22 نوفمبر، 2024 10:15 م
Search
Close this search box.

الحكومة الجديدة وصخرة المحاصصة

الحكومة الجديدة وصخرة المحاصصة

يعتمد بناء الدولة والمجتمع على أرساء قواعد وأسس الحكم الرشيد الذي يتشكل من أصحاب الاختصاص و الكفاءات والخبرات والقيادات الوطنية التي تفسح المجال وتفتح الأبواب امام الشباب الطموح  الواعي المقتدر ليعمل في مؤسسات الحكومية ويقود وينفذ ويمثل الشعب تحت قبة البرلمان، ولنقولها بصراحة ليتقاعد من فشل في حكم العراق وإدارة عمليته السياسية، ويغادر دون تعكير ما تبقى من قليل المياه الصافية، وترك اللعب على حبال اصطفافات بعيدة عن القيم والخلق والسيرة الوطنية والإنسانية المرفوضة والمدانة بعد أن أصبحت مذمومة ومملة ومعيبة وهذا يلزم العراقيين أن لا(يشطحوا) ويقعوا في نفس الكمائن والفخاخ التي نصبت لهم في المرات السابقة تحت مختلف الدعوات والشعارات التي دفعت بهم لخيارات غير ناضجة وغير  موفق.

اليوم نحن امام تشكيل حكومة جديدة بميراث ثقيل ورثته من الحكومات السابقة ولهذا فهي بحاجة إلى كابينة وزارية على درجة عالية  من الخصوصية المهنية والكفاءة والمعرفة بكل تفاصيل الاخفاقات والملفات الخطرة والصعبة والتي بحاجة الى معالجات دقيقة ونزيهة وشجاعة لا تخضع الى ضغوطات بمعنى آخر تتيح للعراقيين فرصتهم الوطنية التي طالما انتظروها، وقدموا التضحيات من اجلها، وفي الوقت نفسه يتحمل العراقيون صناعة فرصة صناعة الحكومة الجديدة وانتزاعها بكل شجاعة وقوة لتحقيق غاياتهم ومطالبهم، قبل ان يشكل الأحزاب المتصارعة على السلطة حكومة محاصصة تعود بهم وتشدهم الى الوراء، ويتحمل الشباب العراقي الواعي المثقف سياسيا ومهنيا مسؤولياته الوطنية ولاسيما أنه قادرٌ على بناء مجتمع ودولة وعملية سياسية ناجحة تعيد الأمل والاطمئنان للعراقيين بعد أن خسر العراقيون الكثير من أحلامهم وطموحاتهم طيلة أربعة عشر عاماً مضت بكل همومها ومتاعبها وفسادها وحروبها المختلفة بسبب قياداتها وأحزابها التي ينتابها الضعف ، وحان الوقت أن يحل محلهم رجال دولة وسياسة بإمكانهم القيام بالتجديد الوطني الايجابي، وهذا يأتي من ضرورة التجديد بدماء شابة، لتشارك في تحمل المسؤولية في بناء الدولة على الأسس الصحيحة،  في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذا لا يتم إلا بالنهج الديمقراطي الوطني النزيه الأمين الذي يعدُّ الوسيلة الوحيدة التي يكون بمقدورها تحقيق إرادة وطموحات ورغبات الشعب في بناء دولة عصرية وهذه الانجازات بحاجة لتحقيق خيارات وطنية صرفة في بناء الكابينة الوزارية الجديدة لإنتاج حكومة ترتقي الى مستوى التحديات والمخاطر التي يواجهها العراقيين وان يحسم العراقيون خياراتهم بشان بناء حكومة حرب ضد الفساد والخراب والتحديات التي تعصف بالبلاد ومن اجل إسقاط فرص حيتان الفساد واللوبيات التي تريد ابتلاع نتائج الانتخابات وارادة الناس ورغباتهم وطموحاتهم وامالهم في حياة حرة كريمة تحقق لهم ابسط حقوقهم في الوجود.

العراقيون اليوم لا يريدون أنْ تسيحَ وتتبخر وتصادر أصواتهم الانتخابية بالمحصصات الفاسدة، وما يزال العراقيون لم يفقدوا الأمل وهم يشقون طريقهم لتشكيل حكومتهم الجديدة  بفسح المجال امام جميع الكفاءات الوطنية للوصول إلى سدة الحكم بعد تكسير اسطوانة الداخل والخارج التي خندقت وفرقت حتى أبناء المذهب الواحد، وحولتهم إلى مجاميع وكتل متناحرة لهذا نطمح أن تكون الهمم عالية لصناعة حكومة قوية متميزة ترتقي إلى تخليص العراقيين من التداعيات الخطرة التي يمرون بها لرفع ما لحق بهم من حيثيات الظلم والحيف وإنقاذ العراق من حروب الفساد والتخندق والمحاصصات التي بدت وبانت ملامحها في الأفق لوضع العراقيل امام رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي  ونحن اليوم بأمسِّ الحاجه الى رجال دولة يصرفون مهامهم بروح وطنية وبجدارة وشجاعة يعملون لكل العراقيين، ويعيدون هيبة الدولة العراقية القوية بعد أن فشلت الكتل والأحزاب في تحقيق ذلك.

