على إطفاء الحرائق، أو الاستجابة للشكوى الفورية من سوء خدمة في حيز محدد، أو تلك التي تحول أبواب الميزانيات والصرف لأهداف انتخابية، فصاحب السلطة يحول الطرق والمال لجمهور مدينته، ليعبر جسر الانتخابات، ثم يأتي المطر فينكشف المستور.

12- وحتى نتحدث عن الاقتصاد ينبغي الرجوع إلى الموارد الأساسية لتحقيق المسيرة الاقتصادية الحديثة للدولة، وهنا سنجد أن الميزانية العراقية مرتبطة أساسا بالنفط، وقد تم تركيب عقل الدولة العراقية الاقتصادية منذ ما بعد العهد الملكي حتى اليوم على معادلة النفط فقط، وسيحارب طاقم الوزارات والعقول الاقتصادية التي أصيبت بالشيخوخة النفطية مشاريع إعادة فهم الاقتصاد، وجعله اقتصادا مرنا، لأن الثقافة الاقتصادية تعمل بمعادلة (كمية المال الداخل هو المفتاح) وليس بأهمية إنجاز المشروع على المستوى الوطني حتى لو كانت جدواه الاقتصادية ضعيفة، لأن المستشار الاقتصادي ليس رجل دولة أو قائد، فهو ينظر للربح فقط أو مصلحته الشخصية من الصفقة، كما أن السياسي لا يهمه البناء الطويل للاقتصادكما أتحدث هنا، بل تهمه الانتخابات.

13- وبمعنى آخر سيقول لك طاقم الوزارة: لماذا نخسر هذا المليار في بناء مشروع خاسر ماليا! (عقله لا يستوعب كذلك أن الأرباح ستأتي من هذا المشروع بالطرق الحديثة) ثم يقول لك: روح بابا شمفهمك انت يمكن أن نرمي هذا المليار في فتح بئر جديد، وتعاقد مع شركة نفطية، أو تأهيل المصفى الفلاني، أو إيجار ناقلات نفطية أكبر! أو أنبوب يزيد الإنتاج! لتكون الأرباح أكثر، لتبقى ميزانية العراقي هي 95% من النفط، والخمسة في المائة الأخرى هي جبايات أو تحصيل حاصل، وال 5% خدعة ناتجة من فساد مركب، ويمكن تحويلها خلال أعوام إلى أكثر من النصف، ومن أمثلته الجمارك، حيث يسمح بمرور البضائع ذات الضريبة المرتفعة بأسماء أخرى بالرشوة والغش والإعفاء الوهمي، فتخسر الدولة ضريبتها إلى 10% فقط من القيمة فضريبة بألف دولار تأخذ الدولة منها 100 فقط، ويأخذ المرتشون ربع القيمة 250، ويفرح المستورد بنصف القيمة الصافي له بعد الرشوة وقطع النقل فتكون 500 مدفوعة و 500 مكتسبة، وحين يبيع بضاعته على المواطن يقول: ضريبتها 100% فتخسر الدولة أربع مرات، وتضرب الخطة العامة للاستهلاك، وتنمو طبقة الفساد، ويزيد السعر على المواطن بحجة تضخم الضريبة الوهمية، ونعود مجددا لعقلية النفط، لأنهم يعتقدون أن العراق لا يمكنه جلب أكثر من 5% للميزانية بكل قدراته! بينما النفط 95%، وهذه المعادلة البسيطة جدا هي الجذر الأساسي، وهي المشكلة، وهي عقل العراق الحالي، مهما سمعتم الكلمات الجميلة التي تحدثكم عن التنمية والمشاريع الصغيرة وأهمية التعليم! كذب في كذب، المعادلة واحدة فقط (نفط مال فساد)
14- والحلول الاقتصادية التي أذكرها هي حلول استراتيجية في إعادة تشكيل عقل الاقتصاد العراقي كله، وتغيير الطاقم القديم، ولا تتمكن حكومة واحدة من النجاح فيها، بل هي تراكم صحيح لمشروع سيجد الشعب خيره وبركاته على مدى الأعوام، على أن يستمر تطبيق النهج الجديد في عزل للسياسة عن الاقتصاد والسوق والمشاريع، وأن ينال الاقتصاد العراقي ثقة الجمهور الذي سيشارك فيه لاحقا على مستوى الأفراد والأموال المجمدة في البيوت، كمرحلة أولى لانتقال الاستثمارات من الخارج إلى الداخل، ولن يفعلها صاحب المال سريعا، فهو بحاجة للنظر إلى فلسفة الاقتصاد ونمو النماذج والمشاريع، التي تقول له: لقد نجحنا هنا، ونجحنا هنا، ونجحنا هنا، والعراق بحاجة إلى مائة نجاح جزئي، وتلك المصانع متوقفة، والزراعة بور، وحركة البنوك مرتبطة بمزاد الدولار فقط، وعقارات الدولة بإيجار مزيف للأحزاب، ولا ننتفع من ماء المطر، ولكن حين نغير عقلنا ونشغل مواطننا، عندها سيقرر صاحب المال القدوم، فالقاعدة الاقتصادية تستقر على أن (رأس المال جبان) وإيصاله لمرحلة الأمن تتطلب جهدا اقتصاديا سريعا، لا يقتصر على التشريعات الحكومية والقوانين السريعة، بل على اعتبار أن تمكين المواطن ومشروعه الصغير هو استراتيجية مقدمة على استخراج برميل النفط، وستحق العراقي راتبا أكبر من الوظيفة الحالية، وبلدنا فيه خير كبير

