افتعلت الحكومة العراقية ضجة واسعة في الايام الماضية ، باعلانها انها كسبت قضية لمصادرة شحنة من النفط المصدر من اقليم كردستان . وهي تعرف قبل غيرها ، ان الضجة يراد بها تضليلا اعلاميا وحسب ، والقصد منها الهاء العراقيين عن الازمة التي يعانون منها ، والهزائم المريرة التي تتعرض لها قوات نوري المالكي .
ان شحنة النفط هذه ، كسابقاتها ، قد استخرجت من اراضي عراقية وحسب نصوص الدستور العراقي ، وقامت بعملية الاستخراج والتصدير والبيع واستيفاء الثمن، سلطات اقليم كردستان وهي جزء من سلطات الدولة العراقية وتتبع حكومة العراق الاتحادية .
هذه حقائق ووقائع قانونية يدركها قاضي محكمة تكساس وكل الحقوقيين والقانونيين ، ولا احد يمكنه اعتبار سلطات الاقليم سلطات غير شرعية او سلطات غير عراقية ، كما لا احد يمكنه الادعاء ان النفط مهرب او تم استخراجه وتصديره بطريقة غير شرعية .
يبقى الاختلاف بين سلطات بغداد وسلطات اربيل حول الجهة المخولة بالتصدير وايفاء الثمن . هذه القضية ليست من اختصاص محمة تكساس ولا اية محكمة اجنبية . فالدستور العراقي لم يمنح صلاحية تفسير نصوصه الى الهيئات القضائية الاجنبية ، انما هي من اختصاصات المحاكم العراقية حصرا . وتفسير القاضي الاجنبي لنص دستوري عراقي غير ملزم ، وفي الاخير لابد لاي قاض اجنبي ان يمتنع من الخوض في تفسيرات قانونية لدستور العراق ، انه بعمله هذا يعرض الدولة التي يتبعها لمسائلة قانونية امام المحاكم الدولية .
ان الحكومة الاتحادية تقر ان حكومة اقليم كردستان هي شرعية ، وان سلطاتها جزء من السلطات العراقية ، والقضاء الاجنبي لا يحق له تحديد السلطة العراقية المخولة بموجب الدستور العراقي ، باستخراج وتصدير النفط العراقي . لانه وكما اوضحنا ان القضاء العراقي هو وحده يمتلك مثل هذا الحق .
قاضي محكمة تكساس سيجد في الاخير امامه شحنة نفط عراقي ، وسيجد نفسه ملزما بالتحقق من امور محددة لا غير، وهي استخراج الشحنة من قبل سلطة عراقية معترف بها ، وتصديرها من سلطة عراقية . ولا يهمه ان تكون هذه السلطات تحكم في بغداد او في مدينة عراقية اخرى .
على العموم ، قد تختلف السلطات العراقية ، سلطات الحكومة الفدرالية وسلطات الاقاليم في مسائل وشؤون شتى ، وحدد الدستور العراقي الهيئة القضائية التي تفصل في هذه الاختلافات ، وهي المحكمة الدستورية والمحكمة الاتحادية . ولم يمنح الدستور الهيئات القضائية الاجنبية اية صلاحية لتفسير احكامه او حسم الاختلافات بقرار منها . انه عمل من اعمال السيادة يتجنب القضاء الاجنبي الخوض فيه .
لاشك ان الزميل طارق حرب ، والذي يقال عنه انه خبير قانوني يدرك كل هذه المبادئ القانونية ، واستغرب منه ان يجامل سلطات بغداد على حساب الحق والقانون .