18 ديسمبر، 2024 4:49 م

الحكومات الشيعية بين الماضي والحاضر

الحكومات الشيعية بين الماضي والحاضر

 

  ملخص كتاب / الحكومات الشيعية بين الماضي والحاضر.. وفكرة المخلص العقائدية من الانفعال المذهبي الى التأمل العقلي( دراسة تاريخية) .

أعداد وتحرير/ شاكر عبد موسى

مكان الطبع   / المكتبة العربية للنشر والتوزيع – مصر

الإخراج الفني/ جمال عبد الرحيم

الطبعة / الأولى

رقم الايداع / 1618l2023

الترقيم الدولي/ 978-977-8973-02-0

 

ملخص العمل:

الكتاب يتحدث عن حكم الطائفة الشيعية لبعض دول وأقاليم عالمنا العربي والإسلامي خلال فترات حكم الدولة العباسية وما بعدها.. حتى يومنا هذا , كما تطرقت الى فكرة الأمام المهدي التي هي قضية الشيعة المركزية وبعض أهل السنة والجماعة والانتظار المزعوم لتلك الشخصية ورأي المستشرقين بهذه الشخصية باعتبارها شخصية جدلية بين جميع الأطراف. 

أن إحياء قيم الإسلام الحقيقية والتخلص من الموروث السلبي القادم من عفن التاريخ العربي الاسلامي , والسير في طريق الاصلاح الحضاري سوف يجنب الامة الحروب والتفجيرات الانتحارية والطائفية البغيضة وسفك الدماء , كما حدث ويحدث اليوم في العراق وسوريا واليمن وباكستان وأفغانستان ، مع ضرورة خلق الفاعلية الحضارية للمسلمين عن طريق تفسير نهضوي لقيم الإسلام ومبادئه.. إن هذه العملية هي مرتكز مشروع الإصلاح، وهي الإطار النظري له.. فكل حقيقة تتغذى من الأخرى، ولكن جذر المشكلة هو التطرف والاحتقان الطائفي .

هذا الاحتقان الطائفي والتطرف في العالم الإسلامي وما نتج عنه من اقتتال داخلي وعدم احترام الآخر والاستبداد بالرأي ونفي المخالف حتى وان كان من نفس مذهبه ومعتقده وتكفيره وحصر الحقيقة كل لمذهبه , سبب هذا كله هي القراءات الرسمية الموجودة في الحوزات والحواضر العلمية سواء كان في مدن النجف / العراقية او قم /  الإيرانية او الازهر/ المصرية او في  مكة والمدينة المنورة  / السعودية!!.

ولذلك الآن نجد ان التكفير وأقصاء الآخر ليس سني – شيعي فقط كما يتصوره البعض وينظر اليه ,بل صار التكفير وأقصاء الآخر أيضا شيعي – شيعي وسني – سني!!.

 

تمهيــــــــــــــــــد :

هل حكم الشيعة كطائفة العالم العربي والإسلامي… متى وكيف ؟

سوف نحاول الإجابة بشكل مختصر على سؤال البعض من الناس ممن لا يعرفون التاريخ بشكله الواسع, وليس لديهم معلومات عن حكم الشيعة جنباً مع جنب مع الحكم العباسي ( 132- 922هـ) , حتى دفع البعض منهم للقول بأنهم كانوا مضطهدين طوال فترة حكم الدولة العباسية في العراق (132-656هـ) الذي دام 524 سنة , وفترة حكمهم في مصر (659-922هـ) تحت ظل دولة المماليك الذي دام 263 سنة .

لا تقتصر التجربة الشيعية في الحكم على الدول الواردة في هذا الكتاب، والتي هي دول وممالك حكمت بالمذهب الشيعي أو اعتنق قادتها المذهب ولها تأثير مهم في التاريخ الإسلامي مثل (الإمارة الحمدانية 293–406)هـ في مدينتي الموصل وحلب ,  والصفويون في إيران ( 1501-1736م ) ، والقرامطة في شبه الجزيرة العربية (899- 1077م ) وغيرهم. 