15- ولأن تيار الاقتصاد النفطي قوي، وهو سلة الأموال الأولى والأخيرة، ولأن السفه الإداري هو المتحكم في مرور هذه الأموال، فنحن أمام المشكلة الكبرى، ويجدر بنا أن نتذكر قوله تعالى في وصفه للمال وإدارته، في كلمات تختصر حالتنا، وتنبهنا لطريقة إدارة اقتصادنا، أننا ينبغي ألا نعطي هذا المال إلى من فيه صفة (السَفَه الاقتصادي) ونضع بيده أموال الدولة، حيث قال الله تعالى

(وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) والسفيه كما يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله هو المبذر للمال والفاسد به، وهذا السفيه لا ينبغي تمليكه حركة هذا المال، حتى لو كان يمتلك الشرعية فيه كأن يكون ورثا له، فهو مالك دون التصرف به.

وهذا يفتح باب الاقتباس على المعنى الأعم، أن الحكومات السابقة وجهازها الإداري اشتركت فيها صفات (تبذير المال) وهو شراء بأسعار فوق السوق بأضعاف مضاعفة وبنوعيات سيئة، وفيها (الفساد في المال)وهو من باب سرقته وصرفه في غير أبوابه. فتحققت فيها صفة (السفهاء في المال) التي يجب ألا نسلمها حركة المال أبدا

وعلى هذا فإن رئيس الحكومة لا يحق له وهو وكيل عن الشعب أن يترك المال بيد الوزارات، لأن الوزارات، أو جهازها المالي تلاحقه جريمة (التبذير والفساد) وتلك موانع في حركة المال وشرعية التصرف فيه.

16- وحتى نخرج من سلطة تحكم الوزارة في المال، لعدم أهليتها، وأنّ شأن الحياة يقوم بالمال كما ورد في الآية الكريمة (التي جعل الله لكم قياما) أي الأموال يكون فيها قيام وحركة الحياة، فوجدت أن الحل في هذا الجانب يقتضي تحويل مصدر المال الأول خارج يد الجهاز الإداري والمحاسبي الفاسد والمبذر، وينتقل فورا إلى سلطة إنجاز (المشروع) دون المرور بنقطة المال!! وحتى أشرح هذه النقطة الجوهرية التي يكون فيها مدار البحث، وهي نقطة الإنقاذ، أرى ألا نستلم الأموال مطلقا لقاء بيع النفط! ولا نودعها في حساب أي وزارة، مع استثناء (الأمور السيادية) وهذه عملية معقدة جدا، بأننا نحول النفط على مشاريع تنجز فورا دون المرور بطريق استلام الأموال في ميزانية الوزارات إلى الشركات، فأي تقابل بين المشروع والوزارة هو (التبذير + الفساد) وهذا الأمر صعب جدا، لكنه ممكن، إذا جاء من يخاف الله، واراد الخير للشعب، وليس كما تفعل الوزارات، وخاصة بعد المظاهرات الشعبية في ساحة التحرير، حيث (ارتخت يد الدولة) وزادت نسب الفساد كثيرا، ومن هنا أدعو رئيس الوزراء لمراجعة كل المصروفاتوالأموال المهدورة وإيقاف معظم التعاقدات، منذ انطلاق المظاهرات في 1-10-2019 حتى تاريخ توليه الوزارة، حيث زادت نسب الفساد كثيرا، ووجد من في قلبه مرض، أن الوقت مناسب للسرقة، وإهدار المال العام، وبيع المناصب.

17- وأعني بتحويل النفط إلى مشاريع، أننا نتعاقد مع المؤسسات العملاقة، بأن نمنحهم قطوعات نفطية في مقابل المشاريع، أو نضع قيمة المال في البنك الفدرالي، وتكون سلطة تحريكه بتوقيع من مجالس الإعمار والشركات العملاقة مع جهة رقابية خارجية وظيفتها النظر في إتمام المشاريع وفق أعلى صيغ الإنجاز، دون أدنى مسؤولية من الوزارات، وتتحمل المجالس الاقتصادية المرتبطة برئيس الوزراء حصريا هذا النوع من التعاقدات الخطية، دون مرور المال بأي يد عراقية مطلقا، ومختصر هذا الكلام أننا نحسب النفط بسعر يوم البيع، ونحول الموارد للصندوق العالمي،  ثم تدون كمية المال في قيد شركة المشاريع الاستراتيجية على مراحل، ويعطى النفط (أو ماله في الصندوق السيادي الفيدرالي)  للشركات بمقابل ما أنجز من مشاريع، وتكون وظيفة الوزارة ومجلس الاقتصاد هو كتابة التقرير المرفوع فقط، والذي يتحدث عن إنجاز المشروع المتعاقد عليه، وفقا للمقاييس المتفق عليها من شركات عالمية، وأن نأتي بطرف ثالث محكم، وهي مؤسسة ألمانية أو يابانية عريقة لها خبرة تزيد على الخمسين عاما في هذا المجال، لتكون الشاهد النهائي باسمها على جودة المشاريع وتطابق جودتها ووقت إنجازها، وتضع توقيعها على مراحل المشروع، كجزء من الإنجاز.
18- لا أستطيع الشرح أكثر في هذا الباب، ولكن أتعهد أمام الله وأمام الشعب، أن هذه الطريقة، إذا ما طبقت وفق هذه الآلية الرشيقة، فإننا سنجد أمامنا خلال أعوام فقط، مليون وحدة سكنية للعائلات، بأعلى المواصفات، وآلاف المدارس، ومئات المستشفيات، وآلاف المزارع الحديثة، وكهرباء، وكل شيء تقريبا، طرق وجسور ترونها بأعينكم في العراق، وترتفع باليد العاملة العراقية، وبالإدارة الخارجية للشركات اليابانية والألمانية والتركية العملاقة فقط بعيدا عن السياسة، فنضخ مليون وظيفة للشباب في سوق العمل العراقي في القطاع المشترك لإنجاز المشاريع،  وندعم حركة البناء التي تحرك أكثر من ثلاثين قطاعا سوقيا، فيكون ابن البصرة والناصرية والانبار والموصل رافضا للقطاع الحكومي، ملقيا بنفسه على القطاع الخاص، الذي ستشرع قوانين الحماية فيه، ويدر دخلا أكبر، كما يحصل في دول أقل قيمة من العراق، وجول الخليج ليست بموقع وقوة العراق، لكن الأمان الإداري والاستعانة بالخبرات الصحيحة طورها، ابن الناصرية يقف على أرض عظيمة، ومثله ابن البصرة وديالى، لكن السياسات العرجاء جعلت الفقر عادة في الشباب، بينما يمكن أن يكون دخل العراقي شهريا لا يقل عن ألفي دولار، كحد أدنى، إذا ما أطلقنا حزمة الإصلاح الاقتصادي

19- نعم نستطيع، ويمكن أن نعيد العراق قويا منيعا، ولدينا المال، وقد ضيعناه بسبب التبذير والفساد، والترهل الوظيفي تبذير، ومن هنا أدعو لعقد (المجلس الأعلى للوظائف والاختبارات) وأن يخضع كل الموظفين إلى امتحانات الجودة، وأن لا يوظف عراقي مرة أخرى من غير تطوير نفسه ليكون لائقا للوظيفة، فقد ولدت (رشوة الوظائف لأهداف سياسية) انخفاض نسب الإنتاج مع تبذير رهيب  في الموارد والفضائيين، والعراق يحتاج فقط إلى إدارة حديثة ترتبط (بالإنتاجية) وليس بعدد الساعات التي يقضيها الموظف على الكرسي، فالإنتاجية حاكمة محكمة، يقررها (مجلس الوظائف ويضع معيارها) والموظف ملك للشعب، هو وكرسيه ووقته، وتضييع وقته هو خطأ المدير والنظام الإداري وليس خطأ الموظف فقط، والتدريب التطويري واجب، ومع التدريب والخطة الإدارية سنرفع الإنتاجية، وسيرى المواطن أن عشرة موظفين في دائرة يعملون بنسق إداري ذكي، أفضل من مائة موظف مديرهم يهتم بصفقات الفساد، وأن اجتماع عشرة من الشباب لديهم مهارة ما، سينتجون مشروعا يدر أضعاف الراتب، إذا خططت الدولة والبنوك منحهم المال ودعم مشاريعهم للنمو.
20- هذا الجهد أضعه بيد الشعب العراقي أولا، وبيد رئيس الوزراء المكلف ثانيا، وهو مسؤول عن قراءته وفهمه، وأنا مستعد لشرح أعمق، وكتابة خطط عملية في هذا الباب، إذا ما وجدت العزم، حبا وكرامة بالشعب فقط، فهذه مسؤوليتي، وكما يقول المصطفى عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته! وهذا من الرعاية الحقة، أن الفرد مسؤول عن مستقبل الشعب، كمسؤولية الحاكم تماما. وحفظكم الله

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات