21 مايو، 2024 12:28 ص
Search
Close this search box.

الحكومة الائتلافية مشكلة ام حل ؟  

Facebook
Twitter
LinkedIn

يشهد العراق ومنذ عدة أشهر حراك شعبيا وسياسيا كبير، من مظاهرات واعتصامات شعبية الا ان وصل الامر الى اعتصام بعض نواب البرلمان، وان كان المفروض على البرلماني معرفة دوره والقيام به بأكمل وجه وهو دور تشريعي رقابي وترك الاعتصام للجماهير . إنهاء المحاصصة. ابرز مطلب رفعه المتظاهرون وبعض القوى السياسية ولكن ماهي المحاصصة ؟ هل ان اشتراك الأحزاب السياسية في الحكومة هي محاصصة ، فيجب بيان هذا المفهوم اولا ثم الحكم عليه فأنا اجد الكثير وحتى السياسيين وبعض الكتاب لا يعرفون هذا المصطلح  والدليل هو مهاجمتهم لوثيقة الشرف التي وقعها قادة البلد مؤخرا ورميها بأبشع انواع الكلام مع العلم اني سالت الكثير ممن هاجمها هل قرأت هذه الوثيقة ؟ فيظهر عدم قرائتها . ومعرفة معنى الوزارة الائتلافية وهل هي محاصصة ام لا ؟ يجنبنا الكثير من الدفاع عن الذين وقعوا هذه الوثيقة خصوصا وان هناك عتب من بعض الإخوة بأسلوب حسن ومناشدة بان يسحب بعض الذين وقعوا هذه الوثيقة تواقيعهم . وكأنهم وقعوا على شي باطل .  يقول جون رولز في كتابه قانون الشعوب ( العقل الجمعي يؤدي الى التبرير الجمعي ) هذا ما يحدث بالضبط الان هجمة جماعية على هذه الوثيقة . وقبل البدء بالاجابة على التساؤل أعلاه نود ان نقول انه وان كان البلد في حاجة ماسة للإصلاح ومحاربة الفساد الا انه يجب ان يكون الإصلاح ضمن اليات معينة أولها احترام الدستور والقانون الذي صوت عليه الشعب بالأكثرية ومن غير احترام الدستور والقانون فان الفوضى هي البديل. فأبسط أشكال يمكن توجيهه الى النواب المعتصمين بعد مطالبتهم باقالة الرئاسات الثلاث وأنهم ماضون في هذا الامر. ان اقالة رئيس الجمهورية لا يكون الا بعد ادانته من المحكمة الاتحادية وبأسباب محددة وهي الحِنث باليمين ، وانتهاك الدستور ، الخيانة العظمى . وبالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب . حسب ما جاء في نص الدستور العراقي النافذ م ٦١ سادسا فقرة ب  . فهل هذا متصور الان وهل يستطيع المعتصمون جلب ادانة من المحكمة الاتحادية وبهذه الأسباب حصرا .فالإصلاح ليس عملية لقلقة لسان كما عبر سماحة المرجع اليعقوبي حفظه الله .والآن دعونا نتعرف على الحكومة الائتلافية وننظر الى تجارب البلدان في هذا الخصوص وهل ان هذه الحكومة تفيد الوضع العراقي ؟ لانه ليس الان اثيرت هذه المسالة .فقبل مدة علت أصوات ومطالبات بأن يكون الحكم رئاسي في العراق!!!  إذن فالوزارة الائتلافية هي وزارة في حكومة برلمانية تشترك فيها عدة احزاب. السبب الشائع لهذا الإجراء هو أن أي من الأحزاب لم يحصل على أغلبية الأصوات في البرلمان. كما إنها تشكل في أوقات الأزمات كحالات الحرب أو الأزمات السياسية أو الاقتصادية الكبرى فتقوم الأحزاب بتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة تحالف كبير.والوزارة القائمة على أساس الائتلاف الذي يضم أغلبية برلمانيه أكثر استقراراً وأطول عمراً من وزارة الأقلية البرلمانية. ففي الوقت الذي تكون فيه الأولى معرضة للصراعات الداخلية فإن لديها أسباباً أقل من الأخيرة للقلق من مواجهة التصويت بحجب الثقة 