حتى المغول بعد دخولهم بغداد عام 1258م … أذ انهم دخلوا الاسلام على يد اثنين من اهم علماء الشيعة و هم الخواجة نصير الدين الطوسي و العلامة الحلي , و اول المغول اسلاما هو (احمد بن هولاكو) و من ثم اسلم جميع اخوته و اسلم هولاكو ( لفظيا فقط) .. هذا ما يدلل الاسباب الحقيقة وراء وقوف مفكري الفكر القومي العربي و الاسلام السني الطائفي خلف تشويه صورة المغول اللذين دخلوا كغزاة الى بغداد في بادئ الأمر . () 

وتمكن أحد أحفاد جنكيز خان، هولاكو (1252 -1265) م من الاستيلاء على بلاد فارس (إيران) بناءً على أوامر من أخيه مونغكي أو منكو خان، الذي أصبح خاقانا أكبر (حتى سنة 1256).

 قام هولاكو منذ / 1258 م بقيادة الحملة المغولية على العراق وبغداد , تلقب بالـ”إلخان” (الخان الأصغر، أو الثانوي) اعترافا بسلطة أخيه الخاقان الكبير عليه. 

في عهد خان غازان (1295-1304) م ، اعتنق هذا الأخير الاسلام وجعله دين الدولة الرسمي. تحول أخوه محمد خدابنده أولجاتو بن أرغون (1304-1316 م) ثامن ملوك الإلخانية إلى المذهب الشيعي, وهو أبن حفيد هولاكو , عرفت البلاد في عهديهما أوجها السياسي وازدهرت الثقافة. 

ذكر في كتاب تاريخ العلويين لمؤلفه محمد أمين غالب الطويل  فصل (التيمورلنك) ص334-339 الاتي :

( قبل سفر( تيمور لنك 1336-1405) جاءت إليه العلوية ” درة الصدف” بنت “سعد الأنصار”، ومعها أربعون بنتاً بكراً من العلويين ، وهن ينحن ويبكين ويطلبن الانتقام لأهل البيت وبناتهم اللاتي جيء بهن سبايا للشام ، فوعدها تيمور بأخذ الثأر ومشت البنات العلويات مع تيمور وهو ينحن ويبكين وينشدن الأناشيد المتضمنة للتحريض على الأخذ بالثأر , فكان ذلك سبباً في نزول أفدح المصائب التي لم يسمع بمثلها بأهل الشام , ومن بعد الشام ذهب تيمور لبغداد وقتل بها تسعين ألفاً ). ()

ويرى القزويني أن تاريخ الاضطهاد الطائفي ضد الشيعة بدأ في مصر وبلاد الشام عند سقوط الإمبراطوريات الشيعية، وهي الدولة الفاطمية في مصر على يد صلاح الدين الأيوبي (567هـ/1171م) ، والدولة الأتابكية البورية على يد نور الدين زنكي عام (549هـ/1154م) .

وبعد تفكك (الدولة الايوبية 567-648هـ) نهض المماليك الأتراك للسيطرة على زمام الحكم في مصر، وكانت سياستهم مشابهة ـ بحسب النصوص ـ لسياسة أسلافهم في محاربتهم للتشيع في مصر وبلاد الشام.

لقد اخترت ثمانية أشكال من الحكم في هذا الكتاب مختلفة التفاصيل: أولها الحكم السياسي الشيعي وليس المذهبي المتمثل بالأدارسة، ثم الحكم على شكل خلافة شيعية إسماعيلية مثل الفاطميين، ونهاية بدولة شيعية توافقية مع السنة والأكراد بعد سقوط نظام صدام حسين المجيد عام / 2003م في العراق.

 

                        جدول توضيحي يمثل حكم الطوائف الشيعية منذ العصر العباسي حتى اليوم

ت أسم الدولـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة فترة الحكم مدة الحكم / سنة
1
  1. دولة الأدارسة – الزيدية الأولى في المغرب العربي.
  2. دولة الأدارسة – الزيدية الثانية/ دولة بني حمود في الأندلس. 
172- 375 هـ

407-450هـ

203  

43        

2 الدولة الزيدية في اليمن 284- 1382هـ 1098
3 دولة القرامطة – الإسماعيلية في مدينة الأحساء 285- 470هـ 185
4 الدولة الحمدانية – الأثناء عشرية في مديني الموصل وحلب 293- 406 هـ 113
5 الدولة الفاطمية – الإسماعيلية في المغرب ومصر 296- 567 هـ 271
6 الدولة البويهية – الاثنا عشرية في أيران والعراق 321- 447 هـ 126
7 الدولة الشيعية الاثنا عشرية في أيران 922- 1444 هـ