يتوق العراقيون اليوم إلى دولة تكون قراراتها نابعة من إرادة ورغبات الشعب العراقي بمعنى آخر، لا يريد المواطن العراقي قرارات عمودية تأتينا من الخارج، ولو إننا لم نشهد ونلمس حتى مثل هذه القرارات التي فيها شيء من القدرة والإمكانية على بناء الدولة والمجتمع تساعد على حفظ الأمن والنظام ومحاصرة الفساد وحماية حرمات العراقيين، وهذا لا يتحقق إلا بوجود أداره وطنية جماعية برأس وطني كفوء مقتدر قياديا وسياسيا ليكون صمام أمان لهذه القيادة، فالقائد شجاع لا يهاب عصابات الفساد والفاسدين والمرتزقة والخارجين على الأنظمة والقوانين والمتقاطعين مع الدستور الذي هو الآخر بحاجة إلى إصلاحات وتغيير بعد كل هذه التجارب المرة التي خضعنا لها وخضناها حتى بات المواطن العراقي يسرُّ ويعلنُ (كفانا  قادة وسياسيين فاشلين تخاذلوا وهربوا انحنوا وتقوست ظهورهم إمام الرياح والعواصف والتحديات)، فالمواطن اليوم يطالب بحكومة قوية يتم آختيارها من الصفوف الوطنية العراقية الأصيلة ويكون ولاؤها الكامل للعراق لان الناس فقدوا الثقة وملوا اصحاب الولاءات المزدوجة، والمطلوب من رئيس الحكومة أن يختار حكومةً تتناغم مع أحلام وطموحات العراقيين نساء ورجال وشباب وشابات وحتى الاطفال .

فالحكومات السابقة  والبرلمانات السابقة معظمهم كانَ يريد الاغتناء والصعود على حساب سعادة المواطنين وثوابتهم الإنسانية والروحية ليصبحوا بعدها فوق الأنظمة والقوانين والثوابت والقيم الوطنية ، وقد أدرك العراقيون ذلك وإن كان متأخراً ليأتي هذا البرلمان متنوعا من كل الطبقات والشرائح وفي الوقت نفسه فيه سمة نخبوية اقصد أناس مهنيين مثقفين يحسنون فن القيادة والتشريع والرقابة برلمان فيه العناصر النسوية متميزة وهذا يعني أنَّ هناك وجوهاً نسائية يدركن مهماتهن واحتياجات المواطنين وترجمة هذه الاحتياجات وصياغتها بمشاريع وانظمه وقوانين تخدم المجتمع وتحسن أحواله بشكل عام والمرأة العراقية بشكل خاص التي عانت من القهر والحرمان والضغوطات والمضايقات وإرهاصات الحاضر المر.

على البرلمان اليوم بمختلف كتله وأحزابه ومستقليه أن يساهم مساهمة فاعلة في ولادة حكومة قوية بعد أن كُلّفّ د. عبد المهدي فعليهم إذاً أنْ يمنحوهُ الفرصة لضمان صياغة مشروع وطني يعتمدُ على البرامج والخطط العلمية التي بمقدورها إنقاذ العراقيين بنقلهم نقلة نوعية للضفة الآمنة، وتتحقق عن طريق بناء الدولة والمجتمع وتنفيذ البرامج الزراعية والصناعية والاقتصادية وتعزيز دور الثقافة والآداب والفنون وهنا يبرز دور البرلمان الذي نتحدث عن مهنيته ونوعيته وقدرته على ممارسة مهماته في التشريع والرقابة مراقبة عمل الحكومة وتنفيذها لخططها وبرامجها ومشاريعها المعلنة بعد تقديمها للبرلمان من أجل الاطلاع عليها ومتابعتها والوقوف على المنجز والمتحقق منها، وتشخيص الإخفاقات ومعرفة أسبابها، ليحاسب المعنيين الذين لديهم خللٌ تحت قبة البرلمان وأمام الكاميرات لمساءلتهم وليطلع الشعب العراقي على كل مجريات العمليات ليقول رأيه ويتخذ قراره حيال العناصر غير الكفؤة لأن تغاضي البرلمان عن إخفاقات وفشل الحكومة في تنفيذ خططها وبرامجها والسكوت عنها على طريقة ( غطي لي وأغطي لك) لم تَعُدْ تنطلي على العراقيين، ينغي على أعضاء البرلمان والحكومة إنجاز مهماتهم وواجباتهم وبعض إعمالهم بشكل ميداني إي العمل في الميدان بين الناس لأننا أصبحنا بحاجة إلى هكذا أعضاء برلمان وحكومة وقادة وسياسيين ميدانين شجعان وأصحاب قرار جريء يصرفون قسماً من إعمالهم ميدانيا وبالمباشر ليحتكوا بالمواطنين ويستمعوا لهم وينفذوا رغباتهم بالقانون، وما نطمحهُ من رئيس الوزراء القادم وعلى رئيس الوزراء القيام بالمتابعات الميدانية لحكومته والوقوف على تنفيذ قراراته التي يصدرها ومتابعتها بجدية وبدقة، ليتم بعد ذلك عزل ومحاسبة الفاشلين وهكذا مراس وسلوك تنفيذي بحاجه لرئيس وزراء شجاع صاحب قرار يعمل تحت الشمس وبوضوح يعني ليس لديه لون رمادي ( إما ابيض أو اسود ) والعراق بحاجه لهكذا انضباط عال في التنفيذ والمحاسبة وتطبيق الأنظمة والقوانين بعد كل هذا السفر المفعم بالفساد وخرق الأنظمة والقوانين والتجاوز على الدستور، أسلوب حكم المحاصصات والمجاملات والتوافقات الرديئة البعيدة كل البعد عن الثوابت الوطنية وقيم الدولة القوية المهابة لان العراقيين لم ولن يتحملوا أو يصبروا أكثر مما صبروا وتحملوا من المسؤولين والسياسيين الفاشلين بعد تبديدهم المال العام والثروات الوطنية وسرقتها في السر والعلن وفي كل مرة يفلتون من الحساب، وهذا يتحمله العراقيون أنفسهم بسبب خياراتهم وانتخابهم لأشخاص ليسوا أهلا للمسؤولية ضعفاء إمام بهرجة المال والسلطة حديثي العهد بالحكم والسياسة تنقصهم الخبرة والتجربة والثقافة السياسية وفنون القيادة ولهذه الأسباب تخلوا عن حماية الوطن والمواطنين واحترام رغبات الناس وإرادتهم وحماية المال العام والثروات الوطنية .

كل هذا التاريخ المريب على العراقيين استحضاره في مراقبة الحكومة وأدائها، لانّ المواطن اليوم يريد برلماناً وحكومة تصنع مدلولاً سياسياً اقتصادياً اجتماعياً ناجحاً يعني حكومة بمقدورها إنقاذ الدولة التي غرقت حتى رقبتها في مستنقع الفساد والضعف والتجاذبات والخلافات، وفي الوقتِ نفسه نريد برلماناً يخوض معركة وطنية ضد الفساد وتعيد هيبة الدولة بالقانون بعد أنْ دَمَّرت الأعراف والقيم وتغير النظم الاجتماعية الأصيلة بالدخيلة والفاسدة التي دفعت بنا إلى الاقتتال والحروب الطائفية .

لقد أضطرب مشهدنا السياسي بسبب ما تعانيه الكتل السياسية وأحزابها الموجودة على الساحة من أزمات وصراعات على السلطة ومراكز القوى أما التوافق والمحاصصة تعني عدم احترام أصوات المواطنين وتوجهاتهم وهي نتيجة كل تلك الصراعات والخلافات والتخبطات يدفع ثمنها الشعب العراقي وعوائل الشهداء والأرامل والأيتام والعاطلين عن العمل والمعاقين لان أكثر أحزابنا السياسية تتمسك بالمستهلك وليس لديها الاستعداد للتجديد والتغير بعد أن ابتعدت وفقدت هذه الكتل والأحزاب السياسية دورتها المغناطيسية السياسية التي بمقدورها تحقيق الاستقطاب الوطني بدل المصالح الخاصة ومن هنا جاء التأكيد على الناخبين العراقيين أن يحترموا خياراتهم ولا يسمحوا بمرور الفاشلين أو الذين اثبتوا فشلهم في المراحل السابقة نريد صناعة انتخابات ناجحة لضمان حياة سياسية أكثر نضوجا ووضوحا ونجاحا لتمهِّدَ لنا الطريق السليم لبناءِ سياسةٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ ترتقي لتغير واقعنا الصعب وهذا يتطلب تحقيق أرقام متميزة جديدة بصعود نواب وقاده من الشباب المثقف الوعي لإنهاء الفوارق الاجتماعية وإعلان الحرب على الفوارق الطبقية وهذا بأمس الحاجة لرجال من طراز خاص في البرلمان والحكومة والقيادات السياسية يعني نريد رجال استراتيجيات وخبرة وممارسات تبني الدولة وتنقذ العراق والعراقيين وتحميهم .

أحدث المقالات