لا تعتبر عملية تشكيل الحكومة العراقية من الأمور المهمة لدى الشارع العراقي لأنه أصلا غير معني بها إلا بحدود معينة فلا رأي لمن لا يطاع بدلالة انخفاض نسبة مشاركة الشعب عموم الشعب دون استثناء لطيف من أطيافه أو مدينة معينة وفي الداخل والخارج في عملية الانتخابات التي جرت في الثاني من شهر أيار الماضي وكان المفروض بالجهات المعنية على السواء المحلية أو الأممية تحديدا إلغاء نتائجها خصوصا بعد أن تسربت الأخبار بالوثائق إلى وسائل الإعلام وصارت حديث الساعة من خلال المسئولين في الأجهزة المختصة رفيعة المستوى كما طرحه الدكتور حيدر ألعبادي رئيس الوزراء المنتهية ولايته من معلومات ولا زال غيره يعيد نفس الطرح عن عمليات تزوير كبيرة حصلت أثناء الانتخاب في الداخل وفي بعض المراكز خارج البلاد وما طرحته السيد النائب الدكتورة الفاضلة ماجدة التميمي موثق بالفديوات أثناء عملية انتخاب السيد محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب المنتخب والفترة الممتدة كالعادة في باقي الدورات السابقة لأكثر من أربعة أشهر وستمتد حتى الانتهاء من عملية تشكيل الحكومة بكابينتها الوزارية التي تخضع لكثير من عمليات المد والجزر وما دار فيها من سجالات حول الكتلة الأكبر والتنافس والصراع الذي يبنى عليه ومع ذلك فقد تنفس الشعب الصعداء بعد ما حصل في انتخاب السيد برهم صالح كرئيس للجمهورية وفوزه على منافسيه وتكليف السيد عادل عبد المهدي كرئيس للوزراء على اعتبار انه شخصية مستقلة في تجاوز لانتماءاته السابقة والأمل بتشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة الحزبية أو الطائفية مع كثير الاحترام لموقف السيد مقتدى الصدر بإعلانه عدم ترشيح أي شخصية من كتلة سائرون للوزارة الجديدة وباقي تغريداته التي عبرت عن مواقفه الوطنية المعروفة.
هذه الصعداء جعلتها من الأمور المهمة التي يتابعها الشارع العراقي في موضوع تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد أن عاني ما عاناه خلال السنوات الماضية بلا تحديد لسقف زمني فمن احتلال إلى احتلال إلى حروب طاحنة إلى الحصار الظالم وآثاره ثم الاحتلال الأمريكي الجديد وما تبعه فلا الجيل الحالي ولا آباؤه أو أجداده عرفوا طعم الراحة الحقيقية كباقي شعوب العالم وأصبح الشعب يبحث عن المنقذ والمخلص من معاناته ولعل وزارة السيد عادل عبد المهدي تبلغ أو تقترب به من جادة النجاة التي ينشدها رغم إن أصعب مطالبه هي من ابسط حقوقه الطبيعية التي اقرها دستور البلاد المعمول به حاليا .
عرفنا من وسائل الإعلام إن السيد عادل عبد المهدي قد وضع شروط لقبول ترشيحه للمنصب من بين أهمها حريته في اختيار الوزراء بعيدا عن المحاصصة وتنازل السيد مقتدى الصدر والسيد الحاج هادي العامري صاحبي اكبر كتلتين برلمانيتين عن شرط الكتلة الأكبر ودعماه في هذا المطلب وهو حقيقة عين العقل وخطوة وطنية مهمة في تجاوز جزئي للطائفية كنا نحتاج تحقيقها في الدورات السابقة لو حصلت لكان العراق الآن في عافية أكثر مما هو عليها الآن ولتجاوز كثير من معاناته ولكن هل ستوافق على هذا المطلب باقي الأحزاب السياسية التي اشتركت في الانتخابات وبناءا على ما يطرح فان كثير من المال السياسي انفق ليفوز من يفوز ويصل البعض إلى ما وصلوا إليه فقسم من السياسيين أعلنوا بصراحة أنهم لن يتخلوا عن استحقاقهم في حصصهم الوزارية التي تناسب عدد مقاعدهم النيابية وإذا حدث غير ذلك فان أصواتهم في البرلمان سوف لن تمنح للوزارة عند التصويت عليها وبلا شك هذا هو بيت الداء ومن أهم عوامل الدعوة إلى إعادة كتابة الدستور.
إن الخطوات التي يسير عليها الآن السيد عادل عبد المهدي سليمة وتدعوا إلى الطمأنينة والتفاؤل وعدم القلق خصوصا إذا حصل على دعم وتأييد المرجعيات الدينية الرشيدة الشيعية والسنية على السواء والقواعد الشعبية من كلا الجانبين وتأييد ودعم القوى الإقليمية والدولية الفاعلة والمؤثرة بالعراق سواءا وافقنا أو عارضنا وهي كثيرة ومطلوب منه مسك العصا من الوسط والابتعاد عن التناحرات التي تجري في المنطقة فلا ينحاز إلى أي جهة سوى الجهة الوطنية فالعراق محتاج وبإلحاح إلى الابتعاد عن المناكفات الإقليمية والدولية والانكفاء على إصلاح الأوضاع الداخلية وأهمها الجانب الأمني ومكافحة آفة الفساد التي أنهكت جسد المواطن العراقي ودولته وبذلك ستنجح هذه الحكومة في إعادة مد جسور الثقة بينها وبين المواطن العراقي وهو استحقاق سيترتب عليه التزامات أخرى مهمة قسم منها عاجل سريع التنفيذ يمهد إلى القسم الآخر الذي يحتاج إلى إجراءات برلمانية وتشريع قوانين والى وقت أطول على صعيد الخدمات أو على صعيد تصحيح بعض القوانين التي شرعت في الفترة السابقة.
إن حكومة السيد عادل عبد المهدي إن تشكلت وفق ما هو معلن عنها بعيدا عن الاملاءات ووزراء تكنوقراط غير متحزبين هاجسهم الوطني قبل أي شيء تستند إلى التخطيط المسبق لمشاريعها كافة ولا تعتمد الارتجال والابتعاد عن الحروب فإنها وليس هذا تشاؤم أو استباق للأحداث ستجد الكثير ممن يضع العصا في دواليبها لأنها ستكون أول حكومة بميول وطنية تستجيب وتصغي للمطالب الشعبية وستجد من يعارضها من الأحزاب المتضررة التي اعتادت العيش على السحت الحرام على غرار ما يجري من تصفيات جسدية وتصاعد التفجيرات ورغم أنها ستقف على أنقاض الحكومات السابقة وتتحمل تبعات أخطائها ومقيدة بعقود الفساد التي ابرمها غيرها إلا إن ابسط ما سيواجهها الحساب العسير لإسقاطها خصوصا وإننا سمعنا إن السيد عادل عبد المهدي يضع استقالته في جيبه ولا يريد المواجهة مع الآخرين وبهذه الحالة يصح ما سمعناه أنها حكومة لعبور المرحلة الحالية وممهدة لخطب جلل خطط له خلف الكواليس ويكيدون وكيد الله اكبر والله يفعل ما يشاء.