1501- 2023م

522 ولحد الأن
8 الدولة الشيعية التوافقية الاثنا عشرية في العراق 2003-2023م 20 ولحد الأن

 

فكرة المخلص قديماً وحديثاً

لا بد من الفهم بأن فكرة المهدي تنتمي في جوهرها الأساسي ،الى ما تعارف عليه علماء الأنثروبولوجيا بفكرة الانبعاث التي ارتبطت بأقدم معطيات البشرية الفكرية، ولنا ان نتساءل اليس لفكرة الآلة الذي يموت في الاساطير وبموته يحل في الارض الخراب ثم يبعث من جديد فتملأ الارض خضرة وربيعا علاقة بفكرة المهدي المنتظر الذي سيملأ الارض عدلا بعد ام ملئت ظلما وجورا. 

لقد كانت المناطق المحيطة بالبحر المتوسط مكانا لمثل هذه الافكار،فمنذ عهد الاغريق القدماء يموت آودونيس ثم يبعث فتبعث معه الحياة ،وهو عند البابليين تموز ،وعند المصريين أزوريس، وعند سكان اسيا الصغرى آيتس ..ويلاحظ ان هذه الاسماء كلها ليست الا اوجها متعددة لتسمية واحدة وفكرة واحدة هي فكرة البعث بعد الموت :”انظر( الكتاب المقدس الاصحاح الثامن ص1185).
وليس من شك في ان فكرة المهدي في الاسلام ذات علاقة وثيقة بفكرة المنتظر المسيح الذي سيبعث بعد موته، حتى ان بعض الشيعة من المسلمين يعتقدون ان بعث المهدي يرافقه بعث المسيح وبعث السيد الخضر ،(الطبري دلائل الامامة ص72.)
ولقد اكتسبت فكرة بعث المهدي في الاسلام اهمية عظمى بعد ما تناقلت كتب الاحاديث المزورة قول الرسول (ص) لا تقوم الساعة حتى تملأ الارض جورا وظلما وعدوانا فيخرج من اهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا اسمه اسمي وكنيته كنيتي..(الطبقات ابن سعدج5 ص68).

عقيدة المهدي:  دخلت الفكر الشيعي منذ البداية .. ثم تناقلها الخلفاء العباسيون حتى غدة شعارا يرفعه كل الثائرين والخارجين على حكوماتهم , لذا رفضها ابن خلدون وعدها نزعة عصبية في الاسلام .
ثم تبناها العباسيون وخاصة عهد المنصور العباسي (ت158 للهجرة) ليضيفوا شرعية لحكمهم الطويل بعد ان فشلوا في الحصول على شرعية له , والمنصور نفسه يعرف ان ابنه المهدي ليس هو المهدي المقصود.. لكنه اصر وسمى ولقب محتضنا فكرة رائعة يستطيع بها ان يدعم اركان سلطانه اللاشرعي الذي قام على السيف لا العدل , لأنه ادرك ان لهذه الفكرة سحراً رائعاً في آذان الناس، وهي طريق صائب لولاء الرعية .
لكنه ما درى ان التخلي عن التعصب في الدين امر ضروري لمعرفة الحقيقة الدينية التي تتغير وتتطور بمرور الزمن وهي ليست مطلقة ومنقوشة فروق حجر.. من هنا استخدم المنصور اصحاب القلم لتأييدها فهم الاسرع في الخيانة ، لانهم الاقدر على تبريرها كما نشاهد اليوم عند المثقفين الخونة وباعة الاوطان منهم ومن المعممين الذين يدعون لتطبيق الدين بعد ان انهارت قيم الحياة المقدسة عندهم واصبحوا يتعاملون من نظريات الفساد والتعامل معها بشطارة لأسقاط قدسية النضال والدين معا. (الدكتور عبد الجبار العبيدي/ مقالة بين الحقيقة والخرافة.. في دولة الإسلام.. جدلية حقيقة نظرية المهدي المنتظر- الحلقة السادسة / موقع كتابات في 16 أيلول 2023.)