نهوض الدول وتقدمها نحو الأفضل، وإنعاش إقتصادها، وصولاً إلى حالة الإكتفاء، مرهون بالدور الإيجابي والمهني، الذي تقدمه الحكومات، في قراءة موضوعية متكاملة، من خلال رسم سياسة نقدية ناجحة، تستثمر الموارد وفق برامج تنموية شاملة، تُجَنب البلاد أي حالات إنتكاس أو تراجع، وتقف بوجه الأزمات الإقتصادية الطارئة، التي تلقي بظلالها عكسا،ً على الإستقرار القومي لتلك الدول.
الحكومات المتعاقبة على العراق بعد 2003، إرتكبت أخطاء كبيرة، ولم تكن لديها استراتيجية، في التعامل مع الكثير من الملفات، المهمة والأساسية، فأضاعت البوصلة، وبقيت تدور حول رحى الفساد والشبهات، والترهل في المواقع الحكومية، أو من خلال استحداث مناصب في الدولة، مقرونة بنفقات ومخصصات مالية كبيرة، استنزفت ثروات وخيرات البلاد، في مزاج تفردي دكتاتوري، إنتهى بالتشبث بالمواقع والسلطة.
يبدو أن ثمان سنوات من الحكم، في ظل موازنات إنفجارية، تقدر بمئات المليارات من الدولار، جعلت القائمين على رأس السلطة، يتفننون بكيفية التلاعب والإحتيال، بسرقة الأموال العامة، كصفقات الأسلحة الروسية سيئة الصيت، وما رافقها من عمولات وفساد، إلى موضوع ما يسمى بالفضائيين، الذي زاد عددهم على مئة ألف، كأسماء وهمية تتقاضى رواتب كبيرة، ناهيك عن الفساد المستشري في أغلب الوزاراة، كالتجارة والكهرباء، والكثير من المؤسسات الحكومية الأخرى، وآخرها ميزانية 2014 التي أُِهدرت وسُرقت بالكامل.
أزمة اقتصادية خانقة تعصف البلاد، أمام تراجع مستمر في أسعار النفط، وخزينة دولة مُفرغة من أي إحتياطي، وبمواجهة هجمة تكفيرية شعواء، المتمثلة بداعش، والتي تم التخطيط لها والتهاون في دخولها، من قبل القائمين على الحكومة السابقة، بمخطط ومؤامرة واضحة، للمُضي إلى الولاية الثالثة.
الفريق الحكومي الحالي، وفي ظل هذا الكم من التراكمات، أمام تحدي حقيقي، وبحاجة إلى تظافر كل الجهود، ووضع الحلول الحقيقية، والإستفادة من جميع قطاعات الدولة، ثم الإستعانة بكل الكفاءات والطاقات، وتوظيف الحِرف والمهن أيضاً، والمضي قُدماً في البناء المؤسساتي المهني، والإستعانة بشرائح المجتمع العراقي الأُخرى، لتجاوز هذه الأزمة الخانقة.