والحكومات الائتلافية أكثر شيوعاً في البلدان التي يقوم فيها البرلمان على التمثيل النسبي لعدد من الاحزاب . أما في الأنظمة شبه الرئاسية كما في فرنسا التي يقوم رئيس الجمهورية رسمياً بتعيين رئيس الوزراء ولكن يتعين على الحكومة برغم ذلك الحصول على ثقة البرلمان فتظهر الحكومات الأئتلافية بشكل منتظم. وقد حكمت سويسرا حكومة ائتلافية مؤلفة من أقوى أربعة أحزاب في البرلمان منذ عام ١٩٥٩وتسمى حكومتها بحكومة الوصفة السحرية. ويتم في بعض الأحيان تشكيل الحكومات الائتلافية في أوقات المصاعب أو الأزمات التي تعصف بالبلد كما في أوقات الحرب وذلك لمنح الحكومة درجة أكبر من القبول والشرعية وكذلك لتخفيف حدة النزاع السياسي الداخلي.
. ففي المانيا على سبيل المثال تعتبر الحكومات الائتلافية هي القاعدة لأنه يندر أن يفوز أي حزب  فيها بأغلبية مقاعد البرلمان، أما في بلجيكا حيث توجد احزاب  للناطقين بالهولندية وأخرى للناطقين بالفرنسية  فإن وجود ائتلافات تتكون من ستة أحزاب أمر شائع. والائتلاف الحاكم في الهند (التحالف التقدمي الموحد) فيتألف من 14 عشر حزباً مختلفاً. أما فلندا فقد شهدت أكثر الحكومات استقراراً منذ الاستقلال في ظل تحالف مؤلف من خمسة أحزاب . وفي بريطانيا لم تتشكل الحكومات الائتلافية (وتسمى الحكومة الوطنية) منذ عام ١٩١٥ إلا في أوقات الأزمات الوطنية، وأبرزها تلك التي حكمت للفترة من ١٩٣١ – ١٩٤٠ .
نلاحظ ان الحكومة الائتلافية هي علاج في وقت الأزمات في اغلب البلدان ولكن في العراق وفي أوج الأزمات التي يعيشها نرى البعض يطالب بإلغاء الحكومة الائتلافية بحجة وزراء تكنوقراط ولا اعرف ما الربط بين التكنوقراط والمحاصصة او حكومة الائتلافات ؟!
لذا نجد ان المرجع اليعقوبي حفظه الله كان واضحا وأشار الى هذه الفكرة في لقاءه مع رئيس بعثة الامم المتحدة يان كوبيتش  بخصوص تقديم رئيس الوزراء العراقي كابينة وزارية مستقلة حسب ادعائه ، بقوله
ورغم أن هذه الخطوة ساهمت في نزع فتيل أزمة شديدة ووفّرت أجواء إيجابية للحل الا أنها لم تخرج بشكل صحيح وشابها الكثير من الغموض والارباك وعدم مشاورة الشركاء في وقت يحتاج فيه السيد رئيس الوزراء الى اصطفافٍ سياسيٍ واسعٍ معه لتجاوز الأزمة الاقتصادية وتطهير البلاد من دنس الإرهاب وإعادة النازحين والمهجرين الى مناطقهم، ولا زالت فرصة المشاورة والمشاركة موجودة بعد وضوح المطلوب لدى الكتل السياسية.
وأخيرا نقول ان الحكومة الائتلافية هي أفضل للعراق في ظل الوضع الراهن ولكن المشكلة ليس بتشكيل الحكومة إنما المشاكل كثيرة ومعقدة نحتاج الى إرادة قوية لحلها. 
ومن الله نستمد العون

